رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة حناء على ضي قمر النوبة «قصة مصورة»

فيتو

في بيت من بيوت النوبة العامرة، وفي ليلة من ليالي الصيف الحارة ذات السماء الصافية والنجوم المتلألئة، احتفلت أسماء، العروس السمراء، مع الأهل والأصدقاء، بقرب زفافها على محبوب الطفولة والصبي، ابن عمها محمود، الشاب النوبي المقدام، الذي طالما حلم بأن يجمعه وعروسه، أجمل فتيات العائلة، بيت صغير على الطراز النوبي، مطل على نهر النيل ويعلوه برج الحمام، يملؤه هو وهي وأبناؤهم فيما بعد، قدر وفير من الحب والود والاحترام.


وفي ليلة الحناء، آخر ليلة للعروس في بيت أبيها، وقفت الفتاة العشرينية، أمام مرآة غرفتها تتأمل ملامحها وتسترجع معها ذكريات الماضي، تحاول أن تستشرف المستقبل، وتستوعب الحاضر السعيد، وأنه بالفعل قد تحقق حلم العمر، لتبدأ بعدها مراسم الاحتفال بالليلة. 


وعلى نهج الأجداد احتفلت العروس بليلة الحناء، وتجمعت نساء القرية المختصات في رسم الحنة على الطريقة النوبية، بالإضافة إلى عدد من الصديقات القادمات لإعداد العروس لليلة الزفاف.

بدأت «الحنانة» في رسم الحنة ذات الأشكال الزخرفية البديعة على جسد العروس، باستخدام زجاجة يطلق عليها النوبيات «المحلبية»؛ لتضفي على الحنة اللون الأسود اللامع.


وحرصت الصديقات وفتيات العائلة على رسم الحنة على أيديهن وأرجلهن، وسط همسات وضحكات ومداعبة للعروس، يشردن للحظات بخيالهن إلى يوم ستصبح كل منهن موضع أسماء، العروس الجميلة، ولكن سرعان ما يعدن لأرض الواقع، ويلتقطن الصور التذكارية مع العروس، مخلدين هذه اللحظات الجميلة.

ارتدت أسماء في بداية الليلة زيا فلكلوريا مزركش الألوان يسمى «الجرجار»؛ استعدادا لمرحلة أخرى من التزيين، وهنا ينتهي دور الحنانة، ليبدأ دور «المزينة» أم محمد، صديقة العائلة منذ سنين طويلة، في تجهيز العروس وتصفيف شعرها، وتزيينها بأحدث مستحضرات التجميل التي وصلت إلى النوبة.



بعد انتهاء «المزينة من عملها» ارتدت أسماء زيًا أحمر اللون يسمى «الساري»، وهو الزي الرسمي للحنة في النوبة، وتحلت بما تمتلكه من ذهب ومجوهرات، فمن عادات النوبيين عند الزواج أن يشتري العريس كميات كبيرة من الذهب، وإهدائها للعروس في إشارة منه لتقديرها وحبه لها.



وتعطرت العروس بعد ذلك بالعطور، وبخرت ملابسها بنوع خاص من بخور الصندل.


ويتم تجهيز العروس، بينما أهل العريس يجلسون خارج غرفتها، في انتظار بروز القمر ليلة تمامه، وأخيرا تخرج العروس في كامل زينتها، يستقبلها محمود، رفيق دربها وبطل قصتها، بنظرات الشوق والانبهار، وسط دموع الأم، ودعوات الجدة، وزغاريد الخالات والعمات.


واصطحب محمود عروسه إلى درجات السلم، هامسا في أذنيها بكلمات العاشقين، معبرا عن إعجابه بطلتها المشرقة، قاصدين الشارع لاستكمال ليلتهم بين محبيهم من أقارب وجيران.



واستقبلت الفتيات العروسين خارج الباب الحديدي بالورود على هيئة قلوب، كمظهر مستحدث من مظاهر الحنة في النوبة، وتحت ضي قمر النوبة المنير وأضواء القناديل، دقت الدفوف وتعالت أصوات الرجال والنساء بالأغنيات النوبية الفلكلورية، التي ظل الجميع يرقص على أنغامها إلى طلوع الفجر، ليعلن عن بداية يوم جديد يحمل في جعبته تفاصيل ليلة العمر لأسماء ومحمود.





الجريدة الرسمية