رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لا تخرج قبل أن تقول «يا مثبت العقل يا رب»!


ما بين التهويل والتهوين تضيع دوما الحقيقة، ولكن الحقيقة الوحيدة العارية في مصر هذه الأيام أننا جميعا نعرف كل شىء حولنا ولسنا مغيبين، بل إننا نسعى لتغييب أنفسنا بمزاجنا الخاص سواءً كان ذلك على المستوى الفردى أو المستوى العام أو من جانب الحكومة القادمة وهذا هو أسوأ أنواع التغييب على الإطلاق !


فما حدث هذ الأسبوع يبدو متناقضا ومتنافرا وبعيدا عن بعض البعض ولكنه في الحقيقة غير ذلك تماما، مصر كلها منصهرة في بوتقة واحده قوامها فرض التغييب بالغباء بناءً على فرضية أن هذا الشعب غبى ولا تصله المعلومات لوجوده في نجع بعيد في قاع الدنيا في القرن الخامس عشر!، مثلا لو نظرنا لقضية الأسبوع التي تم حظر النشر فها كعادة كل القضايا الحساسة لا لطبيعتها الأمنية أو الوطنية بل لأنها تمس أشخاصا ذوى حيثية أو بلغة الشارع واصلين أو وفقا لمفردات عادل إمام عندما كان يقدم فنا حقيقيا..الحكومة.. مش أنتم الحكومة برضه !

الحكومة تحظر النشر في قضية عرف تفاصيلها الأطفال قبل الكبار من على صفحات فيس بوك وتويتر وغيرها من وسائل الاتصال الاجتماعى التي لا يقف أمامها قرار أو حظر من أي نوع.. ما فائدة الحظر إذن خاصة بعد أن صارت مادة للسخرية على ملايين الصفحات التي كانت تمزح قائلة إنها تحترم قرار حظر النشر عن المتهم فلان واضعة صور لسيادته وليست صورة واحدة !

الفائدة الوحيدة التي كسبتها الحكومة هي كمية السخرية والشماتة أيضا الواضحة في تعليقات من كسروا حظر النشر على صفحات الإعلام الحقيقى البعيد عن اتحاد الإذاعة والتليفزون المصرى الذي لا يتابعه أحد والمدين لنا نحن الشعب بـ 22 مليار جنيه قابلة للزيادة بمقدار 4 مليارات سنويا !

جهاز بائس قائم في أغلبه على التعيين الوراثى لعائلات بعينها كحالة معظم الوظائف المرموقه والمحظوظه في أم الدنيا، بعيدا عن الكفاءة والتمييز الذي لا تعرفه تعيينات السادة الكبار والذين تتم حمايتهم وتأمين مستقبلهم بل ومستقبل جيناتهم القادمة لقرون من جيوب المصريين البسطاء الذين يتحملون همهم وبلاويهم !

أربعة مليارات سنويا خسائر لجهاز به أكثر من أربعين ألف موظف عدد من يتابع عملهم وبثهم يقل عن متابعى أحد نشطاء الإعلام الواقعى الحقيقى المنتشر على صفحات التواصل الاجتماعى أو على محرك بحث مثل جوجل أو موقع إخبارى حديث !

كل تلك المليارات لو تم توفيرها لمن وصفهم الرئيس بـ (نور عينيه) كان سيكون له مردود أكبر وتأثير أعمق على شعبية الرئيس التي ينال منها كل خبر يسهم في إخفاء الحقيقة المفضوحة عند كل الشعب، على اعتبار أن الناس في مصر تعودت أن الرئيس هو كل شىء والحكومة هي الرئيس لدرجة أن أحد الموظفين البائسين في وزارة التربية والتعليم التي لا حاجة لنا بها في مصر، قدم نفسه كـ (ممثل الرئيس السيسي!) لأحد أصدقائى المعلمين عندما كان سيادته في جولة تفتيشه على أحد الفصول !

مساخر وأداء حكومى عبثى في عصر صار العالم كله شبكة واحدة بدايتها في يدك ونهايتها في يد صديق لك يحركها بالتبادل معك بلمسة على شاشة في حجم كف اليد !

مليارت ضائعة كانت كفيلة بتحسين حالات مساكين البطاقة التموينية التي تهورت الدولة ومنحتهم سبعة جنيهات بحالها في رمضان الماضى.. سبعة جنيهات يعنى أقل من دولار أمريكى.. شوف إنت بقى ممكن تفسد وتجيب بيهم إيه ولا إيه أو ممكن تضارب بيهم في البورصة !

هي ذاتها نفس الدولة التي ستوزع جنيهات ذهبية بقيمة 22 مليون جنيه على السادة الضيوف في حفل افتتاح 6 أغسطس القادم والذي أترك لكم وصفه.. قناة سويس جديدة، تفريعة، محور... سمها كما شئت حسب قناعتك !

هي ذاتها نفس الدولة ونفس الحكومة التي بشرتنا بالأمس بزيادة عقود إذعان الكهرباء والتي تخيل في مؤتمرها الصحفى وزير الكهرباء أنه يمن علينا قائلا بأن وزارته ستتحمل فرق رفع سعر الدولار وهبوط قيمة الجنيه... ولا تخرج قبل أن تقول سبحان الله فنفس الحكومة هي من خفضت سعر الجنيه منذ أسبوعين ولمرتين على التوالى ثم تشتكى... يا حبة عينى !

هي نفس الحكومة التي يصر المهندس محلب على إبهارنا بقراراتها العجيبة عندما يحظر محافظ لديه سير التوك توك في شوارع القاهره والجيزة ويفرض غرامة قدرها 1500 جنيه على تسييره ثم يدعو الشباب للعمل سائقي توك توك... هيا نحظر النشر يا باشا... لا تخرج قبل أن تقول يا مثبت العقل يا رب !
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية