رئيس التحرير
عصام كامل

تحالف «مصري- إيراني» لمواجهة أطماع تركيا في المنطقة!


ابتداءً.. وحتى لا يزايد عليَّ أحدٌ.. فأنا أتبرأ إلى الله من كل شخص يسب الصحابة، رضوان الله عليهم، أو يتقول على رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم.. ولن أدخل في جدل عقيم حول موقفنا، نحن «بلد الأزهر»، من إيران.. نمد جسور الود معها أم نقطعها؟ نتقارب معها سياسيًا، وعسكريًا، واقتصاديًا، وثقافيًا، أم ندير لها ظهرنا، حتى لو كانت مصلحتنا، أو جزء من نهضتنا في التعاون مع طهران؟!


وقبل الإجابة عن هذه التساؤلات أرجوك أن تترك مسألة الاختلاف المذهبي والعقائدي جانبًا.. ودعك من «زعل السعودية».. فنحن هنا نتحدث عن «المصلحة»، ولم أتطرق إلى «الدين» من قريب ولا من بعيد.. فـ«الدين لله، والاستثمار للجميع»، و«حيثما توجد المصلحة، فَوِّلِ وجهك شطرها».

وإذا كان «سب الصحابة، والرغبة في الهينمة على بلاد السنة» مبررات رفض التقارب مع إيران، فالأولى قطع تعاوننا مع الكيان الصهيوني، الذي يسب رسولنا الكريم، ويدنس المقدسات الإسلامية.. فـ«الشيعة»، باستثناء مَنْ يسبون الصحابة، «مذهب من مذاهب المسلمين، لا يجوز تكفيرهم، أو إخراجهم من الملة»، بحسب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.

لقد ضربتُ «كفًا بخد» عندما قرأت تصريحات وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري، التي قال فيها إن «حجم التبادل التجارى بين "أبو ظبي" وإيران بلغ 17 مليار دولار بنهاية عام 2014، وأن طهران تأتي في المرتبة الرابعة بالنسبة للأهمية النسبية لحجم التجارة الخارجية للإمارات مع بقية دول العالم». بينما انخفض حجم التبادل التجاري بين مصر وبلاد فارس إلى «100 مليون دولار فقط»، طبعًا «حاجة تكسف».

إيران، التي تحتل ثلاث جزر إماراتية بمثابة كنز إستراتيجي لطهران، على رأس قائمة الدول التي تستثمر في الإمارات.. بل إن «المنصوري» أكد سعي بلاده إلى «توسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والاستثمارية مع إيران، والعمل المشترك على الاستفادة من الفرص المتاحة في البلدين لتشجيع الاستثمارات المتبادلة والمشاريع المشتركة بينهما».. فهل يمكن اتهام مسئولو الإمارات بـ«التعاون مع المحتل المغتصب؟!»

ولم يتوقف التعاون العربي مع إيران عند الإمارات فقط، بل هناك العديد من الدول التي تقيم علاقات تجارية وتعاون اقتصادي واستثماري مع طهران، على رأسها العراق، تليها الكويت وقطر، وسوريا ولبنان، وغيرها.

وبحسب خبراء متخصصين، فإن الاتفاق النووي الإيراني، ورفع العقوبات عن طهران سيعيدان ترتيب ملامح خارطة الاستثمار في المنطقة بكاملها، ويعني جذب استثمارات عربية إلى إيران تتراوح ما بين 600 و800 مليار دولار خلال العقد المقبل.. فأين نحن من كل ذلك؟ نحن مشغولون بـ«النبش» في قلوب وعقول الإيرانيين، ونطمئن إلى أن تعاوننا مع «الأنجاس، وأحفاد القردة والخنازير» أفضل من تعاوننا مع فصيل منا، شئنا أم أبينا.

والواضح لكل ذي عينين، أن منطقة الشرق الأوسط يعاد تشكيلها الآن، وإيران مرشحة بقوة لأن يكون لها النصيب الأكبر من كعكة المنطقة، والأفضل للرئيس عبد الفتاح السيسي أن يولي وجهه شطر طهران، أسوة بالصين وروسيا، ويمد جسور التعاون مع طهران في شتى المجالات التي يمكن الاستفادة العاجلة منها، فالتعاون مع الجمهورية الإيرانية، قد يزيد على حجم التعاون الاقتصادي الذي بيننا وبين الدول التي وقفت معنا في أزماتنا، ومنحتنا بضعة مليارات، بينما تستثمر آلاف المليارات من الدولارات في بلاد «الغرب الكافر»!

إن تحالف مصر مع إيران عسكريًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، يتوافق مع النهج الروسي والصيني، هذا أولًا، وثانيًا، ربما يسرع في إنهاء أزمة سوريا، وما أدراك ما أهمية سوريا بالنسبة إلى مصر!

أما الأهم من ذلك كله، فإن التقارب «المصري- الإيراني» سيواجه الأطماع التركية في المنطقة، وسعي أردوغان وحلفائه إلى احتلال سوريا، بزعم الحرب ضد «داعش».. فالخوف ليس من سيطرة الإيرانيين على «دمشق»، وإنما التخوف الأكبر من «العثمانيين»، الذين اقتطع أجدادهم «لواء الإسكندرونة» من سوريا عندما احتلوها.. أما بالنسبة لمسألة التخوف من سعي إيران لنشر المذهب الشيعي، فإن الخوف ليس من «التشيع»، ولكن من ضعف إيمان أهل «السُنة»!
سيادة الرئيس.. اعقلها وتوكل.. وخذ حذرك.
الجريدة الرسمية