رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خَدنا أيه من القناة القديمة لما بيعملوا جديدة؟!


بعض البشر لا يفرقون كثيرًا عن البومة والغراب، تلاقي النعيق والنبر والتفقير شغال في كُل كلامهم، لا تشاؤمًا أو عن تفكير فاشل، بقدر ما هو ناتج عن استسلام مُخزٍ لنعيق ونباح إعلامي إخواني، كُل همَّه بث الأكاذيب العبيطة في العقول، وإن كُنا لا نلوم الإخوان في سعيهم لتحقيق مبتغاهم، لكن نلوم مَن يتبعهم أو يثق فيهم، ويظن - بمنتهى السذاجة - أنهم عاوزين أي مصلحة للوطن أو الشعب، فأيضًا لا يُمكن أن نلوم أصحاب العقول المصديِّة، لكن علينا أن ندعي لهم بالرحمة وهم أحياء من غير ما يكونوا أحياءً، حاجة كدة على طريقة (عمرو دياب) أنا عايش ومش عايش!


سألني أحدهم بكُل جدية: وإحنا كُنا خدنا أيه من قناة السويس القديمة، علشان ناخُد من القناة الجديدة؟.. كان علىَّ أن أُذكره بأكاذيب الإخوان ومَن على شاكلتهم من الثورجية أصحاب الغرض الخبيث أو ذوي السذاجة السياسية والاقتصادية، وهُم يؤكدون أن دخل قناة السويس لوحده مُمكن يصرف على مصر من الألف للياء، ويستِّتنا في بيوتنا من غير ما نشيل فاس، ولا نمسك مُفتاح 14، ولا قلم أو كيبورد علشان نكتب، وكان أول ما فعله الإخوان والثورجية بتوع عصير الليمون لما وصلوا للحُكم، إنهم لم يستتونا بدخل قناة السويس في بيوتنا، ولم يشتروا لنا حتى قلم جديد، وإنما قعدوا يندبوا على التركة الخربة، ومشروع النهضة بتاع الفنكوش، وبعدين راحوا يستلفوا من صندوق النقد الدولي، إللي أصبحت فوايده حلال فجأة، بعدما كانت أكثر حرمانية من زنا المحارم!

لكني لم أشأ أن أذكره بذلك؛ كي لا ندخُل في ديلمة حوارية، وللعلم كُل محاولة حوار مع إخواني أو واحد من إياهم ستنتهي بديلمة حوارية لا نهاية لها، لكني قلت له: تفتكر مصر صرفت كام علشان تستعيد سينا؟.. فلوس وأرواح ومصابين؟.. قال لي: كتير.. فسألته مُجددًا: طيب إحنا أخدنا أيه من سينا لما رجعناها؟.. طبعًا كان رده: مش فاهم!

يعني مفيش واحد فينا راح جاب مقطف فيروز من أرض سينا حطه في بيته وقال ده منابي، هو حضرتك فاكر أنك هتروح تقعد على المكتب في مدخل القناة، وتقطع تذاكر للسفن إللي رايحة وجاية، وتاخُد الإيراد وتروَّح بيه ع البيت؟.. واللا المفروض أول كُل شهر الهيئة تقول يا مصريين القناة عملت الشهر ده مبلغ كذا، لما يتقسم على 90 مليون، يكون مناب كُل واحد كذا، تحبوا نحولها لكم على البيت؟، واللا نشحن لكم بيه رصيد على الموبايل؟، واللا تصيفوا بيه في السخنة أو مارينا؟!

لو كان كدة ماكانش حد غلب، طيب تقدر تقول لي إحنا بالمناسبة هنستفيد أيه من صفقة طائرات الرافال الأخيرة؟.. يعني لو أنا مزنوق في مشوار ع السخان، مُمكن أخد نصيبي من الصفقة بأني أطلب طيارة من دول ترميني بسرعة في المهندسين أو في آخر فيصل، بعيد عن الزحمة والخنقة والحَر، وجشع سواقين التاكسي، وبلطجة بتوع الميكروباصات؟!

هو الدولة لما بتستصلح أراضي جديدة، هل المفروض نروح نجيب من هناك المانجة والعنب والموز ببلاش؟، على أساس أن دي مصلحتنا ونصيبنا؟.. طيب ماذا عن شبكة الطرق؟.. هو المفروض أني أعدي على كُل طريق جديد بيتعمل، وإلا هكون مااستفدتش منه؟

أولًا لو روحت عديت ماحدش هيمنعك، لكن في نفس الوقت أرجوك لا تنس أن مش ضروري حضرتك بنفسك تعدي على الطريق علشان تستفيد منه، بدليل أنك عُمرك ما روحت ميناء إسكندرية أو دمياط أو بورسعيد مثلًا، ومع ذلك بتستفيد منهم، ومن البضايع إللي بتوصل لهم من برَّة، تعرف أنك بتستفيد من البنوك من غير ما تروح تحُط كل يوم شوية فلوس في كيس، وتروح تفرقعها في المول أو السوبر ماركت، وأنك حتى بتستفيد من السجن من غير ما تدخله وتعيش فيه؟.. كفاية أنه بيمنع عنك البلاوي والمجرمين وأرباب الإخوان والإرهاب!

هل تعلم أنك مستفيد من عم (إبراهيم) البقال، والحاج (علاء) الجزار، والأسطى (جمال) الميكانيكي، رغم أنك مابتاكلش لحمة كل يوم، ورغم أن ماعندكش عربية ملاكي أصلًا؟.. آه طبعًا، ما هي الناس دي لما بتدفع ضرايب، أنت بتستفيد من الضرايب دي حضرتك، فما بالك بدخل المشروعات القومية العملاقة، وتأثيرها على تنمية الاقتصاد القومي، خصوصًا أن الاقتصاد ده بيتلكك على أي زيادة للتغلب على عجز الموازنة، وتقليل نسبة الدين العام، والخراب والطرمخة إللى البلد شغالة فيهم الله ينور من أربع سنين، وتضاعف ذلك بالتخريب مع سبق الإصرار للمنشآت ومحطات الكهرباء وخلافه على أيدي الإخوان وأذيالهم، ويفترض أن كُل الإيجابيات دي في النهاية بتكون لصالح المواطن، إللي هو حضرتك، مش عن طريق أنك تاخُد صابونة ببلاش من البقال، أو حتة كوارع سفلقة من الجزار، أو رفرف عربية جدعنة من الميكانيكي، لكن عن طريق خدمات (صحية - أمنية - بنية تحتية - تعليمية)، وضبط أسعار، وإيجاد فرص عمل لكل محتاج!

عزيزي المواطن الغلبان، والله العظيم أنا عاذرك؛ لأنك مضحوك عليك بأفكار عبيطة، طيب تقدر تقول لي أنت بتفرح ليه لما منتخب مصر بيكسب كأس الأمم؟.. أكيد أنت مش بتروح تاخد مكافآت معاهم، وأكيد كمان مش بتاخُد ميدالية ذهب ولا حتى شراب وشورت وفانلة وكاب، ومش معقول هتاخُد الكأس تقعده عندك في صالون بيتكم ساعتين تلاتة، وماذا عن بطولات الأهلي لو كنت أهلاوي، أو الزمالك إذا كنت زملكاوي؟!.. شوفت أن الأمور لا تقاس بالاستفادة المباشرة، على طريقة فيها لأخفيها؟!

حضرتك بتستفيد أيه من الرواج السياحي، مع أنك مش بتروح تنزل البحر مع السياح، ولا تتصوَّر معاهم سيلفي بُق البطة، وجايز تكون عمرك ما شوفت شرم الشيخ ولا الغردقة إلا في التليفزيون، بس أكيد السايح مش بيجيب لك بالطو فرير أو جزمة كوتشي أديداس أصلي وهو جاي من بلده، لكن الموضوع بيتخطى ذلك بإدخال العُملة الصعبة للسوق المصرية، ينعش الاقتصاد، يبسط حضرتك لما الاقتصاد ينتعش، يشغَّل ناس في الفنادق والقرى والمطاعم والبازارات، فتقل نسبة البطالة، فتنخفض معدلات الجريمة مثلًا!

يا سيدي الفاضل مش كُل الاستفادة لازم تبقى مُباشرة، مشروع قناة السويس - إن أردت أن تفهم - هو مُجرَّد داعم للاقتصاد الوطني، مش اغرف له وعبيله، هو مشروع الغرض منه إيجاد المزيد من فرص العمل، ورفع مُعدلات الدخل القومي، وتحسين مركز مصر أكثر في العالم عن طريق استغلال أهم شريان مائي على وجه الكرة الأرضية، ولما الدخل القومي يزيد، ونسبة البطالة تقل، أكيد الحياة هاتبقى أجمل للجميع بدون استثناء، للي اشتغل وتعب وآمن بالمشروع، وللي حارب المشروع واستسلم للشائعات بخيابة أو بخبث، وربنا يعطي كُل واحد على قد نيته.. قول آمين!
Advertisements
الجريدة الرسمية