رئيس التحرير
عصام كامل

قوموا إلى العمل يرحمكم الله!


يدعو كثير من الناس بحرارة، والحرارة مش ناقصة الحقيقة، إلى اعتبار يوم السادس من أغسطس إجازة وعيدا وطنيا؛ احتفاء وفرحا بالانتهاء من حفر وافتتاح قناة السويس الجديدة، رغم أن الذين حفروا الـ٧٦ كيلومترا في الرمال وفي المياه والرمال معا، لم يعرفوا طعم الراحة ولا الإجازات على مدى الأربع والعشرين ساعة، سبعة أيام في الأسبوع، على مدى عام كامل!


نحن شعب يتحدث عن العمل وهو يعشق الإجازة من العمل، والتزويغ من العمل وكروتة العمل، ما لم تكن هناك عصا إدارية قوية، تعاقب وتثيب.. نحن شعب يذهب إلى المساجد في رمضان، ويهجرها بعد رمضان، ونحب الكلام عن التفاني والإخلاص، ونحن لا نتفانى إلا فيما يبدد الصحة والثروة والإخلاص.. ننفق على المزاج ٢ مليار جنيه لشراء الحشيش، وطول النهار والليل نقول ونعيد إن التدخين حرام وضار ويجيب سرطان!

تعالوا نعدد أيام إجازاتنا:
عندك عيد أخواتنا الأقباط ٧ يناير، وعيد ٢٥ يناير، لاصقة نفسها مع عيد الشرطة، وعندك عيد تحرير طابا ٢٤ أبريل، وعندك عيد العمال أول مايو، وعندك عيد ثورة الوطنية والهوية المصرية في الثلاثين من يونيو، وعندك عيد الجلاء في ١٨ يونيو، وعندك الثورة الأم في ٢٣ يوليو، وعندك عيد الفطر ثلاثة أيام، تتحول بالطريقة المصرية عادة إلى ستة وسبعة، وهذا غير شهر رمضان، الذي يعتبره الكثيرون ثلاثين يوما من الخمول والتنطع والنوم العميق، ووقف حال الناس، وعندك يا سيدي عيد الأضحى، أربعة أياما تمتد استهبالا إلى أسبوع، ونخش على أكتوبر، السادس منه، يوم النصر العظيم، وأظن نوفمبر يتيم، يخلو مما يزهو به، وندخل على ديسمبر، وعيد النصر على العدوان الثلاثي في ٢٣ ديسمبر، ونلاحظ أنه صار عيدا باهتا، وآخر ديسمبر يحصل المصريون على إجازة ليلة رأس السنة عنوة ومزاجا، ويلحقون به اليوم التالي بسبب السهر والصداع والمزاج والطراطير المطرطرة من فوق رءوسهم!

يحنجل المصريون اليومين دول لضم السادس من أغسطس إلى طابور الأيام العسل وأيام الأنتخة، بدعوة الفرح بقناة السويس، وتكريم اليوم بجعله عيدا وطنيا!

بصراحة هذا تهريج جماعي، ولا أحب أن يوافق المهندس محلب وحكومته على جعله عيدا وطنيا.. طبعا الإنجاز عظيم، ويستحق التكريم، وخير تكريم هو العمل؛ لأنه صار رمزا للقوة الفاعلة والإرادة الصادقة والهدف الذي لا يغيب، بل صار دليلا على أن الإدارة الصحيحة الصارمة الحنونة معا، هي الحفار رقم واحد في قلب الصخر.

ربما تكون موافقة رئيس الوزراء على منح الشعب يوم إجازة في السادس من أغسطس، لمرة واحدة، هذا العام فقط، ٢٠١٥، لنعيش الفرحة والزهو الوطني، ولنقدس قيمة العمل.

مشروع قناة السويس هو أول الغيث الوطني، المهم استثمار الهمة والعزيمة والبدء فورا في المزيد من المشروعات.

لقد كانت ملحمة بناء السد العالي مصنعا لتخريج الآف المهندسين والعمال والكوادر المصريين، صاروا زادا لعملية البناء والتنمية، ليس فقط داخل مصر، بل في العالم العربي وأفريقيا، وكذلك أصبحت قناة السويس الجديدة، مصنعا تخرج منه عشرات الآلاف من الخبرات والعمالة المصرية المدربة الصلبة، وهؤلاء هم نواة المشروعات الوطنية الجديدة فوق جبل الجلالة، وفي العاصمة الإدارية الجديدة، وفي قناة شرق التفريعة الجديدة، وفي شق طرق الزعفرانة وشرم، وغيرها.

لقد ولى عصر التناحة والأنتخة، وبدأ عصر العمل.. قوموا إلى بناء الوطن يرحمكم الله.. حب الوطن صلاة.
الجريدة الرسمية