رئيس التحرير
عصام كامل

تعالوا نقلب الصورة



ــ الصورة المحورية الآن قلب الميدان..  صينية التحرير.. لا تزيد مساحتها عن بضعة أمتار مربعة.. تبدو وكأنها مصر بأكملها.. تتضاءل بجانبها صور أخرى تبدو وكأنها على حافة الكادر، فى ثلاث أو أربع محافظات رغم صخبها وعنفها.

فى صينية التحرير عدد من الخيام، زرعت لتقول: "خللى الميدان صاحى"، بما تعنيه من كونها شوكة موجعة فى حلق النظام ــ أى نظام ــ وبما تعنيه من تهديد مستمر باندلاع الاضطرابات والقلاقل، ما لم يستجب النظام لمطالب ساكنيها، حتى أضحت المنطقة المركزية لفعاليات المعارضة فى الشارع بنعومتها وعنفها.
قبل أن نقلب الصورة، دعونا نطرح السؤال.. هب أن فعاليات المعارضة الدائبة والضاغطة، حققت مرادها وأزاحت الرئيس مرسى والإخوان من السلطة، ثم تولى السلطة بالصندوق أو بغيره، عسكرى أو سمكرى أو حتى تاجر جمبرى.. كيف يكون المشهد فى مصر؟
الجواب الجاهز يسكن فى تصريحات مُعْلَنة لرموز التيارات الإسلامية كافة، وهو "لو أزيح الرئيس المنتخب بعد ستة أشهر من انتخابه بهذه الطريقة، فلن يصمد أى رئيس أكثر من ست ساعات بنفس الطريقة".
بالتأكيد سوف نشهد تبادلًا للأدوار، ويسكن مخيم التحرير قادة الإخوان وأئمة السلفيين والجهاديين والجماعة الإسلامية بلا استثناء، وسوف تلتهب فعاليات المعارضة الإسلامية فى المساجد والشوارع والميادين، وما كان مرفوضًا منهم بالأمس، سيكون مقبولًا وهم فى خندق المعارضة، وأعنى أنهم سيلجأون إلى أقصى درجات الصخب والضجيج، فمعركتهم حينئذ معركة وجود.
الصورة إذن قد انقلبت..  وأصبحنا أمام لعبة الميادين والشوارع الموسيقية.. أنت فيها اليوم وأنا شاغلها غدًا.. بيد أنها لا تكتمل دون تصور رد الفعل المضاد والأشد عنفًا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن التيارات الليبرالية والعلمانية واليسارية المناوئة للتيار الإسلامى، لن تقف مكتوفة الأيدى أمام المعارضة الإسلامية الصاخبة، ومن ثم سوف تستمر فى تأليب الرأى العام ضدها (عبر السلاح الأوحد والأقوى والأعنف وهو الإعلام).. وتبقى المساحة الحمراء الدامية فى الصورة، وهى تفاصيل الصدام الحتمى بين أجهزة الداخلية التى أظن أن أسلوبها سينقلب مائة وثمانين درجة لسببين.. الأول: إنها اعتادت التعامل بقسوة مع الإسلاميين، والثانى: إنها ستواجههم بأيد غير مرتعشة من إعلام جاهز للجلد، ومنظمات مجتمع مدنى لا ترحم، ومجتمع دولى اعتاد أن يغمض عينيه تجاه ما يتعرض له الإسلاميون من تنكيل.
تلك هى الصورة الثانية المؤكدة، لو نجحت المعارضة فى مسعاها لإزاحة الرئيس مرسى.. وتسألنى عن الصورة الثالثة فأقول ما المسئول عنها بأعلم من السائل.. وربك يسترها.
محمد حلمى


الجريدة الرسمية