رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

على «قفا» الصحفيين!


عشية هجوم الإرهابيين على عدة كمائن للقوات المسلحة في سيناء في الأول من يوليو الجاري، أطلقت الحكومة مشروع «قانون مكافحة الإرهاب»؛ بدعوى السيطرة على الفوضى التي عمت البلاد، بعد تضارب التصريحات الرسمية وغير الرسمية، بشأن أرقام الشهداء والمصابين في هذا الحادث الإرهابي.


هذا القانون أثار حالة واسعة من الجدل، خاصة المواد «26، و27، و29، و37»، لكن أخطرها «المادة 33»، التي تنص على الملاحقة القانونية لجميع وسائل الإعلام التي ستنشر معلومات غير متسقة مع بيانات الحكومة، والمتحدثين الرسميين للجهات المعنية.

ومما لا شك فيه أن الصحفيين كانوا في طليعة المساندين للدولة في حربها ضد الإرهاب، وخاضوا حروبًا شرسة ضد الإرهابيين، ودفعوا الثمن غاليًا من دمائهم وأعراضهم، وأكل عيشهم.. لكن يبدو أن مشرعي هذا القانون نظروا إلى الصحفي باعتباره «مسيلمة الكذاب»، فيما اعتبروا المصدر الرسمي «لا ينطق عن الهوى».. لكن الحقيقة التي لا لبس فيها، أن ليس كل صحفي «مسيلمة»، وليس كل بيان حكومي «وحيا منزلا».

وهناك العديد من الدلائل التي ثبت فيها كذب وتضارب البيانات الرسمية، منها على سبيل المثال لا الحصر، تضارب تصريحات المتحدث الرسمي لوزارة الصحة بشأن إصابة ووفاة النائب العام هشام بركات.. كذلك تضارب التصريحات بشأن استشهاد المجند محمد إبراهيم مصطفى موسى، في تفجير كمين أبو رفاعي بالشيخ زويد، الذي اتضح بعدها أنه لا يزال على قيد الحياة، رغم أن والده ذهب إلى المستشفى العسكري لإجراء تحليل «DNA»؛ لاستلام جثمانه!

كما تضاربت تصريحات وزارة الصحة والحماية المدنية - وهما جهتان رسميتان - بشأن أعداد ضحايا مركب الموت في الوراق.. ورغم ذلك كله لم يخرج علينا أحد؛ مطالبًا بمحاسبة «المصادر الرسمية» على هذا الكذب، وهذا التناقض!

وقبل النشر في واقعة المستشار القاضي رامي عبد الهادي، رئيس محكمة جنح مستأنف مدينة نصر، المتهم بـ«رشوة جنسية»، تحرينا الدقة، واتصلنا بـ«قضاة عدول»، ومصادر على أعلى مستوى من النزاهة والثقة؛ لمعرفة الحقيقة، وأكدوا جميعًا أن القضية «كذب ومحض افتراء»، واتهموا أطرافًا بعينها بالسعي إلى النيل من القضاة بشكل عام، وهذا القاضي على وجه الخصوص؛ لأنه حكم ببراءة الإعلامي «أحمد موسى».. لكننا - معشر الصحفيين - «خدنا على قفانا»، حينما التزمنا بنشر هذه التصريحات؛ اعتقادًا منا أن ما يقوله هؤلاء هو الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة.

وفوجئنا بأن ما صرحت به هذه المصادر «حمادة»، و«الحقيقة» حمادة تاني خالص.. فالقاضي المتهم أُلقي القبض عليه، ويتم التحقيق معه، وتقدم باستقالته إلى وزير العدل المستشار أحمد الزند، عقب منعه من دخول المحكمة، ثم صدر قرار من المستشار علي عمران، القائم بأعمال النائب العام، بحظر النشر في القضية!

هنا لن نرهق أنفسنا في البحث عن مصدر الخبر «الكاذب»، هل هو الصحفي الذي نشر، أم المصدر الذي حجب المعلومة الصحيحة؛ لأن الإجابة واضحة، وضوح بطن الحامل في شهرها التاسع، لكننا نطالب «المشرعين»، بأن يضعوا في اعتبارهم - عند إعادة صياغة قانون مكافحة الإرهاب - «استحداث مادة» تعاقب المصدر الذي يدلي بتصريحات كاذبة، ويتعمد تمرير معلومات مغلوطة للصحفي.

كما نطالب نقيب الصحفيين يحيى قلاش، ومعه الجماعة الصحفية، بملاحقة وفضح «المصادر الرسمية»، التي تحاول أن تغطي على فشلها بـ«تمرير» تصريحات «فشنك»، ثم تعود إلى نفيها من جديد، بعد أن نجحت في تأليب الشعب على أبناء صاحبة الجلالة!

سيادة النقيب.. تحرك ونحن وراءك.. فـ«قفا» الصحفي استوى من كثرة الضرب.. و«شماعة الأخبار المفبركة» انكسرت من كثرة تعليق الجهات الحكومية عليها.. وتذكر أن المعركة ليست مجرد «قفا ويعدي»، لكنها معركة وجود، معركة حفاظ على المهنة، معركة الحفاظ على كرامة الصحفيين.
Advertisements
الجريدة الرسمية