رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السيسي وحتمية ردم الفجوة بين الخطاب والواقع


إن أي محاولة بسيطة لتحليل الخطاب السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي سوف ترصد انحيازه الكامل للفقراء والكادحين والمهمشين والمظلومين والمكلومين في هذا الوطن، فالرجل لديه فريق عمل يعد له خطاباته بدقة شديدة، تعكس قدرات على فهم طبيعة الرأى العام وكيفية مخاطبته بلغة جاذبة ترفع من معدلات محبيه والمتعاطفين معه وبالتالى تزيد من شعبيته ورصيده الاجتماعى، وهو ذاته شخص بسيط ولديه قبول ويمتلك أسلوبا يقربه من الفقراء والكادحين حيث يستخدم بعض المصطلحات الشعبية ويجيد استخدام لغة الجسد لكسب تعاطف المتلقى لرسالته وبالتالى يمكننا التأكيد بما لا يدع مجال للشك أن خطابه السياسي محكم للغاية فكل كلمة وحركة وإشارة لها معنى ومغزى وتترك وراءها أثر عميق، وهو ما يعنى أنه وفريق عمله الذي يعد له ومعه هذه الخطابات يدركون أهمية الخطاب السياسي في تشكيل الرأى العام.


لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل الخطاب السياسي الناجح للرئيس عبد الفتاح السيسي كافيا لرفع معدلات محبيه ومؤيديه؟ أم أن الخطاب السياسي لابد وأن يرتبط بالواقع الاجتماعى الذي يعيشه المواطن وإلا فسوف يتحول الخطاب إلى عكس ما يرجى منه فبدلا من أن يزيد من حجم المؤيدين فسوف يزيد من حجم المعارضين، فعندما يشعر المواطن بفجوة واضحة بين ما يقال وما يحدث على أرض الواقع يبدأ الشك يتسرب إلى نفسه، وهنا مكمن الخطورة حيث سيعتبر الخطاب السياسي عبارة عن كلمات معسولة تسعى إلى تخديره وتزييف وعيه بواقعه المعاش، وهنا يبدأ المتلقى في الانصراف عن متابعة الخطاب وهو ما يترتب عليه فقدان الثقة في منتج الخطاب وانخفاض حجم المؤيدين والمتعاطفين معه، وهو ما يعنى تآكل شعبيته وفقدان رصيده الاجتماعى.

وبرصد سريع للواقع الاجتماعى المصرى بعد 30 يونيو نجد الشعب المصرى ما زال يرفع شعارات العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ويحلم باستقلالية الإرادة الوطنية المصرية والخروج من التبعية للمشروع الرأسمالي الغربي الذي أدى إلى تدمير الاقتصاد الوطنى بواسطة عملائه في الداخل، وعودة مصر لدورها القائد للأمة العربية، ويسعى إلى وقف الأخطار الخارجية المحيطة بالوطن وكذلك خطر الإرهاب الداهم بالداخل. وخلال العام المنصرم تمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يتحرك على المستوى الدولى بما يوحى بأن الإرادة والاستقلالية الوطنية المصرية ممكنة والفكاك من أسر التبعية حلم يمكن تحقيقه، فقد تحرك الرجل شرقا وغربا وأعاد التوازن في علاقات مصر الدولية فلم تعد علاقاتنا محصورة في الدوران في فلك الأمريكان بل حدثت انفراجة كبرى في علاقاتنا بروسيا وهذا شىء محمود.

هذا إلى جانب محاولة ترميم علاقاتنا بأفريقيا باعتبارها عمقا إستراتيجيا لأمننا القومى، لكن على المستوى العربي تظل هناك علامات استفهام وإخفاقات لا يقبلها المواطن البسيط مثل تورطنا مع السعودية في الحرب على اليمن وعدم إعادة علاقاتنا بسوريا التي قطعها مرسي في آخر أيامه. وهناك نجاح بارز في وقف الأخطار الخارجية وكذلك مكافحة الإرهاب بالداخل وإن كان لا يرقى للمستوى المطلوب. لكن لابد من التأكيد على النجاح في استعادة هيبة الدولة وعودة الأمن والأمان للشارع المصرى رغم بعض الملاحظات على الأساليب التي ينتهجها بعض أفراد الأجهزة الأمنية.

لكن يظل المطلب الاقتصادى والذي يترجمه المواطن البسيط في العيش والعدالة الاجتماعية بعيد المنال فمازالت عصابة مبارك ممن يطلق عليهم زورا وبهتانا رجال الأعمال يسيطرون على مفاصل الاقتصاد الوطنى ويتغلغلون داخل مؤسسات الدولة ويهيمنون على مراكز صنع القرار وصناعة الرأى العام بامتلاكهم لوسائل الإعلام، وبالتالى يقفون حائلا بين تحقيق مطالب المصريين.

إذن هناك فجوة واضحة بين خطاب الرئيس والواقع المعاش فيما يتعلق بمكافحة الفساد، وتحقيق مطالب المصريين في العيش والعدالة الاجتماعية، وهو ما يهدد شعبية الرئيس ويسحب من رصيده الاجتماعى، إن استمرار الفجوة بين الخطاب والواقع يمكن أن تؤدى إلى فقدان الثقة في شخص الرئيس وبالتالى يمهد لموجة جديدة من الثورة لأن المواطن الفقير قد أصبح في حالة لا يمكن الصبر عليها كثيرا، لذلك نلح ونزيد من إلحاحنا على الرئيس بضرورة تقليل الفجوة بين الخطاب والواقع المعاش وذلك بدخول معركة مكافحة الفساد والقضاء على عصابة مبارك في نفس الوقت وبالتوازى مع معركة الإرهاب فعصابة مبارك وعصابة الإخوان وجهان لعملة واحدة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
Advertisements
الجريدة الرسمية