رئيس التحرير
عصام كامل

فضيحة أخلاقية رسمية!


أسوأ رد فعل رسمي كارثي هو ما شهدناه في حادثة غرق مركب الوراق!.. تباطؤ وتكاسل وتبلد مشاعر واختفاء المسئولين، كان هو سمة رد الفعل الرسمي تجاه هذه الحادثة المروعة، التي أودت بحياة نحو أربعين ضحية غرقوا في مياه النيل.


نحن هنا نتحدث عن أخطاء أو بالأصح خطايا، صرنا نمارسها أو اعتدنا على ممارستها وكأنها أمر عادي ومألوف، وبالتالي تعايشنا معها.. وبالتفصيل نحن هنا لا نتحدث عن دماء تفرقت مسئوليتها بين قبائل المسئولين، سواء كانوا مسئولين في وزارات النقل أو الداخلية أو البيئة أو المحافظات المختلفة.. ولا نتحدث أيضًا عن مراكب تسير في النيل بلا تراخيص أو بالمخالفة للتراخيص التي حصلت عليها، ولا تلتزم بشروط هذه التراخيص التي تمنعها من السير ليلا في النيل، أو تخطر عليها أو يمنعها وضع ركاب أكثر مما تسمح به طاقتها، وفي ذات الوقت لا يحاسبها أحد أو يمنعها أحد من الاستمرار في ارتكاب هذه المخالفات.. ولا نتحدث كذلك عن أخطاء لا ينتبه إليها أحد ولا ينتبه لخطورتها إلا بعد أن تقع كوارث بسببها، رغم أننا ذقنا بسببها كوارث من قبل.

نحن لا نتحدث عن ذلك رغم أنه يدعو للقلق والانزعاج ويثير الغضب.. وإنما نتحدث هنا عن جريمة أفدح وأخطر، وهي جريمة رد الفعل الرسمي الذي اتسم بالبطء والتكاسل والتبلد بعد أن وقعت الكارثة.. كارثة مركب الوراق وغرق نحو ٤٠ ضحية حتى كتابة هذه السطور، لم تجد مسئولا صغيرا أو كبيرا سارع إلى مكان الحادث والتقى بأهالي الضحايا والغرقى.. لا وزير ولا محافظ.. ولا رئيس المسطحات المائية ولا رئيس النقل النهري، الذين تم إيقافهما عن عملهما حتى تنتهي التحقيقات.

بل لم نجد مسئولا صغيرا أو كبيرا فتح الله عليه بمجرد تصريح أو كلمات عزاء قليلة لأهالي الضحايا، كذلك لم نجد مسئولا صغيرا أو كبيرا يحاسب أحدا أو يهتم ببحث ما حدث ودراسة عدم تكراره، حتى عاد رئيس الوزراء من الخارج، فبدأ الاهتمام والتحرك في هذا الصدد.

وإنما وجدنا شكاوى ملقاة من أهالي الضحايا لا يرد عليها أحد ولا يهتم بها مسئول، حول التقصير في البحث عن الجثث وانتشالها من المياه، والتأخر في تسليم الجثث التي تم انتشالها.

وجدنا تباطؤا في البحث عن الضحايا في ظل مشاعر رسمية متبلدة، رغم أن الفاجعة كانت كبيرة والكارثة ضخمة، ومشاعر أهالي الضحايا كانت حزينة وغاضبة.

باختصار.. وجدنا غيابا رسميا كاملا.. وتلك كارثة تفوق بكثير كارثة غرق المركب.. وكارثة الإهمال والتسيب الذي أدى إلى غرق هذا المركب.. إنها كارثة تجاهل مشاعر غاضبة لمصريين بسطاء أصابتهم لوعة فقدان الأبناء والزوجات والأشقاء والأهل.. ما حدث رسميا ليس مجرد قلة ذوق وإنما فضيحة أخلاقية!
الجريدة الرسمية