رئيس التحرير
عصام كامل

صحافة في قلبها مرض !


إن جيت للحق لا معنى للاعتراضات على المادة 33 من قانون الإرهاب، بلد في حالة حرب.. في حالة الحرب تشديد العقوبات مهم.. أحكام القوانين في الجبهة الداخلية في الحرب أساسى.. ضرورى.


الحرب ليست سلاحا ورصاصا وزيا مموها ودمتم..الحرب ليست رصاصا ورشاشات.. وذخائر وإطلاق نار والسلام. الحرب جبهات متعددة ومختلفة. في الحرب جبهة مواجهة.. بالسلاح.. وجبهة أخرى داخلية تتعدد فيها أشكال الأسلحة.. والمواجهات.. والمؤامرات.

الإعلام جبهة مواجهة.. والصحافة أيضا. خبر ليس صحيحا عن الجيش ممكن يقلب الدنيا.. تقرير موجه ليس خالصا لوجه الله كفيل ببلبلة الرأى العام.. اضطراب الرأى العام في حالات الحرب جريمة.. تماما مثل التلاعب في أسعار المواد التموينية الأساسية في الداخل.. بينما الجيش يحارب على الجبهة.

قوانين معظم الدول المتحضرة مشددة في حالات الحرب.. ضمانا للاستقرار.القانون الألمانى والتشيكى والفرنسى.. يعاقب على إخفاء السلع الأساسية في حالات الحرب بالإعدام.. في الحرب العالمية وجه رئيس الوزراء البريطانى تشترشل رجاله بالتقاط "مروجى الشائعات كالفئران.. قبل البحث عن توفير العيش والبسطرمة للإنجليز"!

ثم من قال أن الصحفيين كلهم ضد قانون الإرهاب.. وأنهم على قلب رجل واحد ضد المادة 33 ؟

ليس هذا صحيحا.. على الأرض أكثر من رأى.. وفى الأوساط الصحفية أكثر من حديث.. ووجهة نظر. الكلام على أن الحبس في تداول أخبار غير حقيقية عن القوات المسلحة، وبـ"سوء النية" باب لعودة الرقابة على الصحف.. كلام مبالغ فيه.. استمرار المعارضة بعد تخفيف الحبس إلى الغرامة.. مبالغ فيه هو الآخر. الغضب من أن مبلغ الغرامة ليس في مقدور الصحف ولا الصحفيين.. نكتة.

الأصل في العقوبات ألا تكون في مقدور المعاقب.. الأصل في تشريع عقوبة هو ردع الجانى وزجره.. لم تشرع العقوبات لتمكين الجانى من تنفيذ الجريمة.. ثم النفاذ من باب الجناية.. متعلقا بعقوبات مخففة. لو كان المفترض في العقوبة أن تكون في مقدور الجانى.. لما شُرعت العقوبات من الأساس.. ولما قامت في الفقه القانونى.. فلسفة "الزجر والردع" بإقرار عقوبات متنوعة.

من أمن العقاب.. أساء الأدب.. وأساء التصرف أيضا. ومن أمن قانون الإرهاب، أخضع الحديث عن القوات المسلحة، وتحركات جنود النظام للأهواء.. وتحليلات كثير منها "ليس صافي النية".

ثم أن حصانة الصحفى في جرائم النشر رخصة.. ليست حقًا. وللرحض في الفقه القانونى ضوابطها.. وظروف. كثير من فقهاء القانون يرون أن كافة الحصانات رخصًا ليست حقوقا.. الفارق بين الترخيص.. وبين الحق كبير.

فالرخصة تُمنح لصاحبها "استثناء" لإعانته على عمل، أو تسهيلا لمهمة. لكن الحق أساس طبيعى.. لا يسلب من صاحبه مهما كانت الظروف..ومهما كانت المبررات.

مثلا.. منح القانون الجنائى الحصانة لأحاديث نواب الشعب تحت قبة البرلمان.. فلا يقام على كلامهم جرائم السب والقذف مثلا، حتى لو كانوا قد سبوا.. وشتموا وقالوا ما يريدون. الأصل في الرخصة هنا.. منح كامل الحرية لنائب البرلمان، ممثل الشعب، في الحديث عما يريد.. بأية طريقة، لكشف الحقائق، وتوجيه الاتهامات لأي ما يريد لمصلحة الناخبين.. دون التقيد أو التخوف من سوء عقاب قضائى.. أو جنائى.

لكن هل حصانة نائب البرلمان مطلقة؟

الاجابة: لا. ففى حالات التلبس بمادة مخدرة مثلا.. يجوز القبض على النائب.. وفق إجراءات القانون الجنائى.. دون النظر للحصانة.. أو الرخصة، لأنه لا يجوز تحصين إحراز نائب الشعب لمادة مخدرة.. تداولها وتعاطيها.. والاتجار فيها ليس في مصلحة الشعب.. ولا من مهام نائب الشعب !

قانونا لا تمنح الحصانات على إطلاقها.. ولا تطلق الرخص جُزافا.

التراخيص بالتحصين – في الفقه القانونى – تقوم على ضوابط.. لاحظ أن إحراز نائب الشعب مواد ممنوعة قانونا.. أقل خطورة من إشاعة تقارير صحفية عن قوات الجيش، ربما تجعل معنويات العساكر على الجبهة.. وفوق أبراج المجنزرات في الحضيض.. وربما تشوه الحقائق أمام مواطنين، ليسوا موجودين على أرض المعركة.. ولا يعرفون ماذا يتم هناك.. أو يجرى.

في حالات الضرورة.. والخطورة..دع الدولة تردع مروجى الشائعات..ومن في قلوبهم مرض.. بقوة.. وسلطان.

للدولة..التصرف كدولة..سيناريوهات الواقع ليست سيناريوهات مسلسلات رمضان.. حيث لابد أن تظهر الحقيقة في الآخر.

سيناريوهات الواقع لا يملكها مخرج.. يحرص ألا تذهب من يده بشاير الحقيقة..وإلا أعاد التصوير..وحذف من المشهد ما لا يستقيم مع أحداث المسلسل.
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية