رئيس التحرير
عصام كامل

فيروس الإرهاب


إن الإرهاب مرض لم يُصب المجتمع المصري فقط، بل وصل أن قضى على المجتمع العربي بأكمله وكل من يناصر أفكار الإرهاب هم مرضى يجب علاجهم، فبدلًا من محاربة المرض لا بد أن نبحث عن المسببات الحقيقية الخفية لهذا المرض اللعين للقضاء عليها.


فعندما أستمع إلى بعض مشايخ السلفية والروايات التي يروونها عن الصحابة والرسول، أشعر بامتعاض شديد واستشعار كارثية نتائجها في عقول الناس، الذين يأخذونها على أنها دين.. فعلى سبيل المثال لا الحصر، سأروي قصة سمعتها من شيخ عن طريق فيديو منشور على شبكة التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، فيحكي هذا الشيخ قصة عن خالد بن الوليد، وكيف قطع رأس رجل واصطفى زوجته وأخذ رأس هذا الرجل ووضعها بين حجرين وأشعل بها النار، وجاء بإناء وملأه بالماء ووضع فيه اللحم وأشعل النار في رأس الرجل حتى نضج اللحم بآخر شعرة في رأس الرجل، ولا أدري كيف حدث هذا والشعر يحترق تمامًا بمجرد أن يشم رائحة النار مهما بلغ كثافة هذا الشعر.

وبدأ الرجل يصف خالد بن الوليد وكيف كان درعه يعلوه الصدأ من كثرة الدماء، وكيف كان يغرز السهام في عمامته إرهابًا للعدو، وكان الشيخ يتفاخر بأن خالد بن الوليد كانت نفسه حلوة - على حد قوله - لأنه أكل من هذا اللحم.

وهناك العديد من القصص والروايات، التي يتناقلها المشايخ في خطبهم، تتحدث عن قطع الرقاب وليس هناك تجديد في سرد هذه الروايات، بل الكل اتفق على نقلها وسردها بنفس الأداء، وملخص فحواها أن الصحابة كان من السهل عليهم إخراج السيوف من أغمادها لجز الرءوس، وأن الرسول لم يهتز لهذه الأفعال، لدرجة الاستنكار بل اكتفى بأن أشار إلى أصحابه بأن يكفوا فقط.

والتحدث عن أنواع الجهاد وخصوصًا جهاد الطلب، كما يصورنه، على أنه هو الجهاد الذي بموجبه يحق لجيوش المسلمين غزو الدول للقضاء على الكفر ونشر الإسلام.. ثم يحدثونك عن أن الإسلام لم ينتشر بالسيف!

فكيف هذا وما يرونه أن جيوش المسلمين كانت تغزو الدول وترسل بخطاب إلى ملوكها فحواها (أسلم تسلم) ثم بعد الغزو يتكلمون عن توزيع الغنائم والسبايا، وهذا ما جاء على لسان الشيخ الحويني، عندما تحدث عن أن فقر المسلمين حدث لأنهم امتنعوا عن جهاد الطلب، الذي كان يجني الجنود من ورائه الأموال والسبايا والعبيد، التي كانوا يبتاعونها بعضهم البعض عند الحاجة.

إن فيروس الإرهاب خطورته ليس في القضاء على الفيروس، من عقل معتنق الفكر الإرهابي، بل في القضاء على مسببات هذا الفيروس، وطرق العدوى من شخص مناصر للفكر الإرهابي إلى آخر.

والمسببات كثيرة وواضحة، والمرضى يتكاثرون يومًا بعد يوم، بل إنهم يرون أنفسهم هم الأصحاء واعتبروا المرض عقيدة يموتون من أجلها فاعتبروها دينا.

والمشكلة الأكبر أنه ليس لدينا أطباء كفء يمكن الاعتماد عليهم في القضاء على الفيروس الإرهابي؛ لأنهم ببساطة مرضى وفي حالة متأخرة من المرض، وأصبح مرضهم هذا ليس مصدرا للفيروس الإرهابي فقط ولكن أصبح مصدره ثروة وثراء لهم.

فالحل هو التعليم والتعليم الأساسي هو الطريق الوحيد لخلق جيل جديد متعافٍ غير قابل للإصابة بالفيروس الإرهابي؛ لأننا ببساطة من ضمن المسببات المرضية للفيروس الإرهابي، هو فساد وضياع التعليم وجهل المتعلمين وضحالة فكر النخبة والمثقفين وفوضى تزوير التاريخ، وبالتالي ليس لدى الشباب قدوة يحتزون بها غير شيوخ الإرهاب الذين زرعوا في عقولهم التمييز واحتكار الغير، والتعالي لكل من خالف عقيدتهم الإرهابية.

ولك الله يا مصر حماك الله ورعاك..
الجريدة الرسمية