رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. نبي الله «يَحْيَى»«وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا».. ولد «نجل النبي زكريا» في نفس عام مولد سيدنا عيسى.. حمل لواء الدعوة مع أبيه ودعا للتوحيد.. وذُبح في

فيتو

نبي الله «يَحْيَى».. «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا».. تضاربت الأقوال والروايات حول وفاة نبي الله «يحيى»- عليه السلام- وهناك إجماع على أنه قُتِل، ولكن يوجد اختلاف حول أماكن قتله، هل كان بالمسجد الأقصى أم بغيره أم قتل على صخرة أم رفع حيا؟، أما قبره فهل موجود داخل الجامع الأموي في مدينة دمشق أم في مكان آخر، وهذا ما سنتطرق إليه في السطور التالية..


نسبه
هو يحيى بن زكريا بن لدن بن مسلم بن صدوق بن حشبان بن داود بن سليمان، نبي من أنبياء بني إسرائيل، ظهرت آية الله وقدرته فيه حين خلقه، حيث كان أبوه نبي الله زكريا- عليه السلام- شيخًا كبيرًا، وكانت أمه عاقرًا لا تلد، وكان يحيى- عليه السلام- محبًّا للعلم والمعرفة منذ صغره، وقد أمره الله تعالى بأن يأخذ التوراة بجد واجتهاد، فاستوعبها وحفظها وعمل بما فيها، والتزم بأوامر الله سبحانه وابتعد عن نواهيه، قال تعالى: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيًّا} [مريم: 12].



نشأته
ابتعد يحيى عن لهو الأطفال، قال عبد الله بن المبارك: قال معمر: قال الصبيان ليحيى بن زكريا: يا يحيى تعال معنا نلعب، فرد عليهم يحيى- عليه السلام فقال: ما للعب خلقنا، وإنما خلقنا لعبادة الله.
وكان يحيى متواضعًا شديد الحنان والشفقة والرحمة وخصوصًا تجاه والديه، فقد كان مثالًا للبر والرحمة والعطف بهما، قال تعالى عن يحيى: {وحنانًا من لدنَّا وزكاة وكان تقيًّا. وبرًّا بوالديه ولم يكن جبارًا عصيًّا} [مريم: 13- 14].

لواء الدعوة
وحمل يحيى لواء الدعوة مع أبيه، وكان مباركًا يدعو الناس إلى نور التوحيد ليخرجهم من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإسلام، وكان شديد الحرص على أن ينصح قومه ويعظهم بالبعد عن الانحرافات التي كانت سائدة حين ذاك.

قال الإمام أحمد: حدثنا عثمان أنبأنا أبو خلف موسى بن خلف وكان يعد من البدلاء، حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن الحارث الأشعري أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ذات يوم جمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس، وأخذ يخطب في الناس، فقال: (إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وأمركم أن تعملوا بهن.. أولهنَّ أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق (فضة) فقال: هذه داري، وهذا عملي فاعمل وأد إليَّ، فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟، وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم، فلا تلتفتوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت.

وأضاف:"وآمركم بالصيام، فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله- تعالى- من ريح المسك. وآمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو، فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم، وآمركم أن تذكروا الله كثيرا، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين، فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله) [قال الترمذي حديث حسن]".

حب وخشوع
كان سيدنا يحيى محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضل، ثم زاد على ذلك بالتنسك، وكان إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع، وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات.

وكان يحيى يحب العزلة والانفراد بنفسه، فكان كثيرًا ما يذهب إلى البراري والصحاري، ليعبد الله عز وجل فيها وحده، وروي أن يحيى-عليه السلام- لم يأت بخطيئة قطُّ، ولم يقبل على ذنب.

وفاته
لم تذكر الكتب المدة التي عاشها نبي الله يحيى، من المعروف أنه ولد في السنة التي ولد فيها السيد المسيح، وذبح وهو في المحراب تنفيذًا لرغبة هيروديا من قبل الملك هيرودس.

أسباب قتله
وذكروا في قتله أسبابًا، من أشهرها أن أحد ملوك ذلك الزمان بدمشق كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه أو من لا يحل له تزوّجها، فنهاه يحيى عن ذلك، فبقي في نفسها منه، فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها استوهبت منه دم يحيى، فوهبه لها، فبعث إليها من قتله وجاء برأسه ودمه في إناء إليها، فيقال إنها هلكت من فورها وساعتها، وقيل: بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها، فلما يئست منه تحايلت في أن استوهبته من الملك، فتمنع عليها الملك، ثم أجابها إلى ذلك، فبعث من قتله وأحضر إليها رأسه ودمه في إناء.

صخرة بيت المقدس
ثم اختلف في مقتل يحيى بن زكريا "هل كان بالمسجد الأقصى أم بغيره على قولين"، فقال الثوري عن الأعمش عن شمر بن عطية قال: قتل على الصخرة التي ببيت المقدس سبعون نبيًا منهم يحيى بن زكريا، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: قدم بختنصر دمشق فإذا هو بدم يحيى بن زكريا يغلي، فسأل عنه فأخبروه، فقتل على دمه سبعين ألفًا فسكن وهذه كلها روايات ليست أكيدة.

اختلاف العلماء
اختلف أهل العلم فيما إذا كان زكريا وابنه يحيى عليهما السلام قد قتلا أو ماتا موتا، ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية عن وهب بن منبه، وذكر الطبري أن فساد بني إسرائيل الأول كان بقتل زكريا، وأن فسادهم الثاني كان بقتل يحيى، وليس في قتلهما نص ثابت.
وتكرر في القرآن ذكر قتل بني إسرائيل للأنبياء بغير حق، كما في قوله تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾ [3:112].
نص ابن كثير في البداية والنهاية أنهما ممن قتل قبل تسليط بختنصر على بني إسرائيل، وقد ذكر أيضًا حديثًا في قتلهما، ولكنه ضعفه ونسبه إلى النكارة.

آثار الصحابة
ووردت عدة آثار عن الصحابة والتابعين في قتلهما ذكرها الطبري وابن كثير، والظاهر أنها مأخوذة من أهل الكتاب، ومن أصحها ما روى ابن أبي شيبة في المصنف عن عروة بن الزبير قال: ما قتل يحيى بن زكريا إلا في امرأة بغي قالت لصاحبها لا أرضى عنك حتى تأتيني برأسه، فذهب فأتاها برأسه في طشت، وقال بعضهم إنه رفع إلى السماء استدلالًا بقوله تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [19:15] ويوم يموت أي إنه لم يمت بعد بل إنه في السماء الثانية ذلك والله أعلم.


قبر نبى الله يحيى
قبر يحيى أو (يوحنا المعمدان كما يطلق عليه في المسيحية) موجود داخل الجامع الأموي في مدينة دمشق ويؤمّه الزوار من كل مكان، وتوجد كنيسة باسمه في فلسطين تزار حتى يومنا هذا.



قلعة مكاور
يعتقد أن المكان الذي سجن فيه النبي يحيى عليه السلام -يوحنا المعمدان- وقطع رأسه هيرودوس هي قلعة مكاور.
وتقع قلعة مكاور في الأردن على بعد 32 كم جنوب غرب مدينة مادبا بالقرب من قرية مكاور، وبنيت القلعة سنة 90 قبل الميلاد لتكون حصنا منيعا لصد غزو الأنباط العرب تطل القلعة على البحر الميت وتلال وسط فلسطين والجبال الممتدة باتجاه القدسـ اتخذها هيرودس بداية القرن الأول للميلاد قصرا للاستجمام والراحة، القلعة اليوم غير موجوده ولكن بقايا القلعة وأسوارها وأبراجها وقنواتها وأعمدتها وضخامة حجارتها على قمة التله يدل على عظمة المكان، وقد عثر فيه على أقدم قطعة فسيفسائية في الأردن يعود تاريخها إلى أواخر القرن الأول قبل الميلاد.
الجريدة الرسمية