رئيس التحرير
عصام كامل

الاستثمار والمدفوعات بأثر رجعي


جاءتني رسالة من أحد المستثمرين يقول فيها "المصانع التي تتبع الهيئة العامة للاستثمار قانون 8.. يتم دفع سنويا لغرفة الصناعات الهندسية نسبة من رأس المال، وليس لها علاقة بالغرفة التجارية، وفوجئنا بقرار بأن ندفع للغرفة التجارية نسبة من رأس المال أيضًا وبأثر رجعي منذ بداية التأسيس، ما يترك أسوأ الأثر على الاستثمار وعلى إحساس المستثمرين بالعدالة، ولكن للأسف لا يوجد من نشتكي إليه؛ حيث إنها قرارات لا بد من تنفيذها ولا يمكن للمستثمرين إلا الإذعان لها دون أي اعتراض، وإلا تم إيقاف الأعمال وهذا طبعا لا في صالح المستثمر ولا في صالح الدولة ككل".


أشكرك القارئ الكريم على رسالتك التي تتناول موضوعا غاية في الأهمية، وهو موضوع تطبيق القرارات بأثر رجعي وتأثيره على الاستثمارات، وهذه ليست أول واقعة من تطبيق القرارات بأثر رجعي، وإنما هناك حالات أخرى.

إن الاتفاق بين الدولة والمستثمر هو الأساس، فعلى الدولة أن تلتزم بما اتفقت عليه من تطبيق الالتزامات على المستثمرين، ومع أن لها الحق في التعديل وقتما تشاء، فإن عليها أيضًا التزام بالتطبيق من وقت القرار لا أن تقوم بتطبيقه منذ تأسيس الشركة وبأثر رجعي.

الإيرادات التي تحصلها الدولة لا بد أن تراعى فيها رضاء المستثمر بل قبل أن نتخذ عنها، وطالما أنها منطقية وتعكس طبيعة الخدمة أو التحسين فيها، فلا يعارض المستثمر عليها إلا أن القرارات التي لا تقتصر على التحصيل حاليا، وإنما تمتد إلى السابق وخصوصا تطبيقها منذ تأسيس الشركات، فإن ذلك بالطبع إجراء غير عادل ولا بد من تعديله؛ حفاظا على صورة الدولة أمام المواطنين.

إننا في ظروف تحتم علينا أن نعطي الاستثمار كل اهتماماتنا، وأن نصلح الجهاز الإداري وإجراءاته وقراراته بشتى الطرق، فلا يصح أن ننادي بزيادة الاستثمارات من جهة ونقيد الاستثمار بالأغلال من جهة أخرى، حتى لو كان الإجراء سيحقق للدولة إيرادات بسيطة، إلا أنه سيحقق أيضا خسائر تتمثل في الإساءة لصورة الدولة أمام المستثمرين.

وليست المسئولية على الحكومة وحدها، بقدر ما هي مسئولية كل موظف أن يقوم بدراسة الأمور جيدا، وليناقش من يسري عليهم القرار أولا قبل اتخاذه، ويا حبذا لو شاركوا هم في صياغة القرار؛ لعل ذلك يكون دافعا للاقتناع بالقرار أولا والشعور بالعدالة ثانيا.
الجريدة الرسمية