رئيس التحرير
عصام كامل

الجيش والإرهاب


الجيش هنا هو أهل مصر؛ لأن المصريين وقت الخطر يتحولون إلى جنود، لذا قيل عنا نحن المصريين خير أجناد الأرض، وأي جدال حول هذه المقولة وحول الجيش المصري أصفه بالعقيم.


الجهل بمصر يعي بالضرورة إجهاض جيشها المؤسس منذ عهد الأسر الفرعونية وحتى يومنا هذا.. وإن حاد الجيش عن درب التاريخ وتعثر ولجأت مصر إلى مرتزقة يدافعون عنها، فكان الحفاة الذين احتلوها وملكوا عرشها يشعلون الحروب وينتصرون بوقود أبناء المصريين.. اسألوا العرب الأوائل من كان يقاتل معهم في شمال أفريقيا، واسألوا صلاح الدين وقطز من كان وقود المعركة وحماسها، فإن نطقوا وأخلصوا الصدق في القول فسيقولون إنهم المصريون.. والمعنى الذي أود قوله هنا هو أن جيش مصر هو شعبها، وأن جنودنا هم معبر التاريخ للنصر ولرفع كلمة القيم والوطنية والله.

إذن لا أحد منصف ينكر عظمة هذا الجيش، لكن ما يحدث الآن ومنذ عامين تقريبا على مطلب السيسي، قائد الجيش المصري، في تفويضه لمحاربة الإرهاب.. هل نجح أم تعثر أم أتت الريح بما لم يتوقعه أم المصالح الدولية كانت لها كلمتها العليا؟!

وهذا أبدًا ليس تشكيكا في قدرة خير أجناد الأرض ولا قادتهم بقدر ما هو تشكيك في قوة الإرهاب وقدرته الرهيبة على الضرب الموجع للجيش المصري.. تشكيك أدى إلى فقد مصداقية كل مدافع عن الجيش وعن مصر، وإلا ما فائدة وقوع الجيش والدولة والشعب والقيادة في نفس المصيدة كل مرة؟

ثمة تفجيرات واغتيالات متكررة، وفي كل رمضان تُفطر أرض سيناء على دماء الجنود، بنفس الطريقة وبنفس المخطط العسكري البدائي للجماعات المتأسلمة، وكم مرة يطلع الإعلام يردد نفس الأقوال المتضاربة، ويخرج علينا المتحدث العسكري بالتطمينات وبالوعيد، والحق يقال لا تمر ساعات إلا ويتم الثأر، لكن أين كنا من قبل؟.. ماذا فعلنا ما بين الحادثة الماضية والتي تلتها؟.. هل أخذنا التدابير الكافية؟.. هل كنا على اليقظة والاستعداد الدائم لدحر هؤلاء الضباع النتنة، وإفشال هجومهم قبل حدوثه؟

وعلى سبيل المثال الحزين، من آخر عملية إرهابية في سيناء.. وقيل يومها كل شيء تمام، وسيناء عادت لنا وتم تطهيرها وتمشيطها وهدم الأنفاق على من فيها، وكالعادة غابت سيناء عن المشهد.. ونفاجأ اليوم بدماء جنود الجيش بعد اقتحام 15 كمينا في وقت واحد.. من أين أتوا وكيف دخلوا، والعشرات من الأسئلة بصيغ الاستفهام المختلفة؟!

وكم من خبيث يستغلها فرصة ليمرر أخبار التشكيك في قوة مصر، وكم من منافق للسلطة يطبطب ويشتت القضية وينوِّم الرأي العام حتى يفلت المسئول من العقاب.. الخبيث والمنافق من طينة واحدة، الاثنان يمهدان الطريق إلى تكرار الفعل وارتكاب الجريمة مرة أخرى في حق مصر وجيشها وشعبها.

كي ينجح الجيش، وحتى لا تتفكك الجبهة الداخلية، لا بد من المحاسبة والاعتراف بالتقصير، فما منع القيادة السياسية أن تأخذ إجراءات الأمان والوقاية مبكرا من الغزاة المعروفين بالاسم وبالعنوان، فالشعب يحتسب أولاده من الجنود شهداء عند ربهم.. أولاده الذين يموتون صائمين صامتين مع طلعة كل رمضان، ويغتالون كل مرة في أرزاقهم وأرواحهم.

ليس بالحنجرة السياسية ولا بالتبريقة ولا بالشخطة الرئاسية ولا بإعلامي أجير ولا بالتضليل ولا بسهوكة الجالسين المنظرين على منابر التواصل الاجتماعي الآكلين على كل الموائد.. سياسة الدولة وخاصة المصرية لا تدار إلا بالقوة المبنية على أرض الواقع لجيشها الحامي، وألا يكرر ثغراته.. أن يعمل على غلق ملف الإرهاب والجيش، ووأده في عقر داره.. والسؤال الآن هل الدولة المصرية قوية؟.. قادة الجيش وحدهم هم القادرون على جواب هذا التساؤل.
الجريدة الرسمية