رئيس التحرير
عصام كامل

يا رئيس مصر.. الحل هو تعمير سيناء

محمد منصور
محمد منصور

استيقظ المصريون أول أمس على حادث بشع إجرامي إرهابي خائن على أرض سيناء الحبيبة مستهدفا أبناءنا من أبناء مصر الشرفاء وهم أبناء القوات المسلحة في جريمة بشعة وغادرة لا يوجد لها محل إعراب في جميع الديانات التي نزلت من رب العباد.. ولا يوجد لها محل إعراب من الأخلاق ولا يضاهيها في الخيانة والخسة والقذارة شيء آخر..


وللأسف فنحن نتكلم كثيرًا، فتتوه الحلول في زحمة الكلام، ثم ننتهي إلى لا شيء، كما هي العادة في كل مصيبة تحدث. كنتُ أتصور أننا سنتخلص من تلك العادة الدميمة عقب الثورة، بأن نتكلم حين يحمل الكلام شيئًا مفيدًا، لا أن نتكلم من أجل أن تظهر أسماؤنا وصورنا في وسائل الإعلام، لكن طاش ظني وتحولت العادة إلى مرض مُعْدٍ تناثرت فيروساته في عقول وأفكار وضمير كثير من نجوم الشاشات وصفحات الجرائد..

كان حادث استشهاد مجموعة من خيرة شبابنا وجنودنا أمس برصاصات غادرة خائنة فرصة لأرباب السرادق الإعلامي المنصوب على قارعة فضائياتنا الميمونة ليعرضوا بضاعتهم الكاسدة ورؤيتهم النيئة حيال ما وقع، فبعضهم رآها مناسبة لاتهام رئيس الدولة بالتسبب فيما جرى بإفراجه عن بعض المُعتقلين، وبعضهم اتخذها ذريعة لوصم القوات المسلحة وأجهزة المعلومات بالتقصير... و... و...، المهم تم إغراقنا كالعادة في مستنقع آسن من نظريات وتحليلات واستنتاجات كلها تُفضي إلى مجهول، وكأن ذلك جزء من اللعبة والمخطط، كي لا نهتدي أبدًا إلى حلٍّ قاطع للمشكلة!..

قليلون للغاية تحرروا من عِقال التنظير الفارغ، والوصف المبهم، والتحليل اللوغاريتمي، كما تحرروا من التشفي، وتصيد الأخطاء، والتجريح، والإساءة، والبذاءة، فطرحوا الحلول الآنية والمستقبلية للحيلولة دون تكرار تلك المذبحة المؤسفة، ملتزمين بالأدب والموضوعية وحدود المعرفة والوطنية المسئولة.
يا رئيس مصر، لدى رساله موجزه أقولها لكم من باب الخوف على مصر ومن باب المساعده ولو برأي وجهة نظر ربما تكون ذات فائدة ولو قليلة.. الإهمال الذي يحياه هذا الجزء العزيز من بلادنا ونقص المرافق والخدمات وعدم تقنين وضع واضعي اليد وغياب خطط التنمية، وما يعانيه شباب سيناء من بطالة، واستبعادهم من كل المؤسسات في مصر وما يلاقيه السيناوية من اتهامات ظالمة تشكك في وطنيتهم وانتمائهم في وقت قدموا فيه الغالي والرخيص من أجل مصر، هو السبب الرئيس فيما يحدث الآن فعدم الانتماء ومعه الفقر والجهل كفيلان بتدمير كل شيء في مصر عموما وسيناء على وجه الخصوص..

يا رئيس مصر أجمع كل من التقيت بهم على أن التنمية هي السبيل لحل 90% من مشكلات أرض الفيروز، خاصة أن هناك مساحات شاسعة من الأراضي خالية من أي بناء، تستغل حاليا في الأعمال الإرهابية ولإيواء الخارجين على القانون، فيما من الممكن لو تمت تنميتها أن تصير ظهيرا صحراويا لمدن سيناء يستوعب البدو الرحل من سكانها، ويخفف العبء عن محافظات الدلتا المكتظة، وقيل لي إن استمرار إهمال سيناء بعد ثلاثة عقود من تحريرها يوحي بأن الأمر فيه شبهة تعمد، وهو أمر يثير الحيرة مع كل الثروات التي تزخر بها المنطقة، والتي لم يستغل معظمها وما عاشه السيناوية من معاناة خلال سنوات الاحتلال..

وأذكر أنه منذ عدة أشهر عند البحث داخل مؤسسة كنوز مصر قال لي المهندس المبدع صلاح الجنيدي رئيس هيئة الأوقاف الأسبق وأحد المؤسسين لكنوز مصر أثناء افتتاح أحد المشروعات في سيناء إن سيناء لو تم تعميرها واستثمار ما بها من ثروات لحققت جزءا كبيرا جدا من الاكتفاء الاقتصادي لمصر زراعيا.. ناهيك عما تملكه سيناء من سياحة عالمية وإن ما بها من خيرات لا يوجد في أي مكان آخر في العالم..

لذلك يجب أن تعلن الحكومة وتلتزم وعلى وجه السرعة عن خطة لتعمير سيناء باعتبار ذلك قضية أمن قومي لا تتحمل التسويف أو المماطلة، ودون الالتفات إلى أي محاولة للتأجيل أو التثبيط، لأن الوطن قد خسر كثيرًا وسوف يخسر، ما لم تتجه الحكومة الحالية إلى وضع حجر الأساس لضخ الحياة في جسد هذه البقعة العزيزة من أرض الوطن، بعدما لاقت على مدى عقود مضت إهمالًا متعمدًا من أهل القرار، جعلها مطمعًا للمتآمرين والصهاينة..

لن تهدأ مطامع إسرائيل في سيناء إلا إذا رأتها أرضًا تعج بالبشر والزرع والضرع والحياة، عندئذٍ ستراجع أو تتراجع عن خططها التوسعية لمدِّ غزة في سيناء لتخفيف الضغط عنها وهلهلة القضية الفلسطينية، وسوف يخيب أمل المتآمرين والعملاء الذين شكلوا أداة خبيثة في يد إسرائيل لتحقيق هذا الهدف اللعين..

سيادة الرئيس، التعامل الأمني وحده دون تعامل سياسي وتنمية حقيقية لن يحل الأمر والتصريحات العنترية للحكومة ووزراء التوك شو لن تحل الأمر.. الأمر يحتاج إلى إرادة حقيقية وأرى أن مصر وشعبها وقيادتها قادرون على ذلك إن شاء الله..

أعزَّ الله مصر برجالها المُخلصين، وحمى الله جيشها وأرضها من كل الفتن والمكائد.
Advertisements
الجريدة الرسمية