رئيس التحرير
عصام كامل

حدث أمس ولم ينتبه أحد!


لسنا في حاجة لتبيان أن مصر في خطر وأن الأزمات تلاحقها بفعل عوامل عديدة وقوى شر محيطة بنا من كل الجوانب، فقط علينا أن نتدبر كيف ندير تلك الأزمة ونخرج منها بأقل الخسائر الممكنة حتى نعبر تلك المرحلة الأصعب في تاريخ مصر الدولة والوطن.


أولا: يجب أن يعلم الجميع أن النقد البناء لأداء الحكومة كسلطة تنفيذية أو إدارية للبلاد ليس بخيانة في تلك الظروف الدقيقة التي نكابدها جميعا، لكن الخيانة بحق هي عدم تنبيه دوائر الحكم بالسلبيات التي ربما تؤثر سلبيا على وضع البلاد الأمني والنفسى في وقت جد عصيب نحتاج فيه للتوحد تحت راية مصرية واحدة قوامها الحق والعدل وسيادة القانون على الجميع دون أدنى تمييز.

ثانيا: يجب أن نعى جيدا جسامة الموقف الذي تواجهه القوات المسلحة في تلك الظروف غير المسبوقة، ففى الغرب الليبى توجد عصابات من المرتزقة المنتسبين ظلما للإسلام وهو منهم براء، تديرهم نفس أجهزة الاستخبارات المعادية لمصر والتي تدعمهم لوجستيا وماليا بل وإعلاميا في ظل خواء إعلامي مصرى ملىء فقط بصفقات الإعلان العفنة التي تتاجر بكل شىء ابتداءً بالقيم ونهاية بالوطن ذاته وكل ما تيسر لهم طالما كان مربحا ماديا وفقط !

وجنوبا نجد نظام البشير السودانى القريب من اليمين الدينى والذي لم يساند مصر بشكل كاف في مفوضات سد النهضه، وفي تلك المنطقة أيضا هناك امتداد لعصابات التطرف الدينى في عمق الصحراء امتدادا لحدود دولة مالى، أما عن سيناء في الشرق فحدث ولا حرج عن هول الموقف المصرى الذي يصد هجوما بربريا من قوى الظلام أيا كان مسماها الحركى، داعش، كتائب الأقصى الذي انتقل بقدرة فاجر للقاهرة وترك فلسطين، أو غيرها من جماعات الارتزاق بالقتل والخراب.

في وسط تلك الظروف الأصعب في تاريخ الوطن، تفتقد الحكومة المصرية رجالا لهم من الخبرة السياسية والوعى الاقتصادى والاجتماعى ما يمكنهم من الحفاظ على وحدة الصف المصرى والتوحد النفسى والقومى خلف أي حكومة والبعد عن السخط والحنق والشعور بالضيق من قرارات لا محل لها من الإعراب نهائيا وغير مفهومة خاصة في ظل ظرف بالغ الدقة كهذا الذي نحاول الخروج منه.

خد مثلا على ذلك قيام البنك المركزى المصرى أمس برفع سعر صرف الدولار الأمريكى بمقدار عشرة قروش كاملة أمام الجنيه المصرى ! لمصلحة من هذا القرار الكارثة الذي يشعل أسعار كل السلع على المواطن المصرى البسيط ويزيد في أرباح السادة المضاربين بالدولار والمخربين للاقتصاد الوطنى؟!

حدث هذا في زحمة الأحداث المريرة التي تألمنا فيها لاستشهاد أبطالنا في سيناء وكأنهم ينتهزون الموقف معتقدين أن أحدا لن يلاحظ ذلك !

لماذا تم اتخاذ هذا القرار؟ لا ندرى... وما جدواه في ظل ظروفنا الحالية حيث نستورد كل شىء ولسنا بحاجة لتخفيض قيمة عملتنا مثل الصين التي تجاهد لفعل ذلك حتى تكسب أسواقا أكثر وتنافس واشنطن والعواصم الأوربية.

نحن نستورد كل شىء حتى الخضراوات والفاكهة التي كانت تكفى احتياجات السوق المحلية، تم السماح للسادة المنتفعين باستيرادها، لم إذن تلك الخطوة التي تهبط بميزانية الدولة بمقدار يصعب معه خفض عجز الموازنة أو تعويضه بطرق أخرى ؟

إذن حاجة الحكومة للنقد أهم بكثير من التفاعل السلبى وراء أصوات أو قل أبواق إعلامية جوفاء قوامها الصياح والتهليل والنفاق لأى شىء والسلام.. يا سادة الحكومة الآن بحاجة ملحة لمن يقوم أداءها ويرشدها للعوار المجتمعى الناتج عن سوء أداء اقتصادى يصب في مصلحة رءوس الأموال المنتفخة وغير الوطنية والتي ترفض مد يد العون للبلاد حتى وإن كان النداء صادرا لها من رئيس الجمهورية الذي كرر مطالبته لهم بالتبرع لكن لا حياة ولا حياء لمن تنادى... الحكومة يجب أن تغير من سياستها حتى نعبر تلك الأزمات بسلام حتى لا يتفاقم الحنق المجتمعى أو يصاب المواطن المطحون بلا مبالاة... حمى الله مصر من أعداء الخارج والداخل.
fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية