رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بالفيديو .. «عبد الوهاب المسيري» يساري على سُنة الله ورسوله «بروفايل»

فيتو

ما علاقة «النقطة» في الأفراح الشعبية بظاهرة الإنسان المركبة والمعقدة والتي لا يمكن إرجاعها إلى الطبيعة فقط، وما علاقة كل ذلك بالتراحم أساس المجتمعات، وصولًا إلى الموسوعة التاريخية لليهود، إن كنت قد احترت فيما يسمى هذا وبدأ عقلك ذهابا وإيابا يحاول التقاط الخيوط التي تربط كل هذا ببعضه ستجد نفسك في نهاية طريقك رجلا واحدا اسمه "عبد الوهاب المسيري" الذي ربط كل هذا وصنع فلسفته الخاصة التي يغلب عليها الطابع اليساري مطعما بالنظرة الإيمانية.


ذكرى وفاته
عبد الوهاب المسيرى الذي تحل اليوم ذكرى وفاته السابعة، هو أحد القلائل في تاريخ المعارضة المصرية الذي نستطيع أن نطلق عليه فيلسوف المعارضة، بعد أن سبح الرجل في مختلف التيارات، فبدأها عضوًا في جماعة الإخوان وصولًا إلى الحزب الشيوعي ثم مؤسسا لحزب الوسط، وأول أمين لحركة كفاية في عام 2004 معلنًا رفضه التوريث.

المسيري يصف حالته تلك بقوله "إن الإيمان لم يولد داخلي إلا من خلال رحلة طويلة وعميقة، إنه إيمان يستند إلى رحلة عقلية طويلة، لذا فإنه إيمان عقلي لم تدخل فيه عناصر روحية، فهو يستند إلى عجز المقولات المادية عن تفسير الإنسان وإلى ضرورة اللجوء إلى مقولات فلسفية أكثر تركيبية".

البداية
كان 1938 هو العام الذي جاء فيه المسيري إلى الدنيا في مدينة دمنهور، لينهي تعليمه الأساسي ويلتحق بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ليبدأ بعدها رحلة العلم التي اختلطت فيها الفلسفة بالسياسة بالتدريس، فكانت بدايته بعد أن حصل على الماجستير من نيويورك ليبدأ بعدها في التدريس بجامعة عين شمس.

السياسة لم تكن بعيدة عن الطالب الشاب، فكانت بدايته السياسية مع جماعة الإخوان، واستمر معها لفترة قصيرة، تحول بعدها إلى قيادي يساري وكانت له كلمته الشهيرة في هذا الوقت «أنا يساري على سنة الله ورسوله» قبل أن يقرر أخيرًا أن يؤسس حزب الوسط ثم حركة كفاية.

الفسلفة
أن تدرس ما الحداثة وما مفهوم التنوير، وأن تتخطى الآفاق الضيقة لأخرى أرحب واوسع فإنك بلا شك تبحر مع المسيري الذي انطلق يبحث في تلك المفاهيم ليصنع فلسفته الخاصة التي عبر فيها عن الكثير من القضايا، متسلحًا في كل ذلك كما قال بحديث للرسول «صلى الله عليه وسلم» يقول فيه: «من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له» ليزيدنا المسيري من فضل علمه في مسيرة طويلة وزاخرة.

الحداثة
فلسفة المسيري التي دارت أولا حول ماهية الإنسان ليصفه أنه تركيبة معقدة لا تمكن أن تكون إرجاع تلك إلى الطبيعية نافيًا نظرية الحداثة التي تشير إلى تطوير النسل على مر القرون بفعل الطبيعية.

المرض
فيلسوف مثل المسيري لم يكن لتمر أزمة عليه إلا ويتخذ منها فكرة يؤرخها، فبعد أن تعرض للمرض كتب ليقول "ذقت طعم المرض والموت لا كمقولات مجردة، وإنما كتجربة عشتها بنفسى وتعرضت للطب التعاقدى في أمريكا، أنا الذي لم أعد أحدا في مرض إلا نادرا، تعلمت أهمية أن يقف المرء إلى جوار الآخرين في لحظات الشدائد، ومن السمات الأساسية في الحضارة الغربية الحديثة بل أهم سلبياتها النسبية المعرفية والأخلاقية؛ أصبح الإنسان بلا مرجعية، شخصا غير قادر على الحكم، فالنسبية تنزع القداسة عن العالم وتجعل كل الأمور متساوية فالظلم مثل العدل. تآكلت المعايير الأخلاقية والاجتماعية وترك الإنسان بلا معيارية (أي بلا مقاييس يحتكم إليها، أصبح للرجل عشيق لا عشيقة)"

المجتمع
المجتمع الأساسي هو القائم على التراحم لا على العقائد، ولهذا يمكننا أن نفهم كيف ربط المسيري بين النقطة في الأفراح الشعبية كنوع من التراحم، وبين أساس المجتمعات، ويقول في هذا الأمر إننا نعتبر أن الأمم من حولنا تسقط، لكن إننا كأمة نذبل؛ لأننا الأمة التي أراد الله لها أن تكون الأمة الشاهدة على الأمم.

سقطت كل النماذج المعرفية المادية ولم يبق إلا النموذج القائم على الأخلاق والمستمد من كتاب الله وسنة نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، إنهم يبحثون الآن عن تفعيل المفهوم الأخلاقى في جميع الأنشطة (سياسية - اقتصادية – اجتماعية وغيرها) تأسيسا لما قاله سيد المرسلين: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

الموسوعة التاريخية لليهود
25 عاما وهو يعكف على كتابته، لم يكتف بآراء هنا وتأريخ هناك، فالمسيري حينما يكتب يجب أن يكون الأمر على مستوى الحدث فما بالك أن تلك الكتابة عن تاريخ اليهودية وهو تلميذ جمال حمدان عراف السياسة العربية، ربما لذلك لم يكترث بالمرض الذي أصبح يلاحقه وهو يدون موسوعته الشهيرة التي حملت اسم اليهودة بجانب كتب كثيرة.

وفي مثل هذا اليوم وفي عام 2008 توفى المسيري تاركًا وراءه الكثير من الكتب للدارسين والباحثين ونظرة فلسفية امتزج فيها العلم بالإيمان.
Advertisements
الجريدة الرسمية