رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

واجعلها إن شئت «استعراضية»


إلى المواطن عبد الفتاح السيسي، المسئول عن وظيفة إدارية منحها له ثقة الشعب المصري، وهي أن يتولى حكم تلك البلاد التي تغوص في منطقة تشتعل أطرافها من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال من خلال جماعات ممولة هدفها الأول والأخير هو دخول تلك البلاد في حرب استنزاف داخلية.. لعلك شاهدت كل ما انتاب المصريين من حسرة وحزن في يوم أسود أدمى جبين كل أم مصرية، رأت من في سن أولادها وهم جثث في شهر عرف أنه الشهر الكريم.


الأمر فجيعة، والعملية دنيئة ومرتكبوها يستحقون الحرق بلا هوادة، ومناصروهم يستحقون عقابهم، الأمر لا هزل فيه فقد علمنا الساخر جلال عامر، ألا نقف بجوار مليشيا أمام الوطن حتى لو كان الوطن هو عبارة عن رصيف، ولعلك شاهدت تضامن الشعب المصري مع جيشه حتى المعارض لك.

لكن ليست تلك المشكلة الآن، نعم.. المشكلة ليست في عملية إرهابية ينفذها معتادو الإرهاب بتمويل خارجي، الأمر أعمق سيادة الرئيس، إنها الثقة، "الثقة يا ريس"، يقول البعض إن ما حدث هو محاولة لاحتلال الشيخ زويد، أدرك جيدًا أن هذا إفك؛ ليس لأن تلك الجماعات لا تريد ذلك وإنما لأنها بحكم الجغرافيا لن تستطيع ذلك.. مازلت أذكر مذكرات «موشيه ديان» التي اعترف فيها بأن سيناء غير قابلة للاحتلال، وإنما تصلح للمساومة فقط، والسبب هو وجود عمق إستراتيجي لمصر، عمق يمكنها من الناحية العسكرية أن تخوض حرب استنزاف لا يرتاح فيها العدو، وهو السيناريو الذي تم في الفترة من 67 - 70، ولعلك تدرك أنه لو لزم الأمر فشباب مصر «إلا قليلا» على استعداد لألا تجعل موطئ قدم في سيناء إلا وفيه شاب يحمل سلاحه.

ليست تلك المشكلة كما قلت وإنما في الثقة، الجميع تضامن مع الجيش المصري ولكنهم بدأوا يتساءلون كيف يحدث هذا؟، نعم بدأوا يتساءلون ويحق لهم أن يتساءلوا، بدأوا يفكرون كيف لم نستطع القضاء على هؤلاء البغاة الكافرين بكل شرع؟، بدأوا يتحدثون بينهم وبين أنفسهم همسًا أليس هذا خير أجناد الأرض؟، بدأت الأفكار تلوح في العقول.

باختصار سيادة الرئيس، هناك مراجعة للصورة الذهنية التي رسمها الجيش المصري على مدى تاريخه المجيد، تتعرض تلك الصورة الآن للخطر بصورة كبيرة لم تحدث حتى في 67، حينما دُكت مواقع الطيران المصري فكان عزاء الشعب أن الجيش لم يحارب، أما الآن فالجيش يحارب ويرصد ويعلن عن مقتل إرهابيين، وفي النهاية يتم اغتيال النائب العام ويستشهد الجنود.

الثقة التي نقلها جندي معركة عين جالوت يدا بيد إلى جندي أكتوبر، أصبحت الآن محل شك، لا لشيء سوى لأن ما يحدث لا يقودنا إلا لهذا الشك، يقودنا إلى مواجهة نخشى منها جميعا هل أصبحنا ضعفاء؟، نعم هل أصبحنا غير قادرين على حماية الأرض؟.. هل هناك خلل ما؟.. أين الخطأ؟.. وما المصيبة التي حلت بنا؟

سيادة الرئيس الأمر لم يكن وليد اللحظة، أذكرك بتفجير مديرية أمن العاصمة، الحدث الأول في التاريخ من نوعه، أذكرك بجنود سالت دماؤهم وهم على مائدة الإفطار في رفح، والآن تتجدد الدماء ونحن مازلنا نعلن البيانات التي تشير إلى دك حصون الإرهابيين، ولا أدرك كم حصنا باقيا بعد دك الحصون لمدة أربعة أعوام؟

كيف نعيد الثقة؟.. هو الأمر الواجب الآن عليك سيادة الرئيس، بصفتك قائد أعلى للقوات المسلحة، وناهيك عن البيانات التي تعلن عن دك حصون الإرهابيين؛ لأنها تجعلني أشعر بأن هناك ندية واضحة، وهو ما يقلل من قيمة جيشنا الباسل، نعم تلك البيانات التي يهلل لها البعض في قتل بعض المرتزقة، نريد أمرا أكبر من ذلك، نريد كما يقولون "علامة"؛ لأنهم مجرد رعاع، المواطن البسيط ونحن معهم نريد أن ندرك كيف أن الجيش حينما يضرب يوجع، وحينما يحين وقت القتال فأبواب النيران تفتح على مصراعيها، نريدها إن شئت استعراضية!.. نريد شيئا غير تلك البيانات.
Advertisements
الجريدة الرسمية