رئيس التحرير
عصام كامل

كيف ينشر الفلسطينيون قصائدهم داخل إسرائيل!

محمود درويش
محمود درويش

لم يكن خوف إسرائيل من الشعر والثقافة الفلسطينية وليد اليوم، إنما يمتد تاريخه بامتداد إعلان الدولة على أشلاء النكبة الفلسطينية، إذ تخشى إسرائيل دائمًا من أسياف القوافي وحروب الكلمة التي يشنها عليهم شعراء الداخل الفلسطيني، وكان أول من واجه آليات القمع، هو الشاعر الكبير محمود درويش، الذي اعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة، وصادرت أبيات شعره إلا أنها بقيت تطوف في قلوب العالمين من بعده.


ويجيب الناقد الكبير رجاء النقاش من خلال كتابه "أدباء معاصرون"، على سؤال مهم يجول في خاطر الذي يقتربون من أدب المقاومة، حيث يسرد النقاش عام 1971 رأيه في ذلك الشاعر الشاب الذي يدعى محمود درويش، وكان درويش يبلغ من العمر 30 عامًا آنذاك، موضحًا كيف يستطيع أدباء وشعراء الأراضي المحتلة نشر قصائدهم ودواوينهم، يقول:

«ويتبادر إلى الذهن عند الحديث عن محمود درويش سؤال هو: كيف تسمح السلطات الإسرائيلية بنشر هذا الشعر الذي يحمل في كل سطر منه تعبيرا ثوريا عنيفا ضد إسرائيل وصانعي إسرائيل؟ الحقيقة أن محمود درويش ورفاقه من شعراء المقاومة العربية في إسرائيل كانو يستفيدون من كل ثغرة في النظام الإسرائيلي أو في القانون الإسرائيلي للتعبير عن أنفسهم، فهناك قانون يسمح لكل مواطن بإصدار نشرة واحدة في العالم دون رقابة.

ومن خلال هذا القانون وأمثاله من القوانين التي تهدف إلى أعطاء واجهة ديموقراطية زائفة لإسرائيل، يتحرك العرب في الأرض المحتلة، ولا يتركون فرصة واحدة ممكنة تفلت منهم على الإطلاق، وهكذا تصدر دواوين محمود درويش وغيره من الشعراء، ولا تكاد هذه الدواوين تصدر حتى تصادرها السلطات الإسرائيلية وتعتقل أصحابها.

وقد أثارت الحركة الشعرية الجديدة بالذات، والتي يقف في طليعتها محمود درويش، أعصاب السلطات الإسرائيلية فصدرت أوامر بمنع نشر الشعر العربي القومي في الصحف العربية، ثم صدرت بعد ذلك أوامر بإغلاق معظم الصحف العربية نفسها.

وعندما لجأ العرب إلى إقامة أمسيات شعرية، يلتقي فيها الجمهور مع الشعراء، صدرت الأوامر بمنع هذه الأمسيات ومعاملتها على أنها مظاهرات وطنية أو تنظيمات سياسية معادية لإسرائيل».
الجريدة الرسمية