رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تكون «روائيًا» في 3 أيام؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في معرض فانكوفر في كندا، يوجد ممر أو قسم يجلس فيه الكتاب الشباب من أي بلد في العالم، ويهدي المعرض للكتاب الأقلام والأوراق والآلات الكاتبة تشجيعا لهم حتى يؤلفوا روايتهم الأولى.


في غرفة صغيرة يوضع المؤلفون وعليهم حماية أنفسهم من المتطفلين، ووضعت عليها لافتة كبيرة كتب عليها: «لا تزعجوا المؤلفين»، ورغم وجود هذه اللافته إلا أن كل كاتب له طريقته الخاصة لحماية نفسه من الفضول والمقاطعة والتدخل..

أحدهم كتب أمامه لافتة تقول «ما زلت عاقلا»، وآخر وضع في أذنيه «سدادتين» تمنعان وصول أصوات رواد المعرض إليه، وثالث يحضر إليه «مدلكا»، كل فترة يحاول ترويض كتفيه وذراعيه ويديه ليستأنف الكتابة على الآلة الكاتبة مجددا، ورابع يصرخ في الجمهور «لا شأن لكم بي.. دعوني أكتب»، وخامس يلف سارحا حول نفسه أو الآلة الكاتبة ثم يهتف مقلدا أرشميدس العالم اليوناني، «وجدتها.. وجدتها»، يقصد على فكرة الرواية.

الكاتب يمضي في المعرض فترة لا تتجاوز 3 أيام، وعليه أن يؤلف خلالها روايته وإلا خرج من المسابقة مهزومنا من حيث الشكل لأنه خالف الشرط الأول في المسابقة وهو أن يتم تأليف الرواية في 3 أيام يمكن أن تنقص ولكنها مستحيل أن تزيد.

فكرة المسابقة كما رواها الكاتب محسن محمد في كتابه «إنهم يقتلون الأدباء»، نشأت أثناء حديث على فنجان قهوة بين ناشر صغير وبائع كتب قديمة، وأثناء حديثهما عن سوق الأدب، قال أحدهم هل يعرف القراء أن فولتير أمضى خمس سنوات في كتابة «مدام بوفاري»؟ فرد صاحبه قائلا لكن فولتير أيضا كتب رواية «كانديد» في ثلاثة أيام وقت أن كان عمره 65 عاما.

ومن وقتها واتفق الصديقان على محاولة التجربة، وبعدما انتهت المدة اكتشفا أنهما فشلا، لكن الناشر الصغير رأى أنه من المهم البحث عن فولتير ثاني، فأعلن عن مسابقة تأليف الرواية في ثلاثة أيام، واشترط أن يلتزم الكاتب بالمهلة المحددة، وسوف يحصل المؤلف على النسبة التي يحصل عليها كبار الكتاب، وأنه سوف ينشرها مهما كان عمل المؤلف «نجار – حداد – موظف – ساع – صحفي»، وشكل لجنة من المؤلفين والأدباء وممثل عن الناشر لتتولي مهمة التحكيم.

ولضمان صدق المؤلف أنه كتب العمل في ثلاثة أيام عليه أن يقسم أنه ألف العمل في ثلاثة أيام ويوقع على ورقة موجود فيها القسم.
ومن طرائف المسابقة أن مؤلفة تقدمه برواية مكونة من 500 صفحة، وشككت اللجنة إمكانية كتابة رواية بهذا الحجم في 3 أيام، لكن بعد قراءتها أجمعت أن المؤلف صادق حيث إن الرواية تافهة يمكن كتابتها في أيام معدودة.

وقال إن زوجة كانت تكتب 4 ساعات متواصلة، ثم تصرخ في زوجها ساعة كاملة لأنه لا يساعدها كما ينبغي أن يساعد زوج زوجته العبقرية.

وسجلت امرأة أخرى على شريط كلمات ترد بها على صديقاتها اللاتي يريدن الحديث معها «معذرة.. الإلهام لا يجيء والنوم يجدد خلايا العقل».

يشارك في المسابقة كل عام ما يقرب من ألف متسابق، يقترب بعضهم من العشرين ويصل آخرون لسن السبعين، والجميع يجدونها فرصة لنشر مؤلفهم الأول، والغريب أن الجميع يؤكدون أنهم كتبوا الرواية في ثلاثة أيام لأن التحدي يدفعهم لذلك.
الجريدة الرسمية