رئيس التحرير
عصام كامل

حسن نافعة في ذكرى 30 يونيو: الجماعة اقتادت البلد إلى المجهول ونطاق الحريات ضاق تدريجيّا

فيتو

  • >> الإخوان خططوا لإعادة تشكيل الأمن والجيش وفقا لهواهم وأيديولوجياتهم
  • >> "السيسي" ما زال يحظى بشعبية تكفي لاتخاذ قرارات جريئة
  • >> مصر كانت في طريقها لكى تتحول تدريجيّا إلى دولة فاشلة
  • >> لم يتحسن شيء في مصر منذ عامين تقريبا
  • >> نريد مصالحة تعزل الإرهاب وتحتضن من لم تلطخ يداه بالدماء 
  • >> الجماعة رجحت كفة المغالبة على المشاركة 
  • >> الإعلان الدستوري أكبر أخطاء "مرسي"

كان السؤال المفتاح والبديهى الذي وجهته إلى الدكتور حسن نافعة الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في حوار "فيتو" معه: ماذا كان سيحدث إذا لو لم تقم ثورة 30 يونيو؟

فأجاب: "كان الإخوان سيأخذون مصر إلى طريق مجهول وتتحول تدريجيا إلى دولة فاشلة شأنها شأن العراق وسوريا واليمن، لأن نزعة التطرف والتشدد الديني والتحريض الطائفي، كانت بدأت تبرز على السطح، وهذه الأمور كان يمكن أن تهدد وحدة المجتمع المصري ككل، بالإضافة إلى مخاطر محاولة إعادة تشكيل أجهزة الأمن والجيش، بما يتناسب مع هوى وأيديولوجيات جماعة الإخوان، ومن الصعب استسلام أجهزة الأمن لهذه التحركات ولكن هذه المخاطر كانت واردة في عهد الإخوان، كما كان سيضيق نطاق الحريات تدريجيا، ولم يكن هناك ما يضمن أن تستمر الحريات على نفس المستوى الذي كانت قائمة عليه قبل حكم "مرسي". 

*هل فشل الإخوان أم تم إفشالهم؟
الإخوان فشلوا وكان بيدهم ألا يفشلوا لو كانوا قرءوا الخريطة السياسية المصرية قراءة جيدة، ولو كانوا مستعدين بالفعل للعمل وفق المبدأ الذي طرحوه وهو المشاركة لا المغالبة، ولكنهم في الواقع رجحوا كفة المغالبة على المشاركة وخدعتهم نتائج الانتخابات البرلمانية وتسرعوا في تقديم مرشح رئاسي لجماعة الإخوان، لكن كان الأفضل لهم أن يتفقوا مع الجيش والقوى الوطنية على مرشح توافقي، ولكنهم لا يستشيرون أحدا ولا يعملون سوى ما يتفق مع أيديولوجياتهم فقط.

وكان بيد "مرسي" حينما اشتدت المعارضة، أن يفهم أن وزن الإخوان محدود بالمقارنة بمصر، لأن مصر أكبر بكثير من هذه الجماعة، وأن هناك ثورة أوصلتهم إلى الحكم، ولو كان "مرسي" تحالف مع كل القوى الثورية وأدار البلاد وفقا للحد الأدنى المشترك بين هذه القوى، لما وقع في الأخطاء التي وقع فيها، ولكنه ظل يرتكب مزيدا من الأخطاء حينما قرر إعادة مجلس النواب المنحل، فدخل في تناقض فورا مع المحكمة الدستورية العليا ومع الجهاز القضائي بشكل عام، واستمر هذا التناقض يتصاعد إلى أن تمت محاصرة المحكمة الدستورية العليا، مما أوضح أن جماعة الإخوان غير قادرة على إدارة عملها جيدا مع مؤسسة القضاء.

أيضا بدأت الجماعة تتناقض مع الإعلام حين حاصر السلفيون مدينة الإنتاج الإعلامي وظلوا يحرضون على العنف حتى إقدامهم على الإعلان الدستوري في 22 نوفمبر، والذي يعد أكبر خطأ ارتكبته الجماعة، مما أدى إلى تشكيل جبهة معارضة ما كانت لتتوحد لولا صدور هذا الإعلان الدستوري، كما ارتكب "مرسي" خطأ أكبر عندما شارك فيما يسمي بمؤتمر "نُصرة سوريا" الذي نظمه السلفيون والجهاديون، وبحضور "مرسي" هذا المؤتمر أكد أن الإخوان أقرب إلى الجماعات التكفيرية والجهادية، كما أخطأ "مرسي" عندما بدأت حركة تمرد في الانتشار ولم يدرك أنه كان بإمكانه قبول فكرة الانتخابات الرئاسة المبكرة من حيث المبدأ، فلم يُفشل أحد "مرسي" ولكنه أفشل نفسه، وشخصيته الضعيفة وخضوعه لمكتب الإرشاد جعلاه مُقيد الحركة وغير قادر على اتخاذ القرارات السليمة.

*ماذا تحقق على أرض الواقع بعد ثورة 30 يونيو؟
لم تتحقق أشياء كثيرة، تحققت أشياء محدودة، هناك إحساس أكبر بالطمأنينة في الشارع، وقل الانفلات الأمني، لكن في المقابل زادت الحوادث الإرهابية والعنف، والجهاز القضائي أسرف في أحكام الإعدام وظهر وكأنه تابع للدولة، هناك ارتفاع في مستويات الأسعار يتحمله المواطن على أمل أن تؤدي المشروعات التي يقيمها "السيسي" إلى تحسين ظروفه، لكن لم يتحسن شيء تقريبا باستثناء إحساس المواطن بأن البلاد ممسوكة بأيد قوية وزوال خطر الإخوان، ولكن هذا الوضع مؤقت ولن يستمر طويلا، ما لم يحدث تحسن تدريجي في أحوال معيشة المواطنين، سيبدأ شعور كبير بالتململ وسيفقد "السيسي" شعبيته التي تآكلت، ولكنها ما زالت كبيرة حتى هذه اللحظة، وما زال يحظى بشعبية تكفي لاتخاذ قرارات جريئة، لكن إذا لم يشعر المواطن بتحسن ظروفه في مدة أقصاها 6 أشهر، فستكون هناك أزمة من جديد.

*هل تؤيد فكرة المصالحة مع الإخوان؟
هناك شباب ينتمي لثورة 25 يناير مُلقى في السجون، وهناك حالة تهميش للقوى السياسية وحالة فراغ سياسي، ومطلوب أن يناقش الرئيس الوضع السياسي مع كل القوى، وتغيير قانون الانتخابات لأن إجراء الانتخابات وفق القانون الحالى قد يؤدي إلى كارثة ولذلك أؤيد المصالحة مع المجتمع ككل، ونريد مصالحة تؤدي إلى عزل الإرهاب واحتضان كل من لم تلطخ يداه بالدماء ولا يحرض على الإرهاب، ويجب على الدولة إعطاء هؤلاء الفرصة للمشاركة في صنع القرارات، وهو الأمر الغائب الآن وهو أخطر ما يجري في الوقت الحاضر.
الجريدة الرسمية