رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح عيسى: 30 يونيو حتمية تاريخية ولولاها لصارت مصر دولة فاشية

فيتو

>> الإخوان أفشلوا أنفسهم بطريقة إدارتهم للصراع
>> مصر كانت ستشهد نظاما أكثر استبدادية وعنصرية عن سابقيه

>> كنا سنتحول لدولة طائفية تجري فيها الدماء دون توقف
>> مستبشر بسيناريوهات الغد ومصر تسير على درب التجديد
>> خاطفو الثورة أدخلوا مصر لفترة وجيزة في نفق حالك الظلمة
>> ضعف القوى السياسية في "يناير" مكن الجماعة من اختطاف الثورة



التاريخ هو صاحب القرار الأخير في المعارك السياسية، وهو سيد الموقف في نهاية كل الأزمات التي تمر بها أي دولة على الإطلاق، وشهدت مصر مؤخرا العديد من الكبوات التي سيوضح التاريخ ما لها وما عليها لاحقًا، إلا أن ثورة 30 يونيو بصمة وضاءة في جبين الشعب والجيش المصري، الذي استطاع إنقاذ البلاد من نفق الظلمة الذي كان يجتاحها، وفي ذكرى تلك الثورة، وجب رسم معالم سيناريوهات المستقبل المحتمل لمصر في الفترة المقبلة، وإيضاح أسباب وعوامل نشوب تلك الثورة.


الكاتب الصحفي والمؤرخ الكبير صلاح عيسى، يرى في حوار لـ"فيتو"، أن ثورة 30 يونيو تجمعت حولها كل الظروف التي تؤهل لنشوبها؛ حيث كانت القوى السياسية المدنية التي شاركت في ثورة يناير وفجرتها، تتوقع إقامة دولة مدنية عصرية، وتأسيس نظام ديمقراطي بعيدًا عن الأنظمة البائدة للاستبداد، ولكن لم تكن هذه القوة بالقدر الكافي من التنظيم والتكنيك الذي يسمح لها بتنفيذ ذلك، لذا نجحت القوى الأكثر تنظيما وهي جماعة الإخوان المسلمين، في اختطاف الثورة وتوجيهها توجيها مختلفا يخدم مصالحهم وسياستهم، وتوالت الشواهد التي تؤكد ذلك، مؤكدًا أنه لو لم تقم ثورة 30 يونيو لنشأ في مصر نظام أكثر استبدادية وعنصرية عن سابقيه، قائم على الفاشية الدينية، وكانت مصر ستتحول إلى دولة طائفية تجري فيها الدماء دون توقف، لذا كانت 30 يونيو حتمية تاريخية، وطدتها العوامل المصاحبة والظروف التي شهدتها مصر في عام من حكم الإخوان المسلمين. 

* كيف رأيت إستراتيجية الإخوان في الحكم؟
تفتقد لأي خبرة في إدارة الدولة المدنية؛ حيث تفتقر الجماعة لعنصر أساسي من أساسيات الأحزاب أو الجماعات وهو "الاجتهاد" للمواءمة ما بين أفكارها التقليدية في تطبيق الشريعة ورفع الشعارات، وبين الاجتهاد الفكري الخلاق الذي يسود الدول المتقدمة، فلا يوجد بينهم فقهاء بالمعنى الصحيح، وتجربتهم في إدارة البلاد تكشف أنه لا خبرة لديهم، واصفًا إياهم بأنهم "عضلات بلا عقل وجسم بلا رأس"؛ حيث يمتلك الإخوان قدرة فائقة على الحشد، ليتم الزج بالشعب إلى حلم غير محدد الملامح، مستندين في ذلك على تدين الشعب المصري.

وخلال عام واحد من حكمهم، استطاع المواطن العادي اكتشاف أنهم يقولون ما لا يفعلون، واكتشفنا أننا أمام ظاهرة تتاجر في الدين، وتجعل منه ستارًا وعباءة يمكن التستر وراءها، وتبين أنهم سعوا إلى إقصاء كل من هو ضدهم ويخالفهم، حتى أولئك الذين لهم الفضل الأول في قيام ثورة يناير، لذا فإن الإخوان أفشلوا أنفسهم بطريقة إدارتهم للصراع التي تدل على الفشل، فهم يسعون إلى تنفير الناس منهم باستخدام العنف وتصعيب الحياة على المصريين.

وكان من أشد الويلات التي وقعت على رأس الشعب المصري فترة حكم الإخوان، هو "مشروع النهضة" الذي كان وهمًا وسرابًا انخدع فيه الشعب، لنكتشف بعد توليهم الحكم أنه مشروع محل دراسة فقط، وكان مجرد شعارات إعلامية لا أساس لها من الصحة، ولكن خبرة المصريين التاريخية استطاعت كشف أكذوبتهم في وقت قصير. 

* كيف ترى الوضع الراهن؟
التاريخ لا يعود إلى الوراء، والوضع الحالي هو الطبيعي الذي كان لا بد له أن يحدث عقب الثورة مباشرة، إلا أن خاطفي الثورة استطاعوا إدخال مصر لفترة وجيزة في نفق حالك الظلمة، إلا أن استجابة الجيش المصري لنداء الشعب كان شارة التخلص من تلك الأنظمة، لتنتقل مصر من مرحلة الثورة إلى الدولة لتبني أسس بلد حضاري جديد. 

* ما هي مشاكل مصر الراهنة من وجهة نظرك؟
أبرزها أننا مازلنا نواجه مشكلة كبرى مع الإرهاب، والحرب التي تشنها الجماعات الإسلامية المدعومة بدعم إقليمي ودولي، ساعية إلى فرض سيطرتها على الشعب المصري، وآخرها اغتيال النائب العام منذ ساعات، التي تثبت أن المعركة مع الإرهاب طويلة المدى ولم تنته، إلا أن تلك المساعي لن تصمد طويلا؛ بسبب تأييد الشعب للرئيس والحكومة الحالية، والتفافهم حولها ودعمها بكل قوتهم؛ لإقامة دولة مدنية حقيقية، وهو الحلم الذي يحلم به جميع طوائف المجتمع المصري.

* كيف ترى سيناريوهات الغد؟
على الرغم من الكبوات التي تعرضت لها مصر في الآونة الأخيرة، إلا أنني مستبشر في سيناريوهات الغد؛ حيث إن مصر تسير على درب التجديد، فالنظام قبل ثورة 25 يناير كان مختلطا شبه رئاسي، أما الآن فهو نظام رئاسي شبه برلماني مع ترسيخ مبادئ السلطة، وأؤكد على أنه بمجرد إكمال المرحلة الانتقالية سنبني اقتصادا مزدهرا، ونظاما حاكما يقوم على التعددية الحزبية السليمة.
الجريدة الرسمية