رئيس التحرير
عصام كامل

الرصف على الناشف


رغم ما يقوم به المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، من جهد ملحوظ خلال الفترة الأخيرة في متابعة الحالة المتردية لبعض المستشفيات الحكومية بالقاهرة والجيزة، وعلى رأسها معهد القلب ولقاء المرضى على السلالم، التي يعتبرها فرصة لتوزيع "مراهم" الصبر على البسطاء والفقراء، وترديد الكلمات الكبيرة التي يسمعها هؤلاء من كل مسئول، من عينة "أن مصر لن تنسى فقراءها ولن تهين بسطاءها ولن تسامح أطباءها على ما فعلوه في المرضى".


ولكن تبقى هذه المحاولات لا قيمة لها وعديمة الجدوى، ففي كل شارع مستشفى يغيب عنه الإمكانيات وفي كل محافظة مستشفى مركزي يعيش على التبرعات، وفي كل حي مؤسسة علاجية تنتظر اهتمام الدولة، وفي كل قرية وحدة صحية لا تقدم أي خدمات للمرضى، وهل هذه الحقيقة غائبة عن المهندس محلب؟

بالتأكيد ليست غائبة، ولكنه اختار الحل السهل، اختار أن يهتم بما هو ظاهر فقط، وبلغة المقاولين اختار أن يرصف الطريق دون أن يهتم بدخول المرافق، يعني رصف على الناشف، أراد أن يجمل المبنى دون أن يعالج الشروخ.

لو كان محلب جادا في حل مشاكل المستشفيات الحكومية، لطلب من المتخصصين كل ما يتعلق بهذه المنظومة والبحث عن إجابات لأسئلة كثيرة منها لماذا أصبحنا في ذيل القائمة؟.. ولماذا تجاوزت أخطاء أطبائنا النسب العالمية؟.. ولماذا أصبح الطبيب المصري سيئ السمعة في مهنته ولم يعد كما كان في الماضي؟

لو كان محلب حريصا فعلا على صحة المصريين، وأن الدولة لن تتركهم يهانون كما يقول دائما، لبحث عن إجابة للسئوال الأهم في المنظومة الصحية، لماذا لا تقدم المستشفيات الحكومية والجامعية سوى 30% من الخدمة الطبية للمرضى؟، ويستحوذ القطاع الخاص على علاج 70% من المرضى بشروطه، هو الدفع قبل العلاج والطرد لمن لا يملك، فالمنظومة الصحية لن تتحسن بإقالة مدير مستشفى وتعيين آخر من نفس المدرسة التي ترفع شعار "على قد فلوسهم"؛ حيث زار محلب خلال الشهور الأخيرة، عددا من المستشفيات بدأها بمستشفى باب الشعرية الجامعي، وآخرها كان مستشفى الوراق وإمبابة العام، ولو قادك حظك العاثر في زيارة هذه المستشفيات بعد زيارة رئيس الوزراء لها لن تجد تغييرا حدث في الخدمة، اللهم سوى زيادة معدلات دهان المرضى بمراهم الصبر؛ وهذا لأن المنظومة واحدة قبل الزيارة وبعدها.
الجريدة الرسمية