رئيس التحرير
عصام كامل

المحاسبة.. عرفناها قبل الغرب.. ولكن!


المناصب التي تعرف الديمقراطية ليست شيكا على بياض ولا توكيلًا مفتوحًا بلا حساب، يفعل المسئول بمقتضاه ما يشاء دون حساب.. بل هو عقد تكليف تنص بنوده على وجوب المساءلة والعقاب في حالة الجرم.. أما في الدول الأقل شفافية وديمقراطية، فإن الوظيفة العامة تأتي بالتعيين أو بالأمر المباشر، ومن ثم تصبح المساءلة حقًا لمن يملك المنع والمنح أو التعيين والفصل، وهنا يصبح الولاء مطلقًا لصاحب هذا الحق، ويصبح إرضاؤه الشغل الشاغل لأصحاب الوظائف العامة بعيدًا عن رقابة المجتمع.


لقد كانت المحاسبة والشفافية ثقافة إسلامية بامتياز، عرفناها قبل الغرب بقرون طويلة.. تعلمنا ذلك في أولى خطب أبي بكر الصديق، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال لرعيته "ولّيت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني".

وقد كان لعمر بن الخطاب، شروط في الولاة تقضي بمحاسبتهم بشفافية تامة بقواعد تفصل المال العام عن الخاص، وكان أول من استن مبدأ "من أين لك هذا".

كما أنه قال لأحد ولاته: "يا هذا إن الله قد استخلفنا على خلقه؛ لنسد جوعتهم ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها.. إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملًا التمست في المعصية أعمالًا، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلها المعصية".. هكذا أسس عمر لدولة العدل والشفافية والمحاسبة.. وقد حاسب نفسه وقال قولته المشهورة "لو تعثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة لمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر".. هكذا ينبغي أن نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا الله.

ولكن السؤال ماذا جرى لأمتنا الإسلامية؟.. وما هذا الكم من الجرائم التي ترتكب باسم الدين.. والإسلام منه بريء؟.

ويا أٍسفاه.. دول تأخذ اسم الإسلام ولا تنفذ تعاليمه وأصوله وقواعده ورحمته وسماحته وبساطته.. بينما هناك دول غير إسلامية تحمل كل معاني الإسلام العظيمة السمحة، وتقدس العلم والعمل والإنتاج والأخلاق الحميدة، وتطبيق القانون على الصغير والكبير.
الجريدة الرسمية