رئيس التحرير
عصام كامل

خازوق الوزير وشبَّاك حبيبة شَمَنْدِي.. طبق الأصل


لا شيء أكثر بؤسًا وشقاءً من الانتقال المفاجئ من النور إلى العتمة، ومن بستان زهور إلى مقلب قمامة.. إنها مقاربة مع ما يمارسه السادة الوزراء علينا على مدى التاريخ.. يسحبوننا إلى عالم الآمال والبشارات بتصريحات عن رغد العيش وألا نشغل البال بماضي الزمان وأن نغنم من الحاضر شَهْدَ اليقين.. ثم نسقط من أحلام سابع سماء على خازوق سابع أرض.. إنها نفس الحالة التي عاشها صاحب هذه الحكاية.


يحكي صاحبي أن صديقه شَمَنْدي عاش غارقًا في بكائية حبه الضائع بزواج محبوبته بغيره، الذي رزقت منه بنصف دستة عيال.. وذات صيف كنا بالإسكندرية، عاد إلى الشقة متهللًا.. لقد التقاها صدفة أمام العمارة، قالت له إنها تقضي الصيف بنفس الشارع، وبدا كأن دوارًا أصابه حين قال إنها دعته لزيارتها بشقتها والأولاد والزوج بالبلاج.. حان موعد اللقاء في الثانية من ظهر اليوم التالي.. يقول صاحبي خرج شَمَنْدي في كامل أناقته، وبينما كنت أتهيأ للخروج، سمعت طرقًا عنيفًا متتاليًا على الباب، فتحت وإذا بشمندي يندفع داخل الشقة، ليسقط مغشيًا عليه، أغلقت الباب ثم سمعت صيحات رجال ونساء على السلم حرااامي حرااااااامي.

فتحت الباب أستطلع الأمر، فقال الناس حرامي كان في العمارة إللي جنبك طلع يجري ودخل العمارة.. قلت لهم أكيد طلع السطوح وأغلقت الباب وانغمست في إفاقة شمندي، الذي بدا كما لو كان قد خرج لتوه من طشت عصير طماطم.

بدأ شمندي يحكي.. واتضح أن الحرامي المطارَد كان هو.. قال: دخلت العمارة وصعدت عدة درجات بسرعة، وضربت الجرس ففتحت وكانت في أحلى زينة، دخلنا حجرة الجلوس، وبعد دقيقتين رن الجرس، تطَلَّعَت من العين السحرية ثم دخلت علىَّ تلطم.. جوزي جوزي.. اتخرب بيتي يا شمندي.

خرجت مسرعًا لأختبئ ودخلت حجرة النوم واختبأت تحت السرير.. فتحت هي لزوجها وسمعتها تسأله عن سبب عودته فقال محتاج الحمام.. دخل الحمام، وجاءتني تهمس اخرج بسرعة الله يخرب بيتك، هممت في اتجاه باب الشقة فجذبتني من قميصي، وقالت الباب لأ.. فسألتها أمال هاخرج منين؟!.. قالت من الشباك، وأسرَعَت إلى الشباك تفتحه، وقالت لي ده طريق النجاة الوحيد، وإحنا في الدور الأولاني، لو بتحبني وخايف عليَّ اقْزَح من الشباك، كلامها الحلو خَدَّرني وارتفاع دور واحد عادي، واندفعت نحو الشباك وقَزَحْت.

من حسن حظه أنه سقط على عربة طماطم.. تحمل الصدمة، ومن الرعب وحلاوة الروح نهض ليجري ويدخل عمارتنا، ومن خلفه المواطنون يصيحون حرامي حرامي.

استغرقت رحلة علاج شمندي ستة أشهر.. سقط الرجل من سابع سماء؛ حيث حلم اللقاء مع حبيبة العمر وبشارتها بأن الخروج من الشباك هو طريق النجاة الوحيد، وأنه الدور الأول.. وفي الحقيقة كان "الدور الثالث".. هكذا بالضبط ما يفعله بنا السادة الوزراء.
الجريدة الرسمية