رئيس التحرير
عصام كامل

الأخلاق والمصلحة


أخلاق الشعوب هي التي صنعت الحضارات فالأخلاق أتت قبل الأديان لأن الأخلاق الحميدة وجدت بطريقة تلقائية نتيجة التبادل التجارى والثقافى بين الدول فنجد أن حضارات العالم تلاقحت وأخذت من بعضها البعض نتيجة طبيعية لامتزاج جميع الألوان الثقافية والأخلاقية في بوتقة المصلحة العامة فتقبلت الشعوب بعضها البعض فكان بقدر ما توجد المصلحة القوية التي كانت بين بلد ما وأخرى بقدر ما سادت هذه الصبغة الأخلاقية لهذا البلد على الأخرى. فيظن القارئ أن المصلحة هي المصلحة المادية فقط ولكننى أعنى المصلحة التي بموجبها تستمر الحياة فمثلا إن لم توجد مصلحة بين الرجل وزوجته سيكون الطلاق أمرا محتوما لاستحالة استمرار الحياة بينهم فالمصلحة هنا ربما تكون مصلحة مادية صرف أو معنوية كالارتياح أو العشق أو أي لون من ألوان المصلحة.


فمناطق الشرق الأوسط أصبحت منطقة صراع بين جميع الطوائف الدينية والسياسية كلا يريد أن ينفذ أجندته الخاصة من خلال استقطاب وحشد جمع من الشعوب تلتف حول الفكرة المطروحة وتؤمن بها محاولة فرضها باللين أحيانًا وبالقوة أحيانًا أخرى على بقية الشعب والناس في أي مجتمع تبحث عن المصلحة العامة في رغد العيش والحياة الكريمة وأمن المستقبل لأولادهم وأحفادهم غير ملتفتين إلى ما وراء هذه المصلحة.

والعداء الذي يظهره شعب لشعب آخر ما هو إلا عداء صدره الإعلام لتشويه الصورة أو جعل الناس تنظر إلى الصورة من زاوية واحدة فقط وقد أحجب الساسة والإعلام بقية الحقيقة لتشويها لكى يستقر في إذهان الأجيال الحالية والأتية أسباب للعداء غير صحيحة وربما كانت هذه الأسباب موضوعية في وقت ما ولكنها ذابت مع الزمن مع ذهاب فاعليها ومحدثيها منذ زمن بعيد. 
فنجد سياسة سيئة لدولة ما خلقت كرها بين الشعبين، كما في سياسة دولة قطر تجاه مصر وغيرها من الدول العربية فَكَره المصرى إلى كل ما هو قطرى بالرغم من أنه يوجد مصريون يعملون في قطر بصفة دائمة وهناك بنوك قطرية تعمل في مصر وغيرها.

فنجد أن المصلحة هي الشىء الحقيقى في الموضوع وهو الذي فرض نفسه لتلاحم الشعوب وهذا ما نجده في دول الاتحاد الأوربى وما كان بينهم من صراعات وحروب واحتلال وهيمنة دولة أوربية للأخرى والخراب الذي حل على أوربا كلها وشعوبها والظلام والفقر التي كانت تعيشه شعوب هذه الدول وما هى عليه اليوم من تقدم وحضارة وفتح للحدود وتوحيد للعملة والأمن والأمان الذي تحياه تلك الشعوب يجعلنا نفكر في أقطارنا وبلادنا وبلاد الجوار وما نحن مقدمين عليه من دمار لأنفسنا وهذا لبحثنا الدائم في التاريخ لا على ما يجعلنا نفتخر بحضارتنا ولكن لكى نبحث فيه على أسباب تجعلنا نكره ونحارب ونزرع البغض في قلوب النشء والشعوب تجاه بعضها البعض.

ووصل الأمر أن شعوبنا تزرع الحياة وتأكل الموت...فكيف نصدر الحياة والثقافة والعلم على مر عصورها وندخر لنفسنا الجهل والموت فجهل وعشوائية الشعوب العربية في تعاملها مع نفسها سيؤدى بها إلى الهلاك وإن هلكت هلك العالم أجمع..إن جهل أمة من الأمم لا يضر بها فقط ولكنها قنبلة موقوتة ستنفجر يومًا ما في مكان ما لا يعلمه إلا الله.

لذلك أننا بحاجة إلى منظومة حقيقية تعمل لصالح الكرة الأرضية لصالح البشرية في كل بقاع الأرض وهذا لا يتأتى إلا إذا تلاحمت الشعوب بعضها البعض والدولة التي سوف ترعى هذه المنظومة ستكون هي الدولة العظمى ولكن هذه المرة ستحترم من كل بشرية الكرة الأرضية.

فالدول التي تبنى مجدها على أطلال غيرها هي دولة كتبت نهايتها بيدها ولكن نحن في زمن ستكون فيه الغلبة لمن كانت مصلحة بلده متداخلة مع مصالح الدول الأخرى وسيكسب كل شىء بلا أي خسائر فمن ستكون هذه البلد العظمى الجديدة؟ وما سياستها؟ الله أعلم ولكن ستظهر قريبًا جدًا والله المستعان ولك الله ياشرق.
الجريدة الرسمية