رئيس التحرير
عصام كامل

الاتحاد الاشتراكي يعود رأسماليا


لو كنت مكان الرئيس ووسط هؤلاء الذين لا يمثلون إلا أنفسهم لطالبت أكثر من ذلك ولم أكتف فقط بأن تنتهى السياسة من مصر بلا رجعة بعد ثورتين نزل في أولاهما أنقياء مصر من أجل الخير للجميع ومن أجل حرية لم نعرفها وعدالة نسمع عنها فقط في كتب التراث منسوبة إلى عمر الجد وعمر الحفيد منذ ما يقرب من 14 قرنا، ونزل في الثانية معهم الفلول وأصحاب المصالح ورجال مبارك وحلفاء جمال ودراويش الفريق شفيق، ثم اقتسم الجميع نصيبهم من الكعكة باستدعاء سياسات تتماشى مع مصالح الجميع عدا ثوار يناير كعادتهم والذين نالوا جزاء نبلهم تخوينا وتهميشا وسجنا وربما قتلا وهم يحملون الزهور مثل شيماء الصباغ ورفقائها.


لو كنت مكان الرئيس لطردت هؤلاء الذين لم يستطيعوا الرد سياسيا على الرجل وهو يطلب منهم التوحد في قائمة واحدة لكى يدعمهم.. كيف بالله يسمحون بذلك إن كانوا بحق يمثلون أحزابا سياسية بالمفهوم الأدنى للسياسة أو لما يعرف في العالم كله بالدولة... كيف يتنافسون على برلمان في علم الغيب وهم جميعا في قائمة واحدة؟.. إنه إذن اتحاد اشتراكي جديد بدأه عبد الناصر وأنهاه السادات وأنهى معه مصر سياسا وفتح أبوابها للفساد المالى المرتبط بالانفتاح الاقتصادى الأحمق وفتح معه أبواب التطرف والإرهاب باستدعائه لمتطرفى اليمين الدينى من جحورهم حتى عاقبوه وقتلوه في يوم نصر أكتوبر وفي ليلة عيد الأضحى !

لكن في حالتنا العجيبة تلك، لن يكون لدينا حتى اتحاد اشتراكي بل اتحاد رأسمالي يجمع كل الأضداد التي تجمعت ضد دولة المرشد في 30 يونيو ما عدا ثوار يناير الذين يتم تخوينهم وإقصاؤهم منذ انتهاء دورهم الذي أضفى شرعية على يونيو وعزل مرسي، فلقد وصل الأمر بأحدهم بأن يطالب الرئيس بإجراء استفتاء دستورى على إلغاء البرلمان أو تأجيله لأجل غير معلوم وهذا الأمر حادث بالفعل، فلا يوجد لدينا برلمان بعد مرور أكثر من عامين على ثورة اتحد فيها الجميع بما فيهم الفلول وأصحاب المصالح ضد استحواذ الإخوان على كل شىء لكن للأسف بقى للشعب لا شىء وحسب !

فالشعب الذي كان يطمح في حرية وعدالة وكرامة أصبح كل همه هو العيش وفقط، لا يطالب بتخفيض الأسعار بل غاية المنى هو مجرد بقائها ثابتة لمدة شهرين بل إن رئيس الوزراء بنفسه وسطوته طالب بذلك لكن ليس من وزرائه وأجهزته السيادية بل من أصحاب الهايبر ماركت والتجار !

كل عجز في الموازنة يتم تحصيله من الضعفاء، أي من الفقراء بينما السادة المجتمعين مع الرئيس مخرسون ولا ينبسون بشفة عن الشعب أصل الحكاية وسر وجودهم والذين يدعون تمثيله... من تمثل أنت أيها المشتاق لكرسى برلمان لن يأتى قريبا وإن أتى فبشروط معينة ومحددة أولها الطاعة العمياء لما سيفرض عليك من داخل اتحاد أندية التسلية المصرية، تخيل لو الأهلي والزمالك والإسماعيلى والمصرى أصبحت ناديا واحدا واتحدت معا في فريق واحد ضد أندية منسحبة ولا وجود لها، كيف ستكون المباراة؟... هل هذا يعقل في عالم كرة القدم كى نعقله في عالم السياسة الذي يقوم على المنافسة والتبارى في تقديم أفضل العروض للشعوب وليس لأصحاب المصالح؟ !

هل تخشى الدولة من الإخوان... هل تخشى من تسللهم للبرلمان الموعود بينما قادتهم بين سجين أو هارب لتركيا أو منزو في قطر أو السودان وغيرها من الدول، هلى تخشى من كيان معظم شبابه معتقل أو بائس أو خائف أو لائم على جماعته التي دمرته وأضاعت الثورة وتحالفت مع من تحاربهم اليوم؟.... فليكن خوف الدولة من الشعب والذي يمكن ترضيته بأقل القليل... فقط بقليل من الرحمة ورائحة من العدل أو أن تتركه في حاله ولا تحمله أعباء أكثر، ساعتها فقط لن ينزل حتى للتصويت لصالح الاتحاد الرأسمالى الجديد !
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية