رئيس التحرير
عصام كامل

أبطال سيناء.. وذكرى نكسة 67!


أيام قليلة وتهل علينا ذكرى مؤلمة، نكسة يونيو 67، تلك النكسة التي أطاحت ليس بأرواح عشرات الآلاف من شباب مصر والوطن العربي فحسب، بل أطاحت بأحلام الملايين من المحيط إلى الخليج، وجعلت فكرة أو حلم الوحدة العربية يتراجع، واهتزت ثقة دعاة الوحدة في أنفسهم، وأذكر مقولة للخال عبد الرحمن الأبنودي فقد كان يرى أن صلاح جاهين ويوسف إدريس قد ماتا فعليًا في نكسة يونيو 67، ومع هذا كان الأبنودي وفؤاد حداد وصالح جودت وعبد الرحيم منصور وغيرهم ممن حملوا راية رفض الهزيمة حتى تحقق الانتصار في أكتوبر 73.


وبالرغم من محاولة الرئيس أنور السادات تخفيف وقع هذا اليوم على نفوس الشعب المصري، وذلك بجعل إعادة الملاحة في قناة السويس في الخامس من يونيو 75، ولكن ظل هذا اليوم مؤلمًا، تذكرت منذ أيام اللواء إبراهيم الدخاخني، أحد رجال القوات المسلحة في حروبها العديدة من 67 إلى 73، والحقيقة أيضا أنه أحد رجال أبرز العمليات النوعية في تاريخ القوات البحرية المصرية، وهي عمليات تدمير ميناء إيلات للكيان الصهيوني أربع مرات.

كان دوره مخابراتيا؛ لإعداد خطوات التحرك للقوات المهاجمة، وقد لعب دوره في فيلم "الطريق إلى إيلات" الفنان يسري مصطفى، الذي ذكرني بهذا البطل ما يحدث في سيناء، وتعامل البعض مع أهلنا في سيناء وكأنهم غيرنا وليسوا مصريين، وأنهم كانوا يفضلون استمرار الاحتلال، كلام لا قيمة له إلا عند الأغبياء، ومع هذا أتذكر كلمات في منتهى الروعة والقوة للبطل اللواء إبراهيم الدخاخني.

ففي لقاء معه منذ سنوات قال: في وقت الانتصار سهل أن تجد بطولات، بل الجميع يرتدي ثوب البطولة بالحق والباطل، وطالما هناك انتصار فلا بئس فالجميع "بطل"، ولكن البطولة الأصعب والأقوى في وقت الهزيمة، وفي هزيمة 67 كان هناك بطولات خارقة لأفراد فقدوا اتصالهم بقادتهم وبكل شيء حتى الحد الأدنى للحياة، إلا أنهم نفذوا بطولات خارقة خلف خطوط العدو الصهيوني، وهنا يأتي دور رجال، بل أبطال سيناء؛ لتقديم كل العون للجنود الذين صمموا على القتال بأقل الإمكانيات.

بل بعض هؤلاء لم يكن يعرف ماذا حدث في الحرب، ويواصل اللواء الدخاخني شهادته قائلا: كنت في العريش وقت بداية الحرب وحدث ما حدث، وفقدت الاتصال بقادتي، ولمدة أربعين يومًا كان أبناء سيناء يقودوني في شعاب سيناء من مكان إلى آخر، وفي نفس الوقت كنا نحدث خسائر في قوات العدو حتى وصلت إلى بورسعيد مصابا، وعاد الأبطال إلى العريش.

وقصة أخرى - والكلام على لسان اللواء الدخاخني - عندما انفصل 5 أفراد من الجنود، ووجدوا أنفسهم بلا أي دليل حتى للعودة، والتقى بهم شباب سيناء وتعاهدوا على النيل من العدو حتى تنفد ذخيرتهم، وكان رائعًا أن يستطيع هؤلاء تفجير ثلاث دبابات للعدو، ويأسرون جنديا قدموه هدية لقادتهم.

هذا بمعاونة شباب سيناء الذين استطاعوا أن يخترقوا كل قوات وحشود العدو، وكان الثمن استشهاد أربعة منهم، ثلاثة من الجنود الخمسة، والرابع شاب سيناوي لم يمسك بندقية في حياته، ولكنه أصر أن يكون مشاركا في مقاومة العدو.

حكايات اللواء إبراهيم الدخاخني عن وطنية وبطولات أبناء سيناء لا تنتهي، ومعروف دور أبناء سيناء في المنظمات التي انطلقت خلف العدو أثناء حرب الاستنزاف.

سيناء أرض الله المباركة، التي تجلى فيها الله على كليمه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، سيناء هي الدرع الواقي لمصر دائمًا منذ أيام الفراعنة، سيناء كانت وستظل منجم الرجال لمستقبل أفضل لمصر إن شاء الله، وعلى الدولة الاهتمام بالإنسان السيناوي قبل الاهتمام بما تحمله في باطنها من خيرات لم نعرفها بعد..

سيناء يا حلم المصريين الزاهر لو يعلمون!
الجريدة الرسمية