رئيس التحرير
عصام كامل

بين الدغيدي ومنتصر كرة لهب تتدحرج!


هل العيب في هؤلاء الذين يخرجون علينا بين الحين والآخر، يقدمون لنا الغث من الكلام والفجر من الأفعال؟، أم العيب في وسائل الإعلام التي تقدمهم للمجتمع باعتبارهم نخبة أو قدوة، أو مشاهير زمن الانحطاط الأخلاقي والقيمي، أو أدوات فاعلة في مؤامرة كبيرة يعلمونها أو لا يعلمونها؟، أم العيب فينا نحن عندما نسمع لهم ونرد عليهم ونهتم بهم وبما يقولون؟، أم العيب في نظام ما زال بعيدا عن ترتيب أولويات الوطن ويرى الاستثمار في أي شيء إلا الاستثمار في الإنسان؟، أم العيب في المفاهيم التي نلوكها بألسنتنا وهي بعيدة كل البعد عن واقع نعيشه ونمارس فيه كل أنواع الفوضى والفجور في الخصومة وتلبيس الحق بالباطل والباطل بالحق؟


آخر هؤلاء الذين خرجوا الدكتور خالد منتصر، متزامنا مع المخرجة إيناس الدغيدي، في الوقت الذي لم ينته فيه الجدل حول من خرجوا قبل ذلك بقليل ممن دعوا إلى حرق الكتب لتجديد الخطاب الديني، ودعوا إلى خلع الحجاب في مليونية حاشدة في ميدان التحرير، بعد أن قال صاحب الدعوة لخلع الحجاب إن 90% من الداعرات محجبات، ودعوا إلى تقنين وبيع (الحشيش) لتستفيد الدولة من عائد البيع، وبمناسبة التقنين باعتبارها كلمة ومصطلحا قانونيا، دعت إيناس الدغيدي إلى تقنين الدعارة لحماية الشباب من الانحراف!!!!

وهي (إيناس) من القلائل الذين لا يغيرون كلامهم، ولا يقولون إن كلامهم فهم بالخطأ أو تم اجتزاؤه من سياقه بل تصر على كل كلمة قالتها!!.. شجاعة لا تتوفر لغيرها من أصحاب الدعوات الضالة والمثيرة للجدل.

خالد منتصر تصور أن عمله كطبيب يعطيه الحق أن يتحدث عن (سمية) ماء زمزم، وعن خطورة الصوم على الصحة دون أن يقدم بحثا أو دراسة علمية، وربما تصور أن عمله كمقدم برنامج فضائي يسوغ له الدخول إلى المناطق التي يجهلها ويفتي فيها، وحتى لا يتهمني أحد بمصادرة حق الغير في إبداء الرأي، ويذكرني بأن حرية الرأي مكفولة بالدستور وينظمها القانون، فإنني أؤكد ذلك ولا مانع في أن يقول منتصر إن الصوم ضار وإن ماء زمزم سام، وإن الإعجاز العلمي خرافة ولا أصل له، وإنه يقلل من شأن الدين، وذلك في حالة أن يقوله لأفراد أسرته أو أحد الأصدقاء في جلسة خاصة، وهم يأكلون فطيرة التفاح ويحتسون الشاي بالنعناع، أما أن يقوله على فضائية يشاهدها عامة الناس فهو هنا يلعب في مناطق شائكة تتعلق بالعقيدة عند البسطاء، ولا أظن أنه نام وحلم أنه أصبح داعية أو مجددا أو مصلحا حتى يخرج علينا بما خرج!

الدغيدي ومنتصر يصنعان كرة كبيرة من اللهب، تحرق بشكل مباشر منظومة القيم والأخلاق بتقنين الرذيلة، وتسبب تصدعا في جدار العقيدة، وما كان الله ليفرض علينا ركنا من أركان الدين (الصوم) وهو يعلم أنه ضار بصحة الإنسان، وحاشا لله أن يكون ذلك.

الإعلام السطحي تلقف الدعوة الضالة وأفسح لها الوقت، كما فعل من قبل مع دعوات خلع الحجاب وتقنين الحشيش، وكل الدعوات التي تفت في عضد الوطن وتشغله عن القضايا الأهم، ويبدو أننا جميعًا شركاء في هذه المهزلة كما قدمت في صدر المقال بالفعل أو بالصمت العاجز!

m.elazizi@hotmail.com
الجريدة الرسمية