رئيس التحرير
عصام كامل

كشف الجهات المسئولة عن التسريبات!


على طريقة «سمعت آخر نكتة».. لا حديث بين المصريين الآن إلا عن أحدث التسريبات لبعض الشخصيات العامة، ولسانهم يقول: «سمعت آخر تسريب؟!».

«للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس.. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون.. كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك».

الفقرة السابقة هي نص المادة 57 من دستور 2014، وهي واضحة جلية، لا تحتاج إلى شرح أو تفسير.. ولن ندخل في مناقشات بيزنطية، لا تجدي نفعًا، حول محتوى هذه التسريبات، ولا الأشخاص المُسربين لها، ومدى صدق هذه التسجيلات.. فالأسئلة الأهم من ذلك كله: مَنْ الجهة التي سربت هذه المواد؟ وما هدفها؟ ولصالح مَنْ تعمل؟ وهل تمت بطريقة قانونية أم لا؟

برأيي أن مَنْ يقف وراء هذه التسريبات لا يخرج عن أربع جهات، الأولى لشخص «نافذ»، لديه القدرة على اختراق هواتف «خلق الله»، وتسجيل مكالماتهم؛ لاستخدامها وقت الحاجة.. وهذا الشخص، إن كان يقوم بهذه «الجريمة» دون مسوغ قانوني، فهو بذلك «دولة داخل الدولة»، ويجب الكشف عنه، ومحاسبته؛ حتى يكون عبرة لغيره.

الثانية، ربما تكون جهة خارجية، تهدف إلى خلق حالة من التشويش، وإثارة البلبلة، والانتقام من بعض الأشخاص وحرقهم، بعد أن استنفدوا الغرض منهم.. أو تشويه بعض الجهات التي تعترض مصالحهم، وترفض التعاون معهم.. وهذه الجهة يجب فضحها أيضًا أمام الشعب؛ حتى يعرف عدوه من صديقه.

وربما تكون شركات الاتصالات، أو بعض المسئولين بها، يمثلون الجهة الثالثة، إذا ما ثبتت براءة الجهتين السابقتين.. وهنا نحن أمام كارثة أخلاقية تتطلب تدخلًا عاجلًا من مسئولي الدولة؛ لحماية مواطنيها من اختراق هذه الشركات لـ«حرمة الحياة الخاصة» التي نص عليها القانون والدستور، وقيامها بهذا الفعل المُجرَّم دون الحصول على إذن قضائي.

الجهة الرابعة التي من الممكن أن تكون وراء هذه التسريبات - وهو احتمال ضعيف، لكنه غير مستبعد - هي الجهات التي يصفها البعض بـ «السيادية»، خاصة بعد التزام هذه الجهات «الصمت»، ولم تخرج لـ «تنفي أو تؤكد» صحة هذه التسريبات.. ولم يتم التحقيق مع الذين يبثون هذه التسجيلات على كل وسائل الإعلام، ابتداءً من «نشطاء 25 يناير»، مرورًا بـ«توفيق عكاشة»، و«أحمد موسى»، وانتهاء بـ«الإخوان».. بما يوحي للشعب أن «الصمت يعني الرضا».

إننا نترقب أن يخرج علينا أحد المسئولين، ليكشف لنا - بكل شفافية - عن الجهة، أو الجهات التي تقف وراء هذه التسريبات.. وتعمل لصالح مَنْ؟ وما أهدافها؟ وهل حصلت على إذن قضائي مسبق، أم أنها تمارس هذا الدور المشبوه بعيدًا عن أعين الأجهزة المعنية؟ وكيف تم التعامل مع هذه الجهات؟

وحتى الإجابة عن هذه التساؤلات، تبقى أصابع الاتهام موجهة إلى الجهات الأربعة السابقة..
الجريدة الرسمية