رئيس التحرير
عصام كامل

اكتئب.. أنت في مصر


في ساعة من ساعات الجنون والحنين لكتابة المقالات.. قررت وأنا في كامل قواي العقلية، أن أعود لتجربة الكتابة، بعد أن كنت عاهدت نفسي ألا أعود حتى إشعار آخر.. ولكن وكما يقول المثل "يموت الزمار....".

نويت الرجوع عن عهدي، فأحضرت كوب الشاي واشتريت علبة سجائر مستوردة من ذوات الـ 17 جنيهًا، وجلست في منزلي المكون من "غرفتين بالعافية"، واستحضرت فكرتي، وهممت على الكتابة.. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي الكهرباء.. انقطع التيار، ولا أمل في الكتابة إلا بعد ساعة على الأقل.. فقررت النزول للجلوس مع صديقي أحمد عامر على المقهى.

وما أن قابلت أحمد حتى وجدته حزينا مكتئبا، على غير عادته، فسألته: ماذا بك يا صديقي؟، فرد بدون تفكير "الدنيا بقت صعبة ع الآخر والواحد زهق".. وهنا دارت الأفكار الخبيثة في ذهني، وظننت أن زوجته مارست دور الزوجة المصرية معه، لكن بعد أن جلسنا بدأ يحدثني عن معاناته اليومية مع الحياة، والارتفاع الجنوني في الأسعار، ومصاريف المدارس، ورغبته في السفر للخارج للخروج من هذه الأزمة، على الرغم من أنه يعمل في شركة بترول.

وهنا جاءنا "ترك" وهو أحد العاملين بالمقهى، وعمره لا يتجاوز الـ 20 عاما، ليسألنا عن طلباتنا، وكان قد مر على جلوسنا على المقهى أكثر من نصف ساعة، فلاحظت عليه الاكتئاب والحزن - على غير عادته - فسألته: "مالك يا ابني؟"، فرد هو الآخر بدون تردد: "والله قرفان وزهقان وعايز أهج من البلد دي"، وطبعا لأن القهوة تضم بين زبائنها "رجال بدرجة عصافير"، كان ردي عليه: "البلد دي أحسن من غيرها، وصل على النبي كدة، وإن شاء الله مصر هتبقى قد الدنيا".

وفي اليوم التالي، وبعد أن انتهت أحلامي بالكتابة، وأنا في طريقي للعمل، قررت أن أدقق النظر في وجوه الناس، ولاحظت أن الضحكة غابت، والفرحة لم يعد لها وجود، وأن ملامح الناس يبدو عليها الشيخوخة ـــ حتى الشباب منهم ـــ فسألت نفسي: "مش يمكن أنا إللي كئيب وعشان كدة شايف الكل حزين"، فلم يكن أمامي خيار سوى متابعة الناس على "فيس بوك".

وبعد أكثر من أسبوع، وأنا أراقب الحالة المزاجية لفئات مختلفة من أصدقائي، سواء من جيل الشباب أو رجال الأربعينيات والخمسينيات، أو حتى من الأطفال ممن هم دون الخامسة عشر، جاءني القدر بواقعة أستطيع من خلالها كشف الحقيقة.. الاحتفال بذكرى رحيل "أبو ضحكة جنان"، إمبراطور الكوميديا إسماعيل ياسين، فجلست أتابع ما سيكتب في هذه الذكرى، فلم أجد غير ما ذكرت.. إعلام تناول رحيله بذكريات مؤلمة وكئيبة.. ودولة نست تقدير صانع الفرحة للمصريين، وشعب غرق في أخبار الانفجارات والقتل وارتفاع الأسعار، وقتها أيقنت أن نظريتي صحيحة، وأن الجميع في مصر يمر بحالة نفسية سيئة، وكأن أحدًا أغرق مياه النيل بـ "الكآبة" وليس "الفوسفات"، أو أن التليفزيونات وبرامجها تبث إشعاعات تؤثر على ضحكة الوجوه، رافعين شعار "اكتئب.. أنت في مصر".

بعيدًا عن ذلك:
* الرئيس السيسي.. احذر
* إبراهيم محلب.. مكانك سيخلو قريبا
* أحمد موسى.. من أعمالكم سلط عليكم
* محمد أبو تريكة.. يا جبل ما يهزك ريح
* دراما رمضان.. اللهم إني فاطر
* نادي الزمالك.. مبرووووك الدوري
الجريدة الرسمية