رئيس التحرير
عصام كامل

المم يا ريس.. لن نقول يا محلب!


الحديث عن الوضع المعيشي في مصر لا يحتمل النفاق أو تبييض وجه الحكومة الحالية والنظام بأكمله؛ لأن الواقع أوضح وأسوأ وربما أفجر من كل محاولة بائسة لإيهام الناس بعكس ما هو موجود بالفعل أو إقناعهم بأن القادم أحلى!


كيف يكون القادم أحلى مع تذكير الحكومة يوميًا بكارثة تحمل الفقراء فاتورة كل شيء في يوليو القادم تماما، واستنساخا لما حدث في يوليو 2014.. ألا يتعلمون من سنن التاريخ وحكم الماضي القريب وليس البعيد، فمبارك مع كل فساده وإفساده كان محمودا له عند فئة كثيرة، كان محافظا لها على سقف معين من الأسعار ومظلة معيشية ربما كانت بائسة، ولكننا الآن في مرحلة ما بعد البؤس بمراحل، وفي وقت عز فيه الفقر وأوشك الكثيرون على الانفجار، ولولا وجود جماعة الإخوان في الشارع وخشية وصمهم بالانتماء لجماعة صنفتها الدولة على أنها إرهابية، لنزل الكثيرون من غير النشطاء أو الثوار الذين تابوا عن الثورة بالنيابة عن شعب مستكين.. 

في تلك المرة، سيكون الحرافيش هم الثوار وحملة مشاعل التغيير وهذا هو الخطر بعينه، فمن بعد طبقة مثقفة وفئة واعية من بقايا الطبقة الوسطى، فئة تشعر بالظلم وفقط ولا تعرف غير الانتقام، سيكون الوضع أسوأ بكثير مما يتخيل النظام، لدرجة أنه سيندم على عدم إرضاء ثوار يناير أو إسكات هؤلاء بقليل من العدالة التي انحدرت عندنا لتكون فرصة شبه معقولة في الحياة!

ثم أن يبلغ الاستهزاء بشعب يشكو من انفلات كل شيء، ويكون همه الأول في الحياة هو كيفية قضاء يومه أو تحقيق إنجاز بالحصول على أنبوبة غاز، ثم قمة النجاح إن استطاع (تقضية) يومه بأي طبيخ قرديحي ماشي، صيامي ماشي، ويا حبذا لو استطاع شراء كيلو لحم مستورد أكله الثلج قبل أن يأكله، أن تؤكد له حرص القيادة السياسية في البلد على تخفيض أسعار الإنترنت!!

ليست بمستغرب إذن أن تكون تلك هي نفس الحكومة التي تدلل السادة البورصجية والمقامرين بالأموال الساخنة من كل خلق الله عندنا في المحروسة، هي التي تكمل جميلها لنا وللشعب الغلبان بتوفير خدمات الإنترنت بأسعار رخيصة.. عظيم يا باشا، ولكن الفول أعظم والكشري أفيد، والزيت أهم بمراحل والمواصلات من ميكروباص غير الآدمي، وأتوبيس نقل عام مثل علبة السردين، وحتى المسكين توك توك أهم بكثير من التواصل الاجتماعي وتحميل أفلام ومشاهدة فيديوهات الست ريهام وعم بكري والمخبر كرومبو ورفيقه موسى وتسريبات عبد الرحيم!

الفول أهم يا ريس، الفول وحصول المواطن البسيط، وكلنا كذلك، عليه بالجنيه معدوم القيمة، أمر في غاية الخطورة حتى يسد بطونا لو جاعت لأطاحت بالدولة والوطن وبكل شيء أمامها، النظام يدرك تمامًا أن ثوار الفيس بوك لن يخلقوا ثورة أخرى وأن الخوف من كل شيء هو المعيار لذا.. خليهم يتسلوا ولكن ليس على طريقة مبارك، ولكن عن طريق النميمة على الفيس ومتابعات تويتر والهري الكيوت اليومي على عصفورة اليوم، لذا خليهم يتهببوا ويتسلوا وممكن كمان ندعم لهم الفيس وتويتر وخلي الثوار يعيشوا وأقصى ما سيفعلونه هو العيش في نوستالجيا الثورة الموءودة أو حتى نوستالجيا حمى ضد وزير نقيله ونأتي بمن يخلق هريا مقدسا أكثر منه!

عادي جدا ولكننا نكتبها لله وللوطن بحق، المم أهم يا ريس، لن أقول يا محلب ولكنني أقول يا ريس؛ لأن محلب ورفاقه لا يستطيعون اتخاذ قرار واحد بدون رضا الرئيس.. لا ترفع الدعم عن الطاقة والكهرباء؛ لأن المم في خطر ومادام الطعام في خطر فمصر كلها في خطر.. المم يا ريس أهم من النت والنتيت! 

Fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية