رئيس التحرير
عصام كامل

الصلاة «مضيعة للوقت».. والحج «إهدار للمال»!!


قديمًا قال سقراط: «تكلم حتى أراك»، ومن بعده جاء الإمام علي بن أبي طالب - كرَّم الله وجهه - ليؤكد على هذا المعنى بقوله: «الرجال صناديق مغلقة، مفاتيحها الكلام».

الإعلامي الطبيب خالد منتصر «تكلَّمَ»، فانفتح «صندوقه المغلق»، كاشفًا عن سبق خطير، ودراسة تثبت - من وجهة نظره - أننا جهلاء، غير مؤهلين لفهم ما جاء في القرآن من آيات وأحكام.

الدكتور المتخصص في الأمراض الجلدية والتناسلية، انضم إلى قائمة أسلافه «مثيري الجدل»، أمثال إسلام بحيري، ومحمد عبد الله نصر، الشهير بـ«ميزو».. عندما روَّج لدراسة تزعم أن «ماء زمزم سام»، وأن «الصيام غير مفيد»!

الكاتب الباحث العالم، عندما تعرض لهجوم ساحق ماحق، قدم مبررات مَنْ سبقوه.. التصريحات فُهمت خطأ.. الكلام اقتطع من سياقه.. وأرسل إلى الصحف ردًا مكتوبًا، قال فيه إن كلامه كان جزءًا من ندوة عن «خطر ربط الدين الثابت بالعلم المتغير».

«هذا خطر على الدين والعلم على السواء؛ وذلك لأن المعلومة العلمية إذا تغيرت وكنت قد سوقتها على أنها دين فسيتشكك المتدين.. يعني كنت بأدافع عن الدين وليس العكس وسقت بعض الأمثلة وكان منها.. هل نحن نصوم لأن الصيام فريضة، أم لأن الصيام مفيد للكبد والكلى، إذا سوقنا المفهوم الثاني سيصبح خطرا على الدين؛ لأن ممكن عالم يقول إنه في اليوم الحار 18 ساعة بدون مياه لن تستفيد الكلى مثلما تقولون، ما هو الموقف حينها إذن، نحن نضر الدين ولا ننفعه».

انتهى الاقتباس من رد «منتصر».. فآفة العقل البشري أنه «محدود للغاية»، لا يدري الحكمة الإلهية أو النبوية من فرض الصلاة، أو الصيام، أو الحج، أو الزكاة، أو تحريم الخمر، وأكل لحم الخنزير، أو تقبيل الحجر الأسود..

فنحن - المسلمين - نصلي؛ لأن الله أمرنا بالصلاة.. نصوم؛ لأن الله أمرنا بالصوم.. لا نأكل لحم الخنزير؛ لأن الله أمرنا بذلك.. نقبل الحجر الأسود؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبَّله.. فإذا ما تجلَّتْ وظهرتْ لنا الحكمة من وراء ذلك، فهي «ضالتنا»، ونحن أولى بها من غيرنا، وإذا خُفِيَتْ، فما علينا إلا «الامتثال»، و«التسليم»، والالتزام بما أمرنا الله.

وإذا كان الأمر يُقاس بنفس الطريقة التي يتبناها الدكتور خالد، فإنه من غير المستغرب أن تخرج علينا إحدى الدراسات، لتقول لنا إن «الوضوء» يُعد «إسرافًا في استخدام الماء».. والصلاة «مضيعة للوقت»، والحج «إهدارا للمال»، والزكاة «تنقص الثروة»!!

لقد خالف «إبليس» أمر رب العالمين بالسجود لـ«آدم»- عليه السلام؛ لأنه لم يدرك الحكمة الإلهية من هذا السجود، وصَوَّرَ له عقله «المحدود» أن «النار» أفضل من «الطين».. {{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}} سورة الأعراف، الآية (12).

وسيدنا موسى - عليه السلام - كان يجهل الحكمة من خرق «الخضر» للسفينة، وقتله الغلام، وإقامة الجدار.. حتى أبلغه الأخير {{قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}} سورة الكهف، الآية 78.

لكن - للأسف الشديد - هناك الكثير ممن يطلقون على أنفسهم «علمانيين»، ويرفعون «العقل» إلى أعلى المراتب، يُصرون على اصطناع وافتعال الأزمات مع الدين الإسلامي، ربما «عن عمد»، أو «بجهل».. وإذا كان البعض من الممكن أن يشكك في «الصيام»؛ لارتباطه بـ «العلم»، فأقول له إن سيادتك تخلط بين الركن الرابع من أركان الإسلام، وبين «تدبيس المعدة»، أو «شفط الدهون».. بين «مياه زمزم» و«الهباب إللي بيشربوه»!!
الجريدة الرسمية