رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

اغتصب براحتك...حسب قدرتك!


حادثتان تعكسان بوضوح واختصار مصر الحقيقية الحالية ومصر المتخيلة للموهومين بها، ومصر في نظرى ليست هي الأرض فقط والموقع والتاريخ ولكنها أيضا المصرى بكل مثاليته وإيجابياته المتنوعة، بتدينه الظاهرى الأجوف وانحرافاته، بغلبه وفقره وثرائه، بنفاقه لنفسه ولغيره، المصرى الطيب المسكين الوقور والمتجبر المتكبر العابد لفجره ولسطوته وسلطته وهوان الناس عليه …. ماذا حدث إذن؟!


الواقعه الأولى كانت مع أسبقيتها الزمنية راسخة ومتكررة ولكنها سابقة على الثانية في كل شىء، مجموعة من الطلاب الأثرياء الذين ينحدرون من بيئات أصولها متنوعة ثقافيا وفكريا واجتماعيا ولكنها متحدة في الثراء والقدرة المالية الخيالية التي تستطيع التغطيه بكفاءة على أي تنوع ثقافى أو اجتماعى، قرروا الاحتفال بحفل نهاية العام الدراسى في مدرستهم الخاصة أو الدولية، لا يهم، في أحد الفنادق الكبرى في حضرة بعض الراقصات ومطربى الإسفاف المصرى الحالى... الواقعه نشرتها ( فيتو) ووثقتها بالصور في حضور مسئولى المدرسة، الأمر الذي أحدث استهجانا لدى البعض واندهاشا من البعض الآخر مع أن الموضوع عادى جدا في نظر المسئولين اسمى عن التعليم في بلادنا حيث إنهم يدركون أن كل واحد بفلوسه يستطيع عمل ما يحلو له وشراء أي شىء.

لم يستطع أحد معاقبة هؤلاء الأثرياء ولا أصحاب المدرسة لأننا في زمن ادفع أولا ثم افعل ما يحلو لك، ولن يستطيع أحد معاقبة من يقوم بأكثر من ذلك إلا إذا .. إلا إذا وصل الموضوع لأقصى درجات الفجر وكان بطله أحد الرعاع أو (العبيد) من أبناء الشعب وفقا لتوصيف أحد كبار رجال دولة.. هذا وقد حدث يا باشا يا سيدنا فماذا أنت فاعل ؟!

الواقعة الثانية الفاجرة والتي كان بطلها مجتمعا ملوثا وفاسدا بفعل أنظمة فاسدة منحته كل صكوك الفجر مختومة ونافذة منذ ما يقرب من نصف قرن أو تحديدا مع انفتاح السادات الذي أباح كل شىء بالمال وفقط، حيث قامت مجموعة من أبناء الفقراء والذين لا يجدون راقصة تحتفى معهم وبهم في مدرستهم بمحاولة اغتصاب معلمتهم أو بشكل أكثر تهذيبا في اللفظ، بالتعدى على مدرسة معلمة فاضلة محترمة قامت بدورها وراعت ضميرها المهنى والإنسانى في منعهم من الغش في إحدى لجان الإعدادية فكان جزاؤها محاولة الاغتصاب والبهدلة والألم النفسى الذي سيبقى معها طوال عمرها دون تعويض من وزارة لا ترى إلا الروتين في عملها ولا تسمع منها سوى التصريحات الجوفاء وفقط.

لا يهم أين حدثت تلك الواقعة فهى في مصر وفقط، مصر القاهرة أو مصر الصعيد أو مصر بحرى، فكلها مصر التي انقسمت طبقيا ونفسيا واجتماعيا في كل شىء ولكنها تتحد في نتائج الفساد، لا يهم تلك المعلمة في نظر وزارة تتباهى بأن لديها 1.8 مليون معلم ومعلمة مثلها لا ترعاهم ماديا ولا اجتماعيا مكتفية بوجودها على الورق في ظل تعليم مواز لا يقوم به معلمو الوزارة في معظم الأحوال، ولكن المهم هو الانتباه ولو قليلا لتلك الكارثة التي يحدث كثير مثلها في أماكن أخرى لكن لا تجد من ينشرها إعلاميا على الشعب المتدين بطبعه !

فالغش صار حقا مكتسبا عند كثير من الطلاب أو قل معظمهم، فتجد الفتاة تحرص على لف الطرحة فوق شعرها المصون حتى ترضى الله ثم تذهب داعية الله أن يمنحها مراقبا طيبا يتركها تغش هي وزميلاتها، وتجد الطلاب الذكور حريصين على الانتظام في الصلاة في المساجد قبيل الامتحانات في موسم الهجرة للمساجد وإذا بأحدهم ينفعل ويسب الدين لملاحظ منعه أو حاول وقفه عن حقه المكتسب في الغش، طبعا دينه الذي ارتضاه لنفسه، ليس دين الله بل تدين المواسم والحاجة لله وقت الشدة وفقط يخيل له أنه يبيح له ذلك... الأسوأ من كل هذا أن بذور الفجر قد ترعرعت مبكرا جدا فهؤلاء الصبية في المرحلة الإعدادية، يعنى أعمارهم تتراوح ما بين 14 إلى 16 عاما ويحاولون اغتصاب معلمة فاضلة جماعيا وأمام الجميع !

فلتفعل ما تشاء ولتأخذ حقك من وطن منهوب الجميع يسرق فيه، هل يستوى الغش في إعدادية مصر الحكومية مثلا مع الغش في الدبلومة الأمريكية التي يشترى بها الأثرياء أفضل مكان في الجامعات المصرية بفلوسهم ودون عناء الثانوية العامة وكوارثها، هل من حق أبناء الأثرياء التمتع بجسد الراقصات مكافأة لهم على نجاحهم الوهمى بينما أبناء الفقر والجهل والمرض دون حتى محاولة للغش، إذن فليأخذ كل بلطجى حقه من كعكته المتاحة له وليحاول كل جائع الحصول على ما يسد رمقه..

هذا لسان حال الكثيريين من المصريين الذين لا تدرى عنهم حكومة الأسياد شيئا، فالفساد متاح للجميع وبدرجات وفق بلطجته وفجره وسطوته، فلا تنس عزيزى المصرى الغلبان المسكين الذي لم يبلطج بعد ويحترم نفسه مجبرا أو قانعا أو حتى مقتنعا، ما حدث بعد ثورة يناير المجهضة عندما اغتنم البلطجية ما يسمونه حقوقا لهم بالبناء في عرض الشارع أو وضع أكشاك ومحال على الرصيف لدرجة أن أحدهم قال لى معاتبا: بقى يأ أستاذ زعلان على حتة محل لى وحسنى مبارك وزع كل أراضى مصر على محاسيبه؟!!!
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية