رئيس التحرير
عصام كامل

مفاجآت جديدة فى قضية هبة العيوطى «ضحية الإهمال الطبى».. نقابة الأطباء: «الفورمالين» بريئة من وفاتها.. مضاعفات انسداد الوريد الرئيسى للأمعاء تسبب فى مصرعها.. والطب الشرعى رفض تشريح


حصلت «فيتو» على التقرير الفنى للجنة الشكاوى بنقابة أطباء القاهرة، الخاص بقضية هبة العيوطى، والتى أثارت ضجة واسعة بوسائل الإعلام، حيث تداولت أخبارًا تفيد بوفاتها بعد تعرضها للإهمال الطبى بأحد المستشفيات الكبرى، كما أوضح تقرير استشارى الباثولوجى تفاصيل مثيرة فى القضية المعروفة إعلاميا بـ«قضية الفورمالين».


مفاجآت مثيرة
وتحمل هذه التقارير مفاجآت من العيار الثقيل تقلب موازين القضية، حيث ثبت أن ما حدث للمريضة هو غرغرينا وريدية بالأمعاء الدقيقة، ويؤكد وجود مرض الاندميتريوزيس على مساريقا الأمعاء.

أسباب الوفاة
ومن جهتها، شكلت نقابة أطباء القاهرة لجنة من أساتذة مشهود لهم بالعلم والكفاءة للبحث فى أسباب الوفاة، وكشف حقيقة وفاتها إثر الإهمال الطبى من عدمه.
من جهته، قال الدكتور محمد منير، عضو نقابة الأطباء، لـ"فيتو" إن التقارير أثبتت عدم وجود إثبات معملى لحقن المريضة بالفورمالين، والأمر لا يزيد على كلام مرسل من مساعدات تمريض يحملون مؤهلًا متوسطًا غير تمريضى، كما أن تقارير الباثولوجى تثبت بالفحص المجهرى وجود تجمعات من خلايا بطانة رحم مهاجرة على مساريقا الأمعاء (اندوميتريوزس).
وأثبت التقرير أن ما حدث للمريضة كان بسبب انسداد بالوريد المساريقى العلوى أدى إلى حدوث غرغرينا وريدية بالأمعاء الدقيقة، كما أنه لا يوجد إثبات علمى موثق يوضح سبب انسداد الوريد المساريقى العلوى لعدم إجراء الصفة التشريحية للجثمان بأمر الطب الشرعى، والذى أضاع الحقيقة بسبب عدم التشريح.
وأضاف "منير" أن تحاليل المريضة تشير إلى تباين شديد فى نسبة الهيماتوكريت، مما ينسف فروضًا كثيرة طرحت لتفسير ما حدث للمريضة، ويدخل فرضًا جديدًا للأحداث يسمى "متلازمة التنشيط الزائد للمبايض"، وهى نادرة الحدوث ولكنها مسجلة علميًا وتحدث نتيجة استعمال الأدوية المنشطة للتبويض.


تقرير الطب الشرعى
كما قدم تقرير النقابة المستندات الموثقة من تحاليل المريضة بالقواعد العلمية التى تفسر حقائق ما حدث للمريضة، وتتنافى علميا مع إمكانية حقنها بمادة كاوية كما يزعم الجميع.
وأشار إلى أن التقرير الفنى لنقابة أطباء القاهرة يتطابق مع التقرير الفنى للجنة الاستشارية المشكلة بوزارة الصحة، ومع تقرير المستشفى الألمانى، وجميعهم يختلفون مع تقرير الطب الشرعى الذى رفض تشريح الجثة للوقوف على أسباب الوفاة وأكد أنه لا داعى لتشريح الجثة.

تفاصيل الواقعة
وترجع وقائع القضية إلى 11 مايو عام 2014، عندما ذهبت المريضة هبة العيوطى لمستشفى النيل بدراوى لعمل أشعة على الرحم بالصبغة، ومع بداية الحقن شعرت المريضة بألم شديد ترتب عليه عدم استكمال الحقن والأشعة، وظن غير المتخصصين الموجودين بحجرة الأشعة أن المريضة قد تم حقنها بالفورمالين بدلا من الصبغة على سبيل الخطأ بسبب وجود شك فى زجاجة مفقودة لديهم بها فورمالين.
وفى اليوم التالى 12 مايو، دخلت المريضة إلى مستشفى النخيل، وتم إجراء جراحة بالبطن، وتدهورت الوظائف الحيوية للكلى والرئة.

عملية منظار
وبعد إجراء الانعاش اللازم لها تم إجراء عملية منظار بطن تشخيصى للمريضة بمستشفى النخيل بتاريخ 12 مايو، حيث تم عمل غسيل بريتونى، ولكن حالة المريضة لم تتحسن فتم عمل استكشاف جراحى لبطن المريضة فى اليوم التالى 13 من نفس الشهر، وتبين منه وجود غرغرينا بجزء من الأمعاء الدقيقة وتم استئصال هذا الجزء وإعاده توصيل الأمعاء.
وبعد الجراحة ببضعة أيام دخلت المريضة فى حالة انسداد معوى التصاقى جزئى، وقرر الأطباء المعالجون العلاج التحفظى، ولكنها لم تتحسن فتم عمل جراحة استكشافية للمريضة بتاريخ 31 مايو لتسليك التصاقات بين الأمعاء، واستئصال لجزء آخر من الأمعاء الدقيقة وإعادة توصيلها.

ناسور معوى
وفى اليوم الثالث بعد الجراحة الأخيرة، حدث للمريضة ناسور معوى من خلال جرح البطن، وقرر الأطباء العلاج التحفظى نظرًا لضآلة كمية السوائل المتسربة من الناسور المعوى.
وبناء على رغبة أهل المريضة، خرجت المريضة من المستشفى يوم 7 يونيو لعام 2014 بسيارة إسعاف للمطار للسفر لاستكمال علاجها بأحد المستشفيات الألمانية، وبشكل مفاجئ توفيت المريضة بعد يومين بالمستشفى الألمانى، ولم يتم عمل الصفة التشريحية بناء على طلب أهلها، وعادت جثة المتوفاة حيث دفنت بمصر.

التقرير الفنى
وتضمن التقرير الفنى تفسير الألم الشديد الذى حدث للمريضة مع بداية الحقن، وأدى إلى عدم استكمال الفحص بأنه يعنى وجود انسداد بقنوات فالوب وليس كما ظن غير المتخصصين أنه تعرض رحم المريضة لمادة حارقة، وصور المنظار التشخيصى أثبتت وجود ذلك الانسداد، فالثابت علميًا أن منطقة الرحم وقنوات فالوب هى من الأعضاء ذات الإحساس الحشوى الذى لا يتأثر بألم الكى والحرق والقطع، والدليل على ذلك معلوم للكافة حيث يتم كى قرح عنق الرحم بدون أى تخدير ودون أن تشعر المريضة بأى ألم.

إجراءات جراحية
ويشير التقرير إلى أن الإجراءات الجراحية التى تمت بمستشفى النخيل تتفق والأصول العلمية، ولكنها كانت غير موفقة بسبب وجود قصور فى التغذية الدموية لأمعاء المريضة بسبب انسداد الوريد المساريقى العلوى.
وأضاف أن أقوال الأطباء المعالجين فى تحقيقات النقابة تؤكد عدم حدوث التهابات ببطانة الرحم الداخلية، مما يؤكد عدم تعرض هذه المنطقة لمادة حارقة.
وأشار إلى وجود عوار إدارى وتنظيمى بقسم الأشعة التشخيصية بمستشفى النيل بدراوى، حيث لا يوجد أى ظهور لطبيب أشعة مسئول، وتم ترك الأمر لفنى الأشعة وأشخاص غير مؤهلين تمريضيًا، بمسمى لا يوجد له توصيف وظيفى بوزارة الصحة، يدعى مساعدة ممرضة، وأدى عدم درايتهم لإهدار الحقائق وإشاعة وجود فورمالين بالقضية.

تشريح الجثمان
وأكد التقرير أن السبب اليقينى لحدوث انسداد الوريد المساريقى العلوى "الوريد الرئيسى للأمعاء"وهو السبب الأكيد والثابت بتقرير الباثولوجى لحدوث غرغرينا الأمعاء قد فقد للأبد بسبب رفض الطب الشرعى لتشريح للجثمان، والأمر الآن متروك للظن والتخمين، كما أن تحليل الدم الذى يشير إلى ارتفاع نسبة الهيماتوكريت بالدم والذى ظن البعض أنه يمكن يسبب ارتفاع لزوجة الدم وتجلطه هو تحليل مشكوك فيه بسبب وجود خمسة تحاليل أخرى أجريت للمريضة فى نفس المستشفى وفى نفس اليوم لا يوجد بها مثل تلك الزيادة العالية فى نسبة الهيماتوكريت، وإذا كان ذلك التحليل حقيقيًّا فإن ما حدث للمريضة يكون متطابقًا مع متلازمة معروفة فى علم التلقيح الصناعى هى متلازمة التنشيط الزائد للمبايض وهى من الحالات نادرة الحدوث بسبب استعمال أدوية تنشيط التبويض.
وأضاف التقرير الفنى رأيا جديدًا يفسر سبب حدوث ذلك الانسداد الوريدى يرتبط بمرض الاندوميتريوزس (خلايا بطانة الرحم المهاجرة على مساريقا الأمعاء) الذى أثبت تقرير الباثولوجى وجوده بالمريضة.

الحكم فى القضية
يذكر أن قضية هبة العيوطى تم الحكم فيها بمحكمة أول درجة بمعاقبة طبيب بالسجن لمدة 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، وعلى مساعدتى تمريض بالسجن 3 سنوات لكل منهما مع الشغل والنفاذ، نتيجة تسببهما فى مقتل هبة العيوطى بسبب الخطأ الطبى والادعاء بأن طبيب الأشعة الذى تعامل مع المريضة أخطأ أثناء حقنها بالصبغة، ولم يسعفها لإزالة آثار المادة التى أودت بحياتها وهى مادة الفورمالين.
الجريدة الرسمية