رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ولن تجد لسُنة الحكم تبديلا


كم مرة سمعت مقولة إن السيسي انقلب على سيده الذي أسدى له معروفا بتعيينه وزيرا للدفاع، أو أن اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق خان العيش والملح وانقلب على رئيسه؟ ترددت الجمل كثيرًا على لسان الكثير من أفراد الشعب المصري البسيط وحتى قيادات الجماعة التي قالت تلك الجمل دون خجل.


تلك الجمل التي ترددت لا تدل إلا على شيء واحد وهو المنطق الذي حكم به جماعة الإخوان مصر، وهو منطق «الدوار والعمدة الذي يعين شيخ الخفر فيتبرأ منه فيعايره أهل القرية على عدم الولاء»، منطق الإخوان بعيد كل البعد عن منطق السياسة والحكم ليس في مصر فقط بل في العالم أجمع فللحكم طبيعته التي تتلخص في جملة واحدة وهي إن كنت لا تستطيع فلا تنتظر شيئا من أحد فلا هوادة في الحكم ولا رحمة في أروقة القصور الرئاسية وما يتفوه به قيادات الجماعة يصلح لقرية في محافظة الشرقية بلد المعزول وليس في دولة كمصر الواقعة وسط بؤرة من الأحداث تشعل حدودها الأربعة.

وكما أن الحكم لا يعرف نظريات «العمدة والدوار» فهو أيضا يخبرنا أن هناك سُنة للحكم وهي لا تتبدل، تلك السُنة تنطبق على رئيس ظالم، أو رئيس لم يستطع الحكم، أو ثالث لم يصمد في الصراع الذي تشهده لعبة الحكم في العالم وبرغم اختلاف المسميات والظروف تبقى هناك حقيقة واحدة هي نهايات هؤلاء.

كان صلاح جديد هو الرجل الأقوى في سوريا ورئيسها الفعلي لمدة أربع سنوات، وهو ضمن اللجنة الوطنية التي جمعت أربعا من قادة سوريا كان منهم صلاح جديد وحافظ الأسد وهم من أداروا سوريا منذ 1963 وحتى الآن بعد أن آلت في النهاية إلى حافظ الأسد وابنه.

وفي قصة صلاح جديد تجسيد لفكرة سنة الحكم، فالرجل كان صاحب القبضة الحديدية كما أطلقوا عليه يتمتع بهدوء شخصية ونظرية أمنية ثاقبة وحكم البلاد حتى كانت لعبة حافظ الأسد الذي تغلب عليه لغة الحيلة أكثر من القوة.

أطاح الأسد بصلاح جديد وتولي هو الحكم، وبقي صلاح جديد في السجن، لم يكن سجنه عام أو أثنين أو حكم بالإعدام بل كان حكما بالسجن مدى الحياة هكذا اختار حافظ الأسد وهكذا قبع جديد في سجنه حتى توفي عام 1993.

وفي مثال مختلف ونتيجة واحدة في مصر كان الصراع بين اللواء محمد نجيب وقائد تنظيم الضباط الأحرار جمال عبد الناصر هو صراع آخر للتجسيد عن الحكم وبعيدًا عن كل التفاصيل حول الصراع وماهيته لكن تبقى حقيقة واحدة أجمع عليها الكل وهي أن محمد نجيب لم ينجح في لعبة السلطة ولم يستطع الحكم وتحريك الجماهير لدعمه ومن هناك كان سقوطه الذي استغله جمال عبد الناصر القائد الحقيقي لثورة يوليو ومن ثم كان تحديد إقامة نجيب لمدة 30 عاما ذهب خلالها ناصر والسادات وتولي مبارك الرئيس الأسبق.

وفي مثال ثالث مؤيد من قبل ملايين المصريين كان سقوط مرسي هو الآخر برهانا على سنة الحكم فمن لم يستطع أن يحكم لن يجد له مفرا خصوصًا أنه في الحالات الثلاث كانوا لا يدركون أنهم لا يستطيعون الحكم كنجيب أو مرسي أو أضعف من خصومهما كما هو الحال في سوريا وفي كل الأحوال لا مكان لهم على كرسي السلطة، بل قد يكون في غيابهم مصلحة للبلاد بعد أن تبين مدى هشاشتهم كنجيب، أو إجرامهم كمرسي، أو لم يصمد في الصراع كالحال في سوريا، وتبقى تلك القصص والأحداث لتذكرنا إنه ما من أحد ينجو إذا سقط تلك السُنة الحكم التي لن تجد لها تبديلا.
Advertisements
الجريدة الرسمية