رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بالفيديو.. مفتي الجمهورية: الإضراب الذي لا يؤثر على «العمل» جائز.. وأرفض إلغاء عقوبة الإعدام


  • >> اتركوا "الخطاب الديني" لـ"أهل الاختصاص"
  • >> الجماعات الإرهابية نجحت في تشويه صورة الإسلام لدى الغرب
  • >> زياراتنا الخارجية مستمرة لـ"تصحيح المفاهيم"
  • >> تحركاتنا لم تكن دائما "رد فعل"
  • >> "لا تقديس ولا تدنيس".. شعارنا المعتمد في التعامل مع "تنقية التراث الإسلامي" 
  • >> الاستعانة بغير المختصين "خطر على الخطاب الديني"
زيارات خارجية متوالية.. رحلة لـ"توضيح المفاهيم".. وعمل على مدى الساعة لـ"تصحيح الصورة".. هكذا يمكن وصف يوم عمل مفتي الجمهورية الدكتور شوقى علام، فمن أفريقيا إلى آسيا.. وصولا لـ"أوربا".. يطير "مفتى الجمهورية" حاملا بين يديه صورة حقيقية لـ"الإسلام المعتدل".. راغبا، في الوقت ذاته، إزالة "الصورة المغلوطة" التي أصبح عليها الإسلام هناك بسبب الجماعات المتطرفة التي جعلت كل ما هو إسلامي إرهابيا.

صالون "فيتو" استضاف الدكتور شوقي علام، مفتى الديار المصرية، للوقوف على آخر التطورات في رحلاته الخارجية، والبحث عن إجابات لا تزال معلقة حول الأزمات الحقيقة التي تعوق تطوير الخطاب الديني، وتنقية التراث الإسلامى، وأمور أخرى في الحوار التالي:


- بداية.. ما الدافع وراء الجولات الخارجية التي تقوم بها خلال الفترة الماضية؟
الزيارة كانت لتصحيح مفاهيم الإسلام المغلوطة لدى الغرب، وإزالة الصورة السيئة التي علقت به جراء الممارسات الإرهابية التي تقوم بها بعض الجماعات التي تنتمى للإسلام، في مصر والعراق مثل داعش وأنصار بيت المقدس، وغيرهما من المنظمات الإرهابية الأخرى، التي تدعى أنها تنطلق من الدين الإسلامى، وللأسف يصدقها البعض، كما أننا أطلعنا المسئولين الأوربيين على منهج الدين الإسلامى، ولاقت الزيارة ترحيبا كبيرا من المسئولين هناك، ونجحت في الهدف الذي سافرت من أجله.
وأريد أن أؤكد هنا أن هناك حاجة ماسة لتوسيع دائرة الحوار بين الإسلام والغرب لتشمل الخطابات العلمية والثقافية والاقتصادية، والتكنولوجية، لذا فإنه يجب أن تكون هناك علاقات أقوي بين الجامعات الغربية والمصرية، في التبادل البحثي والطلابي، لأن ذلك يمثل فرصة ثمينة لتبادل المعارف بين الشباب خارج إطار التعصب والقوالب النمطية، فهو وسيلة مضمونة لنشر التسامح بين الجيل القادم من القادة في العالمين الإسلامي والغربي.

- كيف وجدتم صورة الإسلام في الغرب؟
استطاعت الجماعات الإرهابية، تشويه صورة الإسلام في الغرب من خلال أفعالها، التي تزعم أنها من الدين وهو منها براء، وهذا ما وجدناه في زيارتنا الأخيرة لفرنسا وهولندا، وأكدنا لهم أن ديننا هو منبع الحضارة ولا يعرف مثل هذه التصرفات، وجاء رحمة للعالمين، وأن مقتضى هذه الرحمة يضاد وينافى القتل والعنف والإرهاب والهدم، وأبدينا استعدادا تاما للتعاون مع تلك الجهات، في توضيح أي شيء يخص الدين الإسلامى.

- على ذكر "الجولة الأوربية".. كيف تعاملتم مع السيدة التي حاولت الاعتداء اللفظي عليكم في هولندا؟
كل التصرفات الشاذة والمرفوضة التي تقوم بها عناصر الجماعات الإرهابية المتطرفة لا يمكن أن تثنينا تماما عن المضى قدما في الطريق الذي نسير فيه، وما حدث في هولندا يدل على أننا نعمل خلافهم تماما، فهم يريدون تعويق الطريق، ولم يكن هناك أي تأثير تجاه ما حدث، وكل تلك الأشياء تعد مرحلة النهاية لتلك الجماعات والمتشبث بأي شيء لإنقاذه مما وقع فيه، واعتقدوا خاطئين أنها تؤدي إلى حدوث زعزعة نفسية بالنسبة لنا.

- الجميع حاليا يدرك أهمية مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر".. أين تقف دار الإفتاء من هذه الأمور؟
بالفعل.. دار الإفتاء حريصة دائما على مواكبة التطورات الحديثة، وحصلت صفحتنا على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، على علامة الاعتماد من إدارة الموقع "العلامة الزرقاء"، وتعتبر "دار الإفتاء" أول مؤسسة دينية في العالم تحصل عليها، بما يؤكد أنها من المواقع الرائدة في المجال الديني، وتلعب دورا كبيرا في تصحيح صورة الإسلام، هذا بجانب أننا قمنا بترجمة ألف فتوى من اللغة العربية إلى الفرنسية والإنجليزية ونسعى حاليا لترجمة تلك الفتاوى باللغة الألمانية.

- لا أحد ينكر تلك الجهود.. دائما يؤخذ على المؤسسات الدينية، ودار الإفتاء منها، أن تحركها دائما يكون كـ"رد فعل".. إلى أي مدى تتفق وهذا الرأى؟
إننا في دار الإفتاء المصرية نصدر الآلاف من الفتاوى والعديد من الأبحاث الفقهية المؤصلة في شتى مناحي الحياة وفي كل ما يهم المسلم من قضايا، والتي نؤكد فيها كرامة المرأة وحقها في التعليم والعمل، وتقلد المناصب السياسية والمهمة، كما ندين العنف الطائفي بكل أشكاله، ونؤيد حرية التعبير في حدود القيم والأخلاق الإنسانية، ودائمًا ما نادينا بأنه توجد أرضية مشتركة قائمة بالفعل بين الأديان السماوية.
كما أننا في دار الإفتاء المصرية، التي تمثل إحدى المؤسسات الدينية، تحكمنا قواعد دينية ومجتمعية ثابتة نسير عليها، وبين الحين والآخر تظهر بعض الأفكار المتطرفة، ونرد عليها بعد حدوثها، وحينما نستشعر خطرا ما نبادر بالتنبيه عليه من واقع الرصد، وهذا ما نقوم به منذ أنشأنا مرصد الفتاوى التكفيرية العام الماضى، والتي تعد محركة لكل العمليات الإرهابية التي تنفذ في كل مكان.

- بالحديث عن مرصد الفتاوى التكفيرية.. إلى أين وصلت الأمور فيما يتعلق بـ"تجديد الخطاب الدينى"؟
أولا أريد تأكيد أن جميع المؤسسات الدينية تسعى جاهدة لتجديد الخطاب الديني حتى يتلاءم مع متطلبات العصر، والحديث حاليا عن تجديد الخطاب الدينى يدل على اهتمام الرئيس ودعوته للمؤسسات بذلك في كل مناسبة، وذلك لا يعني الانقلاب عن الثوابت والأصول فيجب معالجة قضايا العصر بالوسطية وعدم التشدد ويجب أن تكون الصورة المحافظة راسخة في أذهاننا.
كما أن تجديد الخطاب الدينى أمر ضرورى وحتمى، والمقصود به هو التجديد في أساليب العرض والأحكام الشرعية، ومواكبة العصر مع عدم الإخلال بالثوابت، لأنه إذا تعرضنا لها فإننا بذلك نبعد الدين عن أساسه، والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثابتة لا تتغير حتى بتغير الزمان والمكان، وننطلق من تلك الأصول لمعالجة القضايا في المجتمعات الحاصلة أيا كان الموقع أو الزمان، والشريعة الإسلامة تستطيع أن تواكب التطورات التي تحدث في جميع أنحاء العالم، أيا كانت تلك التطورات، ولكن ذلك يحتاج إلى إعداد علمى دقيق لمن يقومون بتجديد الخطاب، ويجب الرجوع إلى أهل الاختصاص، فهم من عندهم من الأصول الضابطة لتوجيه الخطاب الدينى، وإذا أعطيت لمن ليسوا متخصصين سيضر ذلك كثيرا بالخطاب ولا ينفعه.

- تواكب مع حديث "تجديد الخطاب الدينى" خروج أصوات تطالب بـ"تنقية التراث الإسلامى".. هل تتفق مع تلك الأصوات؟
التراث الإسلامى في مجمله هو المنتج البشرى المنقول الشفوى والكتابى للأمة الإسلامية، وهذا التراث يتطور من وقت لآخر، بما يتوافق ومتطلبات العصر، ومن أجل أن نوفى هذه المتطلبات تعين علينا فهم هذا التراث، واستنباط النظريات والمناهج العلمية منه، وتبرز هنا أهمية فهمه، وهذا الفهم يحتم علينا أن نمتلك الأدوات الضرورية اللازمة لفهم آليات التعامل معه.
فالموروث الإسلامى إجمالًا عبارة عن مكونين: نتاج فكر، وواقع تاريخى، والنتاج الفكرى محل عمله يكون في القرآن والسنة مصدرى المعرفة الأساسيين عند المسلمين، باعتبارهما وحيا، والنتاج الفكرى له ثمرة وهى ما يخرجه البشر بتفاعلهم مع هذين المصدرين من رؤى وأفكار وعلوم ومناهج وأحكام وممارسات، لأن النص (القرآن والسنة) محور الحضارة الإسلامية التي بنيت عليه، فعلم الفقه مثلًا هو من القرآن إجمالًا، والقليل منه من القرآن مباشرة، إلا أننا نجد أنه يحتوى على مئات الآلاف من المسائل الفقهية، بينما آيات القرآن الكريم أقل من ذلك بكثير، من حيث العدد والحجم، وعليه تكون الانطلاقة من القرآن الكريم.
والواقع التاريخى، أو الواقع هو ما يقابل النتاج الفكرى، وقد كان العالِم التراثى حريصًا على أن يبقى تعامله العلمى مع هذه العوالم تحت مظلة النص وسلطانه وعلى اتصال وثيق به، بما يؤكد حقيقة أن «النص» كان محورًا للحضارة، بمعنى أننى حينما أذهب وأتعامل مع الواقع لا بد أن أمام عينى نظارة النص. والمثال أن المسلم الفلكى القديم طوّع علوم الفلك لخدمة دينه، وتخدمه هو أيضًا، فجاء علم الفلك الذي كان نتاج رغبتهم في ضبط مواقيت الصلاة وغيرها، وهذا بالنسبة لتفاعله مع عالم الأشياء الذي هو جزء من الواقع، أما بالنسبة لتعامل النص مع عالم الأفكار، نجد أنه كان محركًا للآداب والعلوم ومنشئًا لها.
علينا أن ندرك أمرا غاية في الأهمية في الصناعة الفقهية، وهو أن الفقهاء كان يغلب عليهم الموضوعية الشديدة والجنوح إلى التجريد والتعمق في إجراء واطراد القواعد الفقهية والأصولية، ونظرا لما كان يفتقر إليه واقعهم من تلك الأدوات والتقنيات والمعامل والمختبرات الحديثة التي تساعدهم على تصور الواقع وإدراكه تصورا صحيحا، ومن ثم فقد أضافوا إلى معارف عصرهم البدائية البسيطة التي ربما ثبت عدم صحة كثير منها، أضافوا شيئا من الخيال في التصور لبعض المسائل كديمومة الحمل سنين متعددة وغير ذلك من الصور الافتراضية التخيلية التي قد لا تحدث أصلا بناء على ما جزم به العلم الحديث أو تحدث نادرا جدا، وهذه المسائل ليست عماد المنظومة الفقهية ولا هي كثرة غالبة في التراث الفقهى، فالتراث الفقهى يحتوى على ملايين المسائل في شتى المجالات، فكيف نهدره لأجل بعض المسائل التي ثبت خطؤها بناء على ما جزم به العلم الحديث، ولا تثريب على الفقهاء في ذلك.
لو تعاملنا مع التراث بهذه الطريقة الوسط التي تتجافى عن طرفى التقديس والتدنيس لاستفدنا منه أكبر استفادة، ولجنبنا أنفسنا كثيرا من المعارك والتطاحن في غير ما طائل، ولحمينا هؤلاء الذين يتساقطون من بين أصابع الإسلام صرعى هذه المعارك، فيكفرون بالدين بالكلية أو يهيمون على وجوههم لا يلوون على شىء. إن التحديات التي تواجه الأمة أعظم بكثير من أن إهدار طاقتنا وطاقات الجمهور في مسائل متخصصة متعمقة، ربما يكون الحديث فيها بغير علم وفهم فتنة لبعضهم، وسنتحمل أوزاها أمام الله تبارك، وتعالى.

- الأيام القليلة الماضية.. استندت المحكمة الإدارية العليا في حكم إلى "حظر الإضرابات" للشريعة الإسلامية.. هل يمكن القول إنه "لا إضراب في الإسلام"؟
نحن بصدد قضايا معينة تنظر إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد، وهناك منهج ضابط في الإسلام، تحدث عنه الفقيه العز بن عبد السلام، وهو التوازن في العلاقة بين صاحب العمل والعامل، وحينما شاركت في لجنة الـ50 لتعديل الدستور، ناقشنا قانون الإضراب، وكانت كل المناقشات تدور حول كيفية الموازنة بين العامل وصاحب العمل، واتفقنا على أنه إذا كان إضرب العاملين لا يؤثر على العمل والعامل فلا شيء فيه.

- ما رأيك في تعدد مصادر الفتوى خلال الفترة الماضية، على الرغم من أنها كنت مقتصرة على دار الإفتاء؟
من هذا المنطلق، لا بد من تأكيد أهمية التخصص، وهو المحور الذي ينبغى التعود عليه في كل شأن من شئون الفتوى، وأعتقد أن المجتمع يدرك القيمة الحقيقية للفتوى التي تتفق مع روح الدين، فالشعب المصري يعي ذلك تماما، مع الأخذ في الاعتبار أننا نصدر 1500 فتوى يوميا، بــ10 لغات، وهي الطاقة القصوى للدار.

- عدد من الدول الأوربية التي قمت بزيارتها تقف ضد عقوبة الإعدام، ليس هذا فحسب، ولكنها تطالب بإلغائها.. ما موقف دار الإفتاء من هذه العقوبة؟
أنا ضد إلغاء عقوبة الإعدام، لأنها تمثل صونا للمجتمع، ومانعا من انتشار الجريمة، والتشريع الناجح هو الذي يكافح الجريمة، ولا يمنعها، لأنها ظاهرة اجتماعية وبالتالى لا يجب التقليل من شأنها، وأؤكد ثانية أننى أقف في صف المطالبين ببقاء العقوبة لأن المولى عز وجل يقول في كتابه العزيز: {ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب}، وهناك جرائم للإفساد في الأرض، فيجب أن أن نضع الضوابط التي تضبط العقوبة، والتي تتمثل في التحقيق العادل مع المجتمع، حتى يصل إلى حكم يعبر عن الحقيقة، ونحن مطمئنون إلى قضائنا الشامخ، الذي درب وأنشأ الهيئات القضائية في الخارج، ولو تذكرنا لحظة وقوع الجريمة لهان علينا الإعدام.

- تلازم مع ظهور الجماعات الإرهابية مصطلح "الجهاد".. فضيلتكم متى يعلن الجهاد وتحت آية راية يكون؟
الجهاد هو ملاقاة دولة لأخرى، ولا يصح أن يقوم به شخص، ويجب أن يكون تحت راية الدولة فقط، التي تعلن عنه في جميع أرجائها، وهى صاحبة القول الفصل في هذه الحالة، فهى الوحيدة التي تمتلك المعلومات والعتاد للدخول في الحرب، والقرار نفسه غير متروك لشخص بعينه، أيا كان موقعه ومنصبه، لآثاره الشديدة على الدولة.
Advertisements
الجريدة الرسمية