رئيس التحرير
عصام كامل

هذا هو الانقلاب يا أبو تريكة


أن تنقلب الدولة 180 درجة، وعشنا مرحلة من أخطر مراحل حياتنا بمجرد أن سمعنا تصريح وزير العدل المستشار محفوظ صابر عن أبناء عمال النظافة وعدم أحقيتهم في شغل مناصب وكلاء النائب العام، هنا انتفضت مصر بعقلها الجمعي رافضة هذا التصريح، بل وطالبت بتنحي هذا الوزير، الذي مما لا شك فيه أنه قدم لمصر في سنوات عمله الكثير، ولكن من منا أعطى مصر أكثر مما أخذ منها؟!


لا أحد فوق القانون، وإن لم يوجد قانون يعاقب على إهانة مهنة من المهن فإن الشعب المصري الذي قام بثورتين قادر على إنفاذ قانونه العرفي، وبالفعل كانت استجابة الحكومة أسرع من مداولات الشارع المصري، وقدم الوزير استقالته، وقَبِلها رئيس الحكومة، هذه هي الثورة الحقيقية يا أبو تريكة. هذه هي الثورة التي قلبت الموازين يا زملاء أبو تريكة، يا من تضامنتم معه لكونه اللاعب الهمام.

من منكم يا لاعبي مصر أعطاها أكثر مما أخذ منها؟! ففي الوقت الذي كنتم وما زلتم تنعمون بكل وسائل رغد العيش، ومن أموال المصريين، كان ابن عامل النظافة يعيش ومازال على القد! وفي نفس الوقت الذي كنتم ومازلتم تحيون في أرقى المناطق السكنية وفي أرفه الفنادق داخليا وخارجيا كان ومازال ابن عامل النظافة يحي داخل بيته الفقير، وربما أكل من باقيا طعامكم الملقى في صناديق المهنة!

يا أبو تريكة أنت لست أعز على مصر من مستشار قدم وحكم وربّى! أبو تريكة وزملاؤه أخذوا منا أكثر بكثير مما أعطوه لنا، ومع ذلك إذا اقترب أحد من مالياتهم هبّوا عن (كرة) أبيهم منددين ومعنّفين ومجاهدين وناقمين من باب أنتم تحسدوننا! ألسنا نحن من هتفنا باسمكم؟! ألسنا نحن من هوّن عليكم عندما تسافرون وتعودون (إيد ورا وإيد قدام) ؟! نحبكم؟ نعم. نجلكم؟ نعم. أكثر من مصر؟ لا وألف لا.

يا أبو تريكة هل انتفضت لاستشهاد جنودنا؟ هل فكرت أن تزور أمهات وزوجات وأبناء شهدائنا في الجيش والشرطة؟ هل أعلنت موقفك صراحة من الجماعة الإرهابية؟ يا أبو تريكة أنت مواطن مصري يسري عليك ما يسري علينا، مصر هي التي صنعتك ولست أنت من صنعت مصر، مصر بعد الثورة لا خطوط حمراء لديها، إن كنت تؤمن بالثورة أصلًا! البخاري نفسه لم يكن خطًا أحمر فما بالنا بك؟!

حسني مبارك، الذي شئنا أو أبينا، أحد أعمدة انتصار أكتوبر، لم يكن خطًا أحمر، وحكم عليه بالسجن، وأن عاش داخل الوطن طليقًا فيكفيه أنه سجين في أعين الناس، وبهذا الحكم لا يحق له أي نياشين أو ميزات عسكرية، حتى جنازته لن تكون عسكرية، أأنت قدمت لمصر أكثر مما قدمه جنود أكتوبر؟! أنت تعيش مرحلة يحاكم فيها رئيسان!

ثم كيف تكون خطًا أحمر بعد ثورة تنادي بالمساواة؟! وكونك حملًا وديعًا فهذا لا ينفي عنك إخوانيتك، وإلا فاخرج وتبرأ من الجماعة الإخوانية الإرهابية، وقل للمصريين إن ثورتكم في يونيو ثورة شعب، ثم قل لي أنت وزملاؤك الذين تربّوا من خير مصر: كم منكم تبرع لصندوق تحيا مصر من أجل شعب مصر؟ وبكم؟
يا أبو تريكة: الساكت عن الحق شيطان أخرس، وإن كان مسالمًا.
الجريدة الرسمية