رئيس التحرير
عصام كامل

نظرية حائك السجاد والقوى الناعمة


سبعة وستون عامًا هو عمر الكيان الصهيونى إسرائيل فهم يسعون إلى الأمان منذ إنشاء هذا الكيان سنة ثمانية وأربعون ولن يتحقق هذا الأمان إلا إذا اشتعلت منطقة الشرق الأوسط بالحروب الأهلية والانقسامات.


فكما قال بن جوريون "مؤسس الصهيونية" أنه إذا استطعنا أن نبنى دولة للأقباط في مصر وللدروز في سوريا والموارنة في لبنان وللأكراد في العراق فإسرائيل تستطيع العيش مائة عام في أمان"..وقد تحقق هذا بداية من مؤتمر بازل بسويسرا 1897 والذي كان يطالب بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام.

وهم يستخدمون في تنفيذ مخططهم في السيطرة على أقطار الشرق الأوسط "نظرية حائك السجاد" التي تؤمن بإتقان العمل غير ملتفتة إلى الزمن الذي سوف يستغرقه هذا العمل فيجب أن نعترف أن إسرائيل لها إستراتيجية وأيديولوجيات ثابتة فهي مثل الخيزران ربما تثنى ولكنها تعود وتستقيم لتحقيق أهدافها.

فصراعاتنا الداخلية تلهينا عن مقاومة المرض الأصلي الذي نعانيه وهو الكيان الصهيوني فمشكلتنا نحن العرب أننا لا نفهم الكيان الصهيوني وإعلامنا يصنع نخبًا مضللة تسلط الضوء على أشياء والحقائق مختبئة والواقع شيء آخر. فالوعي السياسي للأمم أهم بكثير من الوعي الديني.

فهم استخدموا القوى الصلبة في استيلائهم على أراضينا في بادئ الأمر بحيث لجأوا إلى أكبر قدر ممكن من القوة التي يملكوها مع أكبر قدر من السيطرة في أقل قدر من العمل في أقصر وقت ممكن وأقل خسائر.

ثم بعد تحقيق أهدافهم يلجأون إلى القوى الناعمة وهى استغلال الغير كأداة لخلق بيئة تؤدى إلى سلوك يحقق مآربهم.
وأول من استخدم مصطلح القوى الناعمة هو مدير المخابرات الأمريكية في نوفمبر سنة 2006 في الكلية الحربية الأمريكية أمام 300 جنرال أمريكى حينما قال "علينا أن نصنع لهم إسلاما يناسبنا يختلف عن إسلامهم ونغريهم به ليعتنقوه ثم ليقتتلوا به حتى يتآكلوا تماما وعندما يستغيثون بنا نعود إليهم محتلين".

إن الصراعات بالقوة العسكرية لوحدها أصبح أمرا من الماضي خاصة وأن الانفتاح وقوة وسائل الاتصال والبرمجيات قد تشكل عائقًا كلما حاولت الولايات المتحدة شن حرب جديدة، فهم يدعون إلى اعتماد إستراتيجية القوة الناعمة لضمان حلفاء ليس من الحكام فقط بل من شعوب المناطق التي تريد أمريكا فرض سيطرتها عليها بشكل ما.

وترتكز سياسة القوى الناعمة على ست نقاط هي:
- زرع فكرة تثير الخلاف والتي تشكل الكتل غير المتجانسة
- البحث عن مداخل التجزئة وزرع هذه الأفكار لإنتاج الكتل المتواجهة (المتصارعة)
- نبش التاريخ وإسقاطه على الحاضر من أجل تخندق الكتل التي أنتجت واستعدادها لشن الحرب على الكتلة المضادة
- إشعال النار ومنع الحوار بين هذه الكتل
- إلقاء الصراع ومنع الحلول حتى تتآكل هذه القوى
- الدفع باتجاه الاستغاثة لقوى الغرب ليكون هو المنقذ

وهذه النقاط السابقة ما تبناه مؤتمر هرزليا الصهيونى في خريف عام 2007..ومن أهم نقاط القوى الناعمة هي تدمير تراث وحضارة دول الشرق ذات الحضارات مثل تونس ومصر واليمن وسوريا حتى ينسى الأجيال القادمة تاريخهم وحضارتهم وتموت فكرة اتحاد الدول العربية إلى الأبد فلولا إسرائيل لنبتت أمة عربية تناطح العالم كله.

وأكرر أن الوعى السياسي أهم بكثير من الوعى الدينى فليتنا نعلم من هو عدونا الأصلى وماذا يدبر لنا لكى نستطيع أن نقرر ماذا يجب أن نفعل ؟ فلا خيار وسط فإما الموت أو الحياة ولنا أن نقرر فالسياسة أمر متغير نسبى فعدو اليوم ربما يكون صديقا غدًا وصديق اليوم ربما ينقلب ويصبح عدو والمستقل ربما يكون معى أو ضدى فلا ثوابت في السياسة.

فنحن شعوب تجيد فن الكلام والإنشاء وليس الأفعال فمتى نتعلم الدروس ونفعلها ونخلق أيديولوجيات لها أهداف ثابتة كما لدى العدو فلا ننسنى أننا مازلنا مستعمرين فتخلُصنا من الاستعمار البريطانى كان تزامنًا مع زرع الكيان الصهيونى في مصر وفى فلسطين فوجود الكيان الصهيونى في فلسطين وفى مزارع شبعا في لبنان يعنى أن الشرق بالكامل ما زال تحت الخطر.
ولك الله ياشرق حماك الله ورعاك
الجريدة الرسمية