رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا أصبحنا شعبا تافها ؟


لو أننا عملنا خلال السنوات الطويلة الماضية بكل جهد وإخلاص وعزيمة وتفانٍ وشارك في هذه المهمة العظيمة الوطنية جميع أجهزة الدولة ومراكز الأبحاث والمجتمع المدنى والأحزاب التي لا يعرف أحد حتى الآن فائدة واحدة لها على خروج أجيال جديدة من المصريين تتمتع بأكبر قدر من التفاهة بين جميع شعوب العالم وتجرى خلف الشائعات وتقدس كل ما هو من شأنه أن يؤدى إلى التراجع والتخلف على كل ما من شأنه أن يؤدى للتفوق والنجاح لما حققنا هذه النتيجة المبهرة في تصدر جميع شعوب العالم في متابعة أكثر الأخبار تفاهة والانشغال بصغائر الأمور.


فخلال الأيام الماضية حدثت أكثر من واقعة تصدرت اهتمام المصريين وانشغل الرأى العام بجميع طوائفه وغطت هذه الوقائع "التافهة" على الاهتمام بقانون الانتخابات وصراعات حزب الوفد وشائعات التعديل الوزارى وصندل الفوسفات الغارق في النيل وتسمم المياه في الشرقية وحادثة مترو العباسية وارتفاع الأسعار الجنونى في كل شيء ولو أن هذه الحوادث وقعت في بلد آخر لتعاملوا معها بالقدر المناسب ولكن عندنا الأمر مختلف الواقعة الأولى كانت من نصيب حمار استطاع الوصول لمهبط الطائرات بمطار القاهرة ولم يكد الخبر يتم نشره حتى انشغل الجميع بلون وسن الحمار وكيف استطاع هذا الحمار اختراق جميع حواجز المطار؟ وهل نجح في مهمته عن طريق بوابات السيارات أم أنه نجح في مهمته عن طريق قطع السلك الشائك المحيط بالمطار؟ وانطلقت التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعى -ولا أحد يخفى عليه خفة دم المصريين طبعا -.

ولم تهدأ واقعة الحمار حتى حدثت واقعة أخرى في مطار القاهرة أيضا واستحوذت على اهتمام جميع المصريين وهى الواقعة المعروفة إعلاميا "بسيدة المطار" والتي اعتدت على ضابط بالمطار وتم تصويرها وحققت أرقاما قياسة في نسب المشاهدة وانطلقت التغريدات والجروبات ما بين الدفاع عن بطلة الواقعة تحت شعار كلنا "ياسمين النرش" وما بين ضرورة تطبيق القانون عليها وأنها تعدت على هيبة الدولة والممثلة في ضابط الشرطة بطل الواقعة ولم تقف الأمور عند هذا الحد فقد تحولت الواقعة لحادثة العام وتوارى خلفها كل شيء وانطلقت الشائعات والحواديت أن هذه السيدة تنتمى لعائلة كبيرة وصاحبة نفوذ ولم يستطع أحد القبض عليها بينما ذهب فريق آخر إلى صحة الأخبار التي تم نشرها أنه تم تحويلها إلى النيابة وتطبيق القانون عليها.

باختصار هذه الواقعة وغيرها من الوقائع "التافهة "التي لا ترتقى لدرجة الانشغال بها ومناقشتها تلخص الحالة التي أصبح عليها المصريون حاليا وكيف أننا أصبحنا شعبا بلا وعى أو عقل وأن السطحية أصبحت أسلوب حياة وأننا أصبحنا نفكر بأقدامنا ولا نشعر بكل ما يحيط بنا من حروب وأن كل ما يشغلنا الاستعداد لمسلسلات رمضان

وإذا كانت الحكومة تعمل لصالح هذا الشعب حقا كما يؤكد رئيسها دائما عليها أن تطلب من المراكز البحثية والجامعات ومراكز الدراسات أن تجد إجابة للسئوال الصعب لماذا أصبحنا شعبا تافها لهذه الدرجة؟ فبناء البشر أهم من بناء الحجر.
الجريدة الرسمية