رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

العين تعلو فوق الحاجب أحيانًا


مات الحلاج منذ قرون في ظل حكم الدولة العباسية التي انتسبت ظاهريًا وقبليًا للنبى الكريم صلى الله عليه وسلم، ولأهل بيته الصالحين، ولكنها لم تعرف عدلًا ولم تُذق المسلمين وغير المسلمين سوى ذل وهوان وقتل كانوا يعيبونه على سابقيهم من حكام دولة بنى أمية.. مات الحلاج وكان تهمة كفره سببًا مباشرًا وسهلًا ومستساغًا لدى الفقراء والبسطاء الذين كان يدفع عن حقهم في الحياة.. تقبلوا قتله وصلبه والتمثيل بجثته لأنه كفر.. نعم كفر بالظلم وانعدام المساواة وانحصار الثروة في يد الحكام العباسيين الذين ورثوا الحكم ظالم عن ظالم..عن بنى أمية ومعاوية الذي أفقد الحكم الإسلامى عدالته ورشده وحوله إلى ملك "عضوض" كان قد حذر منه النبى الكريم عليه صلوات الله وسلامه، ولكن.. بقى الحجاج فكرة قابلة للتكرار حتى دون شطحات الصوفية ونزقها ومثالبها التي تمنح الفرصة لأى متعقل للطعن على مريدها.


ومنذ أربع سنوات في يناير 2011 خرج لنا آلاف النبلاء ممن يفوقون الحلاج نبلًا وتدينًا وتعقلًا ومثالية وحبًا للخير ولكن كانت نهايتهم ما بين قتيل شهيد ضائع دمه هدرًا وسجين في غياهب الظلمات.. ماتوا أو سجنوا من أجل كرامة غيرهم ومن أجل لقمة عيش تسد فوهة الجوع المتسعة يومًا بعد آخر.. خرجوا من أجل مساواة لا تميز بين ياسمين القوية الثرية وبين بائعة الياسمين أو المناديل الفقيرة العجوز التي كانت تنحنى وهى المثقلة بهموم تهد جبالًا، لتقبل يد إحدى ضابطات الشرطة في مترو القاهرة التي ضبطتها وهى ترتكب أخطر جريمة على أمن الوطن وهي بيع مناديل ربما كانت معطرة بالياسمين !

كل هذا حدث في القاهرة هذا الأسبوع.. (القاهرة) فقط للضعفاء والمساكين الذين يفتقدون حلاجًا يدافع عنهم والذين بسذاجة مقيتة أضاعوا آلافًا من (الحلاج) في يناير ووقفوا ضدهم مازالوا حتى وقعوا في براثن الفراغ الذي منحهم حق التسلية ورؤية خناقة سيدة المطار القوية الثرية التي تمتلك مقومات قادرة على فعل أي شىء في أي مكان وضد أي إنسان حتى ولو كان ضابط شرطة ورتبة.. يعنى بالبلدى الفصيح "باشا"، لا يدخل تلك المنظومة إلا من كان باشا وابن باشا أيضًا، ولكن هناك تفاوت في القوة وهناك قوة تفوق غيرها كما أن هناك أسلحة دمار شامل لا تقارن بها الأسلحة الخفيفة أو حتى الثقيلة.

بالطبع المقارنات كثيرة جدا بين موقف الضابط المحترم أو حتى المستكين أمام امرأة تجبرت عليه وكانت وستبقى حديث مجتمع النميمة المصرى من فضائيات ومواقع إخبارية واجتماعية لأيام قادمة، وبين مواقف كثيرة يتم فيها سحل المتهم أو المعتقل أو حتى المشتبه به من قبل أشاوس سلطة نافذة لا تعترف سوى بالقوة المقابلة وتحترمها جدا جدا كما رأينا.. نعم الوضع كان سيختلف لو كانت تلك المرأة مواطنة عادية.. لا بلاش مواطنة دى، فتلك كلمة لا نعرفها.. عفوا للخطأ، لو كانت امرأة مصرية عادية طبيبة أو معلمة أو عاملة مسافرة لإحدى دول الخليج كى تشقى على أسرة قدرها العيش في المحروسة.. الكل يعلم ذلك ولكن هذا هو الواقع ولا أمل في تغييره لعدم قناعة الجميع بمحاولة تبديله حتى تشريعيًا وليس تنفيذيًا.. مجرد المحاولة.. من سيشرع لمن، باشاوات ستشرع لباشاوات أخرى أقارب وأحباب وأصهار.. تلك هي الحقيقة وليست المعضلة.

خناقه.. مجرد خناقه ليس للشعب فيها ناقه ولا جمل سوى العبره.. فليعتبر وليعلم أنه سيضيع إن إحتك بأحد الكبار ممن يمتلكون المال أو السلطه أوكلاهما وأن العين تعلوا فوق الحاجب وفوق الرأس أيضا إن كانت (واصله) وأن ما تبقى له فقط هو البكاء على ثوره ضيعها في يناير وحاول إستردادها في يونيو فكان الفشل هو حليفه ومثواه ونهايته.. فليبكى الشعب على الأنقياء وعلى كل حلاجيه الذين فقدوا نور أعينهم بحق أو ُسجنوا أو إستشهدوا فداء لهم وهم لا يستحقون.
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية