رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ماسبيرو بين قراميط الكردوسي وغنائم الجلاد


بحرفية رائعة تمكن أستاذنا محمود الكردوسي من وصف الوضع الإعلامي المصري المأزوم بدقة بالغة، استعان فيها بموسوعة وكيبيديا، وتعريفها للقرموط، ثم أضاف هو تعريفات إلى تعريف وكيبيديا بمهارة لغوية فائقة، وكذا أيضًا تمكن أستاذنا مجدي الجلاد من توصيف الحالة الإعلامية، وخطورة جمع الغنائم وسط الحرب، رغم أن الجميع - على حد زعمه - خاسر، سواء الدولة، أو الشعب، أو الإخوان.


كلاهما تناول الموضوع بشيء من الغموض المعلوم لمن هم في مجال الإعلام، كما اتفق كلاهما على أن (الإعماليون)، وهم رجال الأعمال الإعلاميين، ينظرون إلى الدولة باعتبارها غنيمة حرب، وكلاهما تحدث عن أزمة بين إعلام الرئاسة والإعلام الخاص، وضمنًا عبر كلاهما عن احتمالية هبوب عاصفة عاتية لا نعلم من سيطيح بالآخر، بما يعني أن هناك وضعًا مأزومًا أصاب الإعلام.

هنا يتعاظم دور ماسبيرو في ضبط إيقاع الآلة الإعلامية المرئية، وكذا أيضًا يتعاظم دور الصحف القومية في ضبط إيقاع الآلة الإعلامية المقروءة، ولو تحدثنا عن ماسبيرو فإنه سيظل المشروع القومي الحقيقي لمصر، مشروعًا إعلاميًّا لا تحركه السلطات ولا الأهواء ولا الأموال وسياسات رجال الأعمال، ولكن الحكومة راهنت كما راهن إعلام الرئاسة على الإعلام الخاص، وأصبحنا لا نتابع زيارات الرئيس بالتفصيل إلا عن طريق الإعلام الخاص، وأصبحنا لا نرى الوزراء إلا على شاشات الفضائيات الخاصة، وإذا تمت دعوة أحد الوزراء للحضور إلى مبنى ماسبيرو كأنك تطلب منه أن يزور مجاهل أفريقيا! وهكذا مضى الحال حتى تمكن (الإعماليون) أو أصحاب القنوات الخاصة من السيطرة على عقول البيوت المصرية، وأصبحوا قادرين على توجيه الرأي العام، وحشد المواطنين لتبني فكرة معينة، وهنا سمعنا صراخ الحكومة مطالبة هذا الإعلام بتخفيف حدة النقد، والتحلي بالموضوعية!

وهنا أقول:
لو راهنت الرئاسة على إعلام ماسبيرو ليكون إعلامًا وطنيًّا له حصانته لاستطاعت معالجة مشاكلنا المجتمعية والسياسية والاقتصادية بكل موضوعية، ودون مزايدات، أو عقد صفقات، أو ممارسة الضغوط على الحكومة.

إن فساد مجموعة من الأطباء ليس معناه هدم المستشفى وتجاهله!

إن عدم صلاحية بعض الوزراء ليس معناه الإطاحة بالحكومة كلها! وهكذا دواليك.

بدلًا من التفكير في التخلص من ماسبيرو إعلام مصر القومي علينا أن نفكر بزاوية أخرى.. نريد في ماسبيرو أقوى قناة إخبارية، ولمذيعيها أداء مشترك، وحرفية عالية.. نريد في ماسبيرو أقوى قناة أطفال تشكل وعي أبنائنا الصغار، وتزرع في قلوبهم حب وطنهم وجيشهم.. نريد في ماسبيرو أقوى قناة سينمائية ترتقي بالذوق المصري، وتعلي من قيمة الفن الراقي البناء الهادف..نريد في ماسبيرو أقوى قناة اجتماعية تناقش كل قضايانا دون أن تزايد أو تنتج برامج بحث عن الإعلانات، قناة ترسخ لقيم المجتمع المصري وعاداته وتقاليده.. نريد في ماسبيرو أقوى قناة دينية بالتعاون مع الأزهر الشريف؛ لنشر تعاليم الإسلام السمحة.. نريد في ماسبيرو أقوى قناة تراثية وثائقية، ولدينا ما يكفي لأن نكون الرواد.. نريد في ماسبيرو أقوى قناة رياضية تعنى بمراكز الشباب، ودوري الجامعات والمدارس، بخلاف متابعة باقي الأندية والألعاب.. ماسبيرو يجب ألا ينظر إلى الربح، بل ينظر إلى الوطن، وعلينا أن نساعده على تقديم ذلك، وأن يكون رمانة الميزان الإعلامي..(ماسبيرو يمرض ولكن لا يجب أن يموت).
Advertisements
الجريدة الرسمية