رئيس التحرير
عصام كامل

قبل أن تطلقوا رصاصة الرحمة على ماسبيرو


خسارة الدولة لن تعوض عندما تتخلى عن ماسبيرو، لأننا كمواطنين سنكون حينها كمن لا بيت له، نعم، كمن لا بيت له. إن ماسبيرو بوصلة المصريين عندما تتقاذفهم أهواء أصحاب القنوات الخاصة.. والدولة بحكوماتها المتعاقبة ستكون أول الخاسرين لأنها ستكون أداة طيعة تخضع لسلطة رأس المال، ونحن الآن نسمع ونرى ونقرأ عمن يريدون أن يتآمروا على السيسي، وهؤلاء لهم أياد طولى في صناعة الإعلام.


إن أمريكا بجلالة قدرها وقوتها عندما استشعرت خطورة الإعلام على مستقبلها، أوقفت تجاربها وصناعتها المتعلقة بأحدث صواريخها لتضخ الميزانية بالكامل في الإعلام! ونحن هنا حمّلنا ماسبيرو ما لا يطيق؛ حتى يكون لقمة سائغة في بطون أصحاب مصالح إعدام ماسبيرو.

إن الديون التي أثقلت كاهل ماسبيرو كانت نتائجها ما نراه اليوم من قمر صناعي ومدينة الإنتاج الإعلامي، وظلت فوائد الدين تتراكم إلى أن وصلت إلى مليارات! كل هذا والدولة تقف صامتة وكأنها تريد لماسبيرو موتًا إكلينيكيا؛ حتى تبرئ ذمتها منه، ولكن ليعلم القاصي والداني أن ماسبيرو ليس مبنى فحسب، إن الإعلام هو ثالث أكبر صناعة في العالم، ويأتي بعد صناعة الأسلحة والكيماويات، ومن المنتظر أن يشكل 40 % من مجمل إنتاج الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

إن ماسبيرو كمصنع عالمي للإعلام العربي شأنه شأن الكثيرين يمرض ولكن لا يجب أن يموت؛ لأن الإعلام هو الذي يبلور صياغة الاقتصاد، والسياسة، والأهم أنه الوحيد القادر على الحفاظ على وحدة الصف الداخلي؛ لأنه يشكل ثقافة المجتمع.

إن أصحاب المال لهم أجندتهم الخاصة التي تحقق لهم المصلحة أولًا، وبعدها تأتي مصالح أخرى قد يكون منها مصلحة الوطن، ورأس المال عندما يدخل إلى الإعلام فإنه يكون صاحب التأثير والنفوذ، وهنا تتم السيطرة على عقول المصريين، وتتحقق المكاسب المالية والسياسية والاجتماعية للدول التي تسعى لهدم الدولة المصرية، فكما بيعت أسهم إحدى القنوات الفضائية الخاصة الشهيرة لمستثمر غير مصري، فوارد أن تتغير السياسة التحريرية لهذه القناة بما يتماشى مع توجه هذا المستثمر، ولكم أمام أعينكم نماذج؛ حيث تفجر بعض قنوات الإعلام الخاص كثيرًا من القضايا الشاذة، وتروج لها لتحصل على أعلى نسبة مشاهدة، وبالتالي إعلانات! أمّا ثقافة وقيم المجتمع فهذا أمر لا يعنيهم كثيرًا، والوحيد القادر على ضبط الإيقاع هو الإعلام الرسمي للدولة، الذي لا يعمد إلى الربح على حساب الوطن.

تخلى الجميع عن ماسبيرو، إعلام الدولة المصرية، حتى إن أصحاب القرار أصبحنا لا نراهم إلا على شاشات القنوات الخاصة، وتركوك يا ماسبيرو تواجه مصير محتومًا. إن ماسبيرو مشروع أمن قومي، وعلى أبناء ماسبيرو الذين هاجروا أن يعودوا بشكل أو بآخر، وليعد برنامج ماسبيرو (البيت بيتك)، الذي ولد فيه وتربى وكبر، وليكن اسمه ( البيت بيتكم)، وليكن أكبر برنامج توك شو، ليس عندي مانع كمواطن في أن تأتي الطيور المهاجرة، ويضعوا أيديهم في يد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون؛ لتكون النهضة الإعلامية من ماسبيرو.

عد يا تامر أنت وشريف مدكور وشريف عامر ويوسف الحسيني ومفيدة شيحة ولبنى عسل وأماني الخياط وكل من تربى في ماسبيرو حتى يتم مرة أخرى تصعيد جيل جديد بروح ماسبيرو، ولتكن مشاهير ماسبيرو وذوو الخبرة على قناة واحدة؛ ليسلّم كل منهم الجمهور إلى الآخر، ولا يتم توزيعهم على قنوات فيذهب مجهودنا هباءً، وإن لم يعودوا فما لبّوا نداء الوطن؛ لأن ماسبيرو مشروع مصر القومي الحقيقي.

إن المؤسسة الإعلامية كالمؤسسة التربوية، وعندما نتخلى عن التعليم الحكومي، ونترك أبناءنا ومواطنينا تحت سيطرة أصحاب المدارس والجامعات والمعاهد الخاصة؛ حينها اتركوا إعلام الدولة بمواطني الدولة لأصحاب رءوس الأموال، وحينها لن يجدي ندم! نريد حملة قومية لإحياء ماسبيرو.
الجريدة الرسمية