رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور أحمد كريمة لـ«فيتو»: دعاة التجديد.. يروجون أفكارًا شاذة




>> إسلام بحيرى يطرح شبهاته أمام الكاميرات لا أمام العلماء

أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الفكر الإنسانى سواء كان نتاجًا دينيا أو غير ذلك وكونه اجتهادا بشريا فإنه عرضة للنقد بشرط أن يكون نقدا موضوعيا محكوما بأخلاقيات البحث العلمي، وقال في حوار مع «فيتو» إنه ينبغى أن يكون «العصف الذهني»، طريقة عملية جماعية لإيجاد حل لمشكلة معينة، داخل قاعات البحث على أيدى باحثين وخبراء وإبعاد هذا العصف عن العوام وشبه المتعلمين أي عن الإعلام بجميع وسائله سواءً كان مرئيًا أو مقروءًا أو مسموعا.

*كيف ترى الفرق بين النقد والتشهير؟
«هناك فرق كبير بين النقد والتشهير والتشويه، ومثال على ذلك عندما أنكر عميد الأدب العربى الدكتور «طه حسين» في كتابه «الشعر الجاهلي» وجود سيدينا إبراهيم وإسماعيل «عليهما السلام» وهذا تشويه لأنهما شخصيتان ثابتتان في القرآن الكريم والتوراة، فالتكذيب بالمسلمات الشرعية لا يعد نقدا ولا رأيا وإنما هو تخريب وتشهير».

*ماذا تقول لإسلام بحيرى؟
إسلام بحيرى وما يطرحه من مغالطات مثال حى على محاولات تشويه الدين حيث إن ما يقوله افتراء ويستند فيه إلى كتب بعض غلاة الشيعة الإمامية الاثنتى عشرية وبعض غلاة المستشرقين المتحاملين، ويقدم هذا على أنه تجديد في التراث ولكن بحيري، وفقا لكلام كريمة، جانبه الصواب في عدة نقاط أولا: المصادر النصية لا تسمى تراثا فالقرآن الكريم ونصوص الحديث الصحيحة ليست تراثا لأن التراث هو الفهم البشرى إذ إن النصوص الشرعية لا يمكن في العمل العلمى السليم أن يطلق عليها تراث، وهذا يؤكد النقطة الثانية أن إسلام بحيرى غابت عنه المنهجية العلمية تماما وصار كما يقول العرب «حاطب ليل»، ثالثا إنه طرح مثل هذه الأمور في الإعلام على العوام البسطاء الذين يفهمون ظواهر الأمور فقط، ورابعا استخدامه العبارات اللاذعة والخارجة عن مكارم الأخلاق.
وأدعو إسلام بحيرى وأمثاله من المشككين إلى الجلوس في قاعة بحث واعتماد مناقشة منهجية بـ«العصف الذهني» لنتعرف على الشبهات التي يثيرونها وفى نهاية المطاف نخرج بملخص أو بيان إلى الناس نبين فيه الحق والباطل ونفصل بين الصواب والخطأ، وعليهم إذا تبينوا خطأهم أن يعتذروا عما قالوا، ويجب أن تكون هذه المناقشة بعيدة عن الإعلام، لأن الإعلام يريد «الردح»، إنما البحث العلمى والمناقشات المنهجية ليست مجالًا للعراك والشجار، مبينًا أنه لا يصح أن نحكم على ما يفعله بحيرى ومحمد عبد الله نصر ومن على شاكلتهما بأنه دعوة للتشيع في مصر لأننا لا ندخل في ضمائر أحد، لكن يمكن أن نعتبر ما يفعلانه نتائج الثقافة السنية.

* ما هى شروط التجديد فى الفكر الإسلامى؟
المجدد في الفكر الإسلامى أو العقيدة لا بد أن يكون عالما متخصصا في مجال الفقه والأحاديث أمثال الإمام محمد عبده (أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامى ومن دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربى والإسلامي)، والأئمة الكرام الموسوعيين (‏أبو حنيفة النعمان - ‏مالك بن أنس - ‏الشافعى - ‏أحمد بن حنبل)، لكن لا يجوز أن نطلق على كل من يسير ضد التيار مجددا لأنه يوجد فرق كبير بين التجديد والتبديد، فكل من هو غير مختص في الشريعة ولم يدرس أصول الدين وملم بالحديث الصحيح والفقه يبدد في الدين فـ«فاقد الشيء لا يعطيه».
وأريد أن أطرح على بحيرى سؤالا مهما «ما حظه من الدراسة الحديثة للأحاديث النبوية؟» لأنه وقتما يكون متخصصا في الأحاديث النبوية الشريفة يصبح من حقه أن يقول ما تراءى له إنما إذا كان غير ذلك لا بد ألا يقترب من الحديث في تلك الأمور.

*هل يلعب الإعلام دورا سلبيا ؟
لا بد أن يرفع الإعلام يده عن الثقافة والمعتقدات الدينية الإسلامية، فدور الإعلام الصحيح تجاه الدين الإسلامى نشر الفضائل ومواجهة الرذائل ومساعدة الناس في زيادة اليقين لديها من دينها وعقيدتها، أما أن يساهم في ذهاب الناس إلى دائرة الشك فهذا يدل على مؤامرة ضد ثوابت الدين الإسلامى بلا شك، ولعل أكبر دليل على ذلك أنه لو أحد الأشخاص حاول أن يتصدى لثوابت الديانة اليهودية لقامت إسرائيل بمحاكمته بتهمة معاداة السامية، وكذلك لو حاول أحد أيا كانت ديانته التكلم في ثوابت المسيحية سيقف أمامه الكثير، واستدل على ذلك بأن الدكتور محمد عمارة الكاتب والمفكر الإسلامى، منذ سنوات قليلة جدا أصدر كتابا أبدى فيه رأيه في بعض الأمور المتعلقة بالديانة المسيحية، وقتها تدخلت الكنيسة واعتبرت أن في الكتاب إساءة للمسيحية وأنه ليس من حق عمارة أن يتحدث في الشأن المسيحى خاصة أن ما ذكره خطأ، ما ترتب عليه إجبار مؤسسات معينة على سحب كل نسخ الكتاب التي تصل إلى الآلاف من السوق والتحفظ عليها.

وأتساءل لماذا لم نسمع أحد الإعلاميين يقول إن هذا ضد حرية الرأى والتعبير؟ فإذا كانت المسيحية تحافظ على عقيدتها وثوابتها واليهودية كذلك وهذا من حقهما لأنه لا يجب المساس بالديانات السماوية جميعا.. فلماذا الإسلام مباح فيه حرية التعبير؟

وتابع: «على الدولة أن تضع قوانين وعقوبات مغلظة لمن يستبيح الدين ويقول ما يشاء كما يشاء، لكن قبل أن تتخذ الدولة إجراءات ضدهم لا بد أن نتساءل أين ضمير هؤلاء، أين غيرتهم على الدين الإسلامي، أين مراعاة مشاعر المسلمين؟ فالمفترض أن يأتى هذا من الشخص نفسه ليس بأمر من أحد أو منع أحد من الظهور والأفضل لهم أن يأتوا إلى علماء وأساتذة جامعة الأزهر أو مشيخة الأزهر أو مجمع البحوث ويعرضوا ما لديهم إذا كانوا يرون فيها شبها، ويسمعوا الجواب الصحيح بعيدا عن الإعلام، لأننى ضد فكرة تدخل الإعلام في هذه المسألة تماما لأننا لسنا في حرب ولا الإسلام مدان فندافع عنه ولا متهم فنعتذر عنه، فما يخص الإعلام هو نتاج المناقشة العلمية وإيصالها للعوام والبسطاء من الشعب ليتبينوا من على حق ومن على باطل.
الجريدة الرسمية