رئيس التحرير
عصام كامل

بنك ناصر ينتقم من جمال عبد الناصر


أنشئ هذا البنك في نهاية الستينيات بعد الهزيمة، وفي وزارة الدكتورة حكمت أبو زيد وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل، وكان الغرض من إنشائه وقتئذ مساعدة الفقراء، وتوسيع قاعدة التكافل الاجتماعي بين المواطنين، والعمل على تحقيق الكفاية المجتمعية، وتوفير فرص العمل، والقضاء على البطالة والفقر... إلخ، ولكن سرعان ما انحرف البنك عن مساره، وأصبح مجلبة لمعاناة الفقراء، وأصبح لا يفتح أبوابه إلا للأغنياء، فإذا كنتم من العاملين في الدولة سواء في القطاع العام، أو الخاص، وهممتم لتقترضوا؛ رغبة في إنشاء مشروع، أو رغبة في شراء سيارة تقيكم وأهلكم من سوء التعامل في المواصلات، وبخاصة الميكروباصات، فأنتم ستشربون الأمرين.


إذ عليكم بضامنين يعملون في الدولة، ليس هذا فحسب، بل يشترط عليكم البنك أن ينتموا إلى وزارات يرضى عنها قسم الائتمان فيه، فلو كنت من العاملين في وزارة مثل وزارة الشباب والرياضة فكن على يقين أنك ستُعامل بمنتهى الشدة، ستصل أحيانًا لأن تتخيل أنه يمكن مدك على الرجل؛ لأن هناك تجارب سلبية مع بعض المتعاملين، واتضح الأمر عندما تقدم أحد العاملين في وزارة ذات شأن بطلب قرض شراء سيارة، وكان أحد الضامنين من وزارة الشباب والرياضة فتم رفض الطلب!

أما إن كنت من أصحاب المعاشات فكان الله في عونك، وبيّض الله وجهك، وجنبك ذل السؤال، فكثير من أصحاب المعاشات، وبخاصة الذين بيعت شركاتهم، أو الذين خرجوا بعجز جزئي، وأصبحوا لا يجدون إلا ما يسد رمقهم وبالكاد، ولهم ذرية ضعاف في مرحلة الزواج، هنا لا يجد سبيلًا أمامه إلا الاقتراض بضمان المعاش، ولكن هيهات هيهات! اتصل بي أحدهم يبلغ من العمر سبعة وستين عامًا، ولم يقدر على الحصول على القرض؛ لأنهم يريدون ضامنًا مع تحويل مرتبه، وشهادة من القومسيون الطبي تفيد بأن صحة المقترض جيدة، بالله عليكم هل نحن نملك توكيلًا من عزرائيل! وفشل في الحصول على القرض؛ لأن الضامن الوحيد الذي أمام هذا المسن اشترط عليه أن يحصل على (5000 آلاف جنيه ) مقابل أن يكون ضامنًا له!

أصحاب المعاشات الذين تبلغ حصيلة معاشاتهم لدى الدولة أكثر من (600 مليار جنيه)، معظمها بلا فوائد! ولو أخذوا الفوائد لوصل المبلغ إلى تريليون جنيه!

أصحاب المعاشات الذين كانوا يمتلكون أسهمًا في إحدى كبرى الشركات بـ (80 مليون جنيه) تم بيعها من قبل القائمين على استثمار أموالهم بـ (75 مليون جنيه)، وبعدها بأيام وصلت هذه الأسهم بعد أن بيعت إلى (300 مليون جنيه)!

أصحاب المعاشات الذين لا يمتلكون إدارة أموالهم! أصحاب المعاشات هم الذين يُقرضون بلا فوائد، ويَقترضون بفوائد وبطلوع الروح!

يا سادة... إن بنك ناصر ضل طريقه في التعامل مع الجمهور المستهدف الذي من أجله أنشئ البنك، ناهيكم عن الأسلوب المتدني الذي لا يليق أبدًا في التعامل مع أناس لهم عند الدولة مليارات توازي ميزانية دول!

اذهبوا إلى الفرع الرئيسي، وانظروا كيف يتعاملون بمنتهى الصلف، والمكان غير الآدمي، وأسلوب التعامل البدائي، وكأننا لم نعش التكنولوجيا بوسائلها!

اذهبوا يا سادة إلى فرع البنك في الجيزة، وانزلوا مع المتعاملين وأصحاب المعاشات داخل هذه المقبرة التي أظن أنها ستسقط على رءوس من بداخلها يومًا ما؛ لأنها هندسيا بها مشاكل واضحة أمام العيان!
يا سادة إن بنك ناصر ينتقم من جمال عبد الناصر!
الجريدة الرسمية