رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر كلمة وزير الخارجية في مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي


أكد وزير الخارجية سامح شكرى، أن مصر تطالب مؤتمر المراجعة، بتكليف السكرتير العام للأمم المتحدة، بدعوة كل دول منطقة الشرق الأوسط لعقد مؤتمر يهدف إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وسائر أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، منوها إلى أنه لابد أن يطلق هذا المؤتمر عملية سياسية يشارك فيها من يحضر من دول المنطقة، والدول المودع لديها المعاهدة، وبقية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن من منطلق مسئوليتها الخاصة في حفظ السلم والأمن الدوليين وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.


وقال "شكرى"، في كلمة مصر التي ألقاها أمس الإثنين، أمام مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي المنعقد حاليا بنيويورك، أن هذا يأتى بغرض التفاوض بحرية كاملة واتساق مع مبدأ سيادة الدولة، من أجل بلورة معاهدة إقليمية ملزمة تُنشئ بمقتضاها المنطقة الخالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط، وتنضم الدول لعضويتها، إذا ما ارتأت ذلك مناسبًا لتحقيق مصالحها الوطنية دون إملاء.

وأضاف أن المجموعة العربية سوف تتقدم بورقة عمل تشرح تفصيلًا كيفية تعديل المسار، وعقد المؤتمر على النحو الذي يمكن معه البدء في تنفيذ قرار الشرق الأوسط الصادر عام 1995، مؤكدا أن انعقاد مؤتمر الشرق الأوسط يعد فرصة، ربما الأخيرة، لاستعادة مصداقية المعاهدة، والتأكيد على أنها تمثل الأداة القانونية الأنسب لحفظ السلم والأمن الدوليين.

وشدد وزير الخارجية على أن مصر تعرب عن القلق من تنامى التوجه لدى الدول النووية لتطوير أنواع جديدة من السلاح النووى، وإجراء الدراسات والأبحاث لتحديث نظم التسليح النووى، بدلًا من تهميش دور الأسلحة النووية في سياستها الأمنية.

وأبدى "شكرى"، انزعاجه من ضآلة الجهود الدولية وخاصة من قبل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن من منطلق مسئولياتها الخاصة لحفظ السلم والأمن الدوليين من أجل تحقيق عالمية المعاهدة التي تعد حيوية لضمان استمرار مصداقية المعاهدة لتحقيق أهدافها، خاصة أن استقرار هذا الوضع من شأنه أن يزعزع أركان المعاهدة ومدى تحقيقها لأهدافها، لافتا إلى أنه لابد أن تتخذ الأطراف إجراءات وتدابير محددة لمعالجة هذا القصور، والامتناع في نفس الوقت عن اتخاذ أي إجراءات تعد بمثابة حالة عدم امتثال وفقًا للمادة الأولى من المعاهدة.

وأضاف "شكرى"، أنه من المهم التأكيد على أن المد اللانهائى لمعاهدة عدم الانتشار النووى عام 1995 لم يكن يعنى بأى حال، السماح للدول النووية بالاستمرار في حيازتها للسلاح النووى بشكل دائم، منوها إلى أن أي افتراض بذلك لا يتسق مع روح ونص المعاهدة والغرض الرئيسى منها.

وأوضح أن مؤتمر المراجعة، ينعقد هذا العام في ظل العديد من التحديات التي تواجه نظام منع الانتشار، كما يمثل انعقاد المؤتمر فرصة هامة لمراجعة تنفيذ التعهدات والالتزامات التي توافقت عليها الدول الأعضاء خلال مؤتمرات المراجعة السابقة، واستشراف سبل التوصل إلى إجراءات وخطوات جديدة للسنوات الخمس القادمة في إطار يراعى التوازن الدقيق بين الركائز الأساسية الثلاث للمعاهدة؛ نزع السلاح النووى، ومنع الانتشار، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

وأضاف وزير الخارجية أنه على الرغم من إدراك المجتمع الدولى لمخاطر امتلاك السلاح النووى أو الاعتماد المتزايد عليه كوسيلة ردع ضمن العقيدة العسكرية للدول النووية الخمس، تظل جهود نزع السلاح النووى حتى الآن قاصرة عن تحقيق الهدف الأساسى الذي نصت عليه المادة السادسة من معاهدة عدم الانتشار النووى، لافتا إلى أن السلم والأمن الدوليين، سيكونان أكثر عرضة لمخاطر استخدام السلاح النووى.

وتابع "شكرى"، أنه لا يزال المجتمع الدولى يواجه ذات التحدى المتمثل في كيفية تحقيق التوازن بين الالتزامات الواقعة على الدول النووية وغير النووية، التزامات تفرضها معاهدة عدم الانتشار على الدول الأعضاء بعدم امتلاك السلاح النووى، وأخرى تتحملها الدول النووية للتفاوض بحسن نية لنزع أسلحتها النووية والتخلص التام منها، مشددا على أن هذا التوازن المنشود لم يتحقق حتى الآن على الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على دخول المعاهدة حيز النفاذ، وعلى الرغم من تعدد المبادرات، والقرارات التي توافقت على ضرورة التخلص من الأسلحة النووية.

وذكر أن مصر، طالبت مرارًا بأهمية تنفيذ الخطوات الثلاثة عشر لنزع السلاح النووى التي تم الاتفاق عليها عام 2000، كما طالبت بتنفيذ خطة العمل الصادرة عام 2010، إلا أن غياب الإرادة السياسية اللازمة لتنفيذ هذه الالتزامات، أبقى على مخاطر السلاح النووى وما تمثله من تهديد حقيقى للأمن والسلم الدوليين.

وأضاف وزير الخارجية سامح شكرى، أن حرص الدول غير النووية على ممارسة حقها الأصيل غير القابل للتصرف، بالانتفاع من الاستخدامات السلمية، وفقًا لنص المادة الرابعة من معاهدة عدم الانتشار النووي، لا يجب أن يُستغل لفرض المزيد من القيود على الدول غير النووية بذريعة منع الانتشار، خاصة فيما يتعلق بمجالي التحقق والضمانات، والدفع الممنهج لإجبار الدول الأعضاء على توقيع البروتوكول الإضافي كشرط لإمداد الدول بالمواد النووية أو طرح مبادرات وأفكار تقيد من حركة الدول كإنشاء بنك دولي للوقود النووي.

واستطرد قائلا: وعلى الرغم من أن نقل التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية هو حق أصيل للدول الأعضاء، يظل هذا الحق غير مستغل كمًا ونوعًا حتى الآن من جانب الدول غير النووية، منوها إلى وجود أطراف تساهم في هذا الخلل من خلال فرض قيود على حيازة الدول غير النووية الأعضاء في المعاهدة للمواد النووية والأجهزة والمعدات اللازمة لتطوير برامجها النووية السلمية.

وأكد أن مصر تتجه بخطى جادة نحو بناء أولى محطاتها النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، وذلك لتلبية احتياجات التنمية المتزايدة، وتحرص على التنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان تطابق كافة هذه الخطوات مع معايير الأمن والأمان النووى التي تقرها الوكالة، وخضوعها لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يعد الأداة القانونية الرئيسية للتحقق من سلمية الأنشطة النووية، وتطالب مصر بتحقيق عالمية هذا النظام، واعتبار أي التزام إضافي هو التزام طوعى غير ملزم إلا للدول التي قبلت الانضمام إليه.
الجريدة الرسمية