رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وزير الهجرة المغربي: تسوية أوضاع 20 ألف مهاجر وفدوا إلى المغرب


أكد أنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشئون الهجرة في حديث لـDW عربية في برلين أن بلاده قامت بخطوة استثنائية لتسوية أوضاع 20 ألف مهاجر غير شرعي، يعتمد على دعم أوروبا وألمانيا من أجل مساعدة دول جنوب الصحراء لمعالجة مشكلة الهجرة من جذورها... وإلى تفاصيل الحوار:

*تشهد ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط في الآونة الأخيرة تناميًا ملحوظًا.. لماذا تتفاقم مآسي الهجرة في ظل الظروف الحالية؟
مسألة الهجرة ليست وليدة اليوم، فهي ظاهرة قديمة قدم الإنسان بحكم بحثه المتواصل عن تحسين ظروف عيشه أو عن الهروب من مخاطر تهدد حياته وحياة أسرته، وما يجعل مآسي الهجرة تظهر بشكل أكبر هو تسليط الضوء المتزايد عليها من قبل وسائل الإعلام، لأن مآسي المهاجرين كانت دائمًا موجودة، سواء عبر البحار أو الصحاري.

إن هؤلاء المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم هم ضحايا الأوضاع التي تعيشها بلدانهم من فقر ومخاطر على حياتهم جراء الصراعات والاضطرابات السياسية، أما البعد الثاني لهذه القضية فيكمن في وقوع المهاجرين ضحايا لشبكات التهريب التي تتاجر في مآسي الإنسانية. لكن المسئولية تقع أيضًا على المجتمع الدولي بسبب صمته إزاء ما يقع.

ولكن فظاعة ما حدث في الأيام الأخيرة من مآس حرك الجميع. من جهته، حذر المغرب من خطورة هذه الظاهرة والمآسي التي تتسبب فيها، وذلك عبر مبادرة جريئة قام بها جلالة الملك محمد السادس، نبه من خلالها إلى أن الهجرة ليست مسئولية بلد بمفرده وطالب بإيجاد مقاربة إقليمية وتدبير دولي لهذه القضية، لأن المسئولية عن معالجتها مشتركة، فهل يعقل أن تقف الأسرة الدولية متفرجة الآن على مآسي الهجرة المتفاقمة؟ لقد تأخر المجتمع الدولي كثيرًا كي يتحرك ويقول كفى!

*كيف تفسر تراجع ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر مضيق جبل طارق.. أي بين المغرب وإسبانيا وتفاقمها بين السواحل الليبية والإيطالية؟
ظاهرة الهجرة غير الشرعية ترتبط كثيرًا بمدى استقرار الأوضاع في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط بين المغرب وإسبانيا هنالك تعاون نموذجي وبفضله تم إنقاذ آلاف الأشخاص عبر حراسة ضفتي المنطقة الغربية للبحر الأبيض المتوسط، وملاحقة شبكات المهربين التي تتاجر في حياة البشر، أما ما يجري الآن على السواحل الليبية والإيطالية، فمردّه إلى حالة الاضطراب السائدة في ليبيا، ولدينا يقين بأن تحسن الأوضاع وعودة الاستقرار إلى هذا البلد سيساعد على تطويق مشكلة الهجرة، لأن مافيات التهريب تنتعش في ظل الأوضاع غير المستقرة.

*هل وضع المغرب كـ"شريك متميز" للاتحاد الأوروبي يساعده على انتهاج سياسة جديدة في مجال الهجرة غير الشرعية أم أنه يقوم بمبادراته منفردًا؟
سياسة الهجرة لا تقتصر على نطاق حدود المغرب، بل تمتد إلى المجال الإقليمي، لذلك نحن نشدد على المسئولية المشتركة والتعاون مع دول جنوب الصحراء الأفريقية ومع دول شمال البحر الأبيض المتوسط، إن المهاجرين غير الشرعيين الذين يتدفقون على المغرب بعشرات الآلاف ليس هدفهم الاستقرار في المغرب بل العبور إلى أوروبا، وخصوصًا فرنسا وألمانيا والدول الإسكندنافية وليس حتى إسبانيا أو إيطاليا، لقد وقعنا منذ أسبوعين مع الاتحاد الأوروبي على اتفاقية يحصل بموجبها المغرب في مرحلة أولى على مساعدات قيمتها عشرة ملايين يورو وهناك التزام قوي من المغرب.

*وكيف ستنفق هذه الأموال؟
تشمل تمويل برامج اجتماعية لإدماج المهاجرين الذين تمت تسوية أوضاعهم القانونية في المغرب، وضمنها مليونا يورو خاصة بتعليم أطفال المهاجرين، وتم تخصيص مبلغ مماثل للتغطية الصحية للمهاجرين، كما تم اعتماد ثلاثة ملايين يورو لتمويل برنامج للتأهيل المهني يستفيد منه 1500 مهاجر، وهنالك برنامج خاص لمساعدة 1500 امرأة مهاجرة يعشن ظروفًا صعبة، بالإضافة إلى دعم مباشر للإستراتيجية المغربية في مجال الهجرة.

*وهل توصلت في المحادثات مع المسئولين الألمان في برلين إلى نتائج ملموسة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية؟
كانت لدى محادثات مع سكرتيرة الدولة في وزارة الداخلية الألمانية، السيدة إميلي هابر، ومع الوزيرة المكلفة باللجوء والهجرة والاندماج، السيدة آيدان أوزوغيز، ومسئولين ألمان آخرين، وقد أكدنا خلال هذه اللقاءات، الدور الريادي الذي تلعبه ألمانيا في أوربا وأهمية دورها ومسئوليتها في التعامل مع ملف الهجرة، ونحن نعتبر أن دور ألمانيا أساسي في نجاح سياسة الهجرة التي ينتهجها المغرب، وفي إطارها قمنا بتسوية أوضاع 20 ألف مهاجر من أصل 28 ألفًا وفدوا إلى المغرب، خصوصًا من دول جنوب الصحراء، وستتم معالجة ملفات ثمانية آلاف أخرى في إطار لجنة الطعون التي يحق لطالبي اللجوء التقدم إليها لمراجعة قرارات رفضهم من قبل الحكومة، وهناك الجانب القانوني، الذي يشمل سن ثلاثة قوانين جديدة خاصة بالهجرة واللجوء ومكافحة الإتجار بالبشر، وهي قوانين قيد المناقشة في المؤسسات الدستورية ونأمل أن ترى هذه القوانين النور تباعًا خلال شهرين كأقصى تقدير.

*وما رأيكم في اقتراح ألمانيا إقامة مراكز استقبال لطالبي اللجوء في بلدان العبور لتفادي مجازفتهم بالهجرة غير الشرعية في مياه البحر الأبيض المتوسط؟
نحن نفضل الاعتماد على مقاربة استباقية لمعالجة الهجرة غير الشرعية، من خلال توفير بدائل للمهاجر كي يغير رأيه ويستقر في بلده، ويمكن تحقيق ذلك أولًا عبر تشخيص الدوافع التي تقف وراء فكرة الهجرة نحو أوروبا، والتي تتمثل في الفقر والاحتياج في بلده، وثانيًا بإنجاز مشاريع بسيطة يمكنها تغيير فكرة الهجرة لدى الشخص وتشجيعه على الاستقرار والعيش الكريم في بلده.

كما نعتقد أن المغرب يمكنه أن يقوم بدور أساسي كجسر للتعاون الثلاثي بين ألمانيا ودول جنوب الصحراء، التي تعتبر مصدرًا أساسيًا للهجرة، ومن جانبه، قام المغرب بخطوة تتجاوز مجرد فتح مراكز استقبال للمهاجرين، عبر تسوية أوضاع الآلاف منهم، لكن هذه الخطوة اتخذها المغرب سنة 2014 ولا يمكن أن تكون إلا استثنائية وقد انتهت، وعلى المدى الإستراتيجي، نعمل وفق منظور وقائي من أجل حماية حدودنا ومجتمعنا من أي تدفق للهجرة يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار بلدنا وتوازن مجتمعنا واقتصادنا.

*وماذا عن اللاجئين السوريين الذين توافدوا بكثافة في الفترة الأخيرة على المغرب؟
بالنسبة للسوريين، كانت هنالك طريقتنا، وهي إما الحصول على بطاقة لاجئ بالمغرب، أو تسوية أوضاعهم ضمن العملية الاستثنائية التي قام بها المغرب، وقد فضل القسم الأكبر منهم هذه الأخيرة كي يحصل على وثيقة إقامة بالمغرب، وقد تمت تسوية وضعية إقامة أكثر من ثلاثة آلاف سوري بالمغرب.

*وهل هناك تنسيق بين المغرب والجزائر لمكافحة الهجرة غير الشرعية في ظل تسلل آلاف المهاجرين عبر الحدود المغلقة بين البلدين (منذ 20 عامًا)؟
من الطبيعي أن يكون هناك تنسيق.. ومن جانبه، اتخذ المغرب كل التدابير والاحتياطات الأمنية لحماية حدوده من هذا التدفق.

*وما ردكم على انتقادات منظمات حقوقية لإساءة معاملة المهاجرين غير الشرعيين من قبل رجال الشرطة في المغرب وعمليات ترحيل عشوائية؟
الجهود التي يقوم بها المغرب ومختلف مصالحه الأمنية هي جهود استثنائية، وفيما يتعلق بالملاحظات التي طرحت حول مواجهة عمليات تسلل المهاجرين عبر الحواجز التي تفصل المغرب عن مدينتي مليلية وسبته المحتلتين، فقد قدمت وزارة الداخلية المغربية أفلامًا موثقة تبين الظروف الصعبة التي يقوم فيها رجال الأمن بواجبهم في حماية الحدود، والمغرب يعتمد في المقام الأول على مقاربة إنسانية لمعالجة مسألة الهجرة، ويعتمد على سلوك ميداني إنساني إلى أبعد الحدود وجهود كبيرة، وقد تحدث بعض التصرفات الفردية والمنعزلة وهذا أمر وارد في كل البلدان، ولكن ما يقوم به المغرب استثنائي بكل المعايير.

*عندما تقول قد تحدث ممارسات منعزلة.. هل تتخذ السلطات المختصة تدابير لمحاسبة المتسببين فيها؟
المغرب هو دولة حق وقانون، وفيه يخضع الجميع للقانون، وكل من ارتكب تجاوزات يطبق فيها القانون.

*حتى على رجال الشرطة؟
يطبق القانون على الجميع، حتى ولو تعلق الأمر برجال الشرطة.

*اشتكت منظمات غير حكومية في المغرب من ظاهرة جديدة في البلاد تتمثل في ممارسات عنصرية ضد المهاجرين الأفارقة.. كيف تفسر ذلك وما أسبابها؟
المغرب دولة لها تاريخ عريق وشعبها يتألف من مهاجرين، بعضهم أتوا من الأندلس وآخرون أتوا من السودان وبعضهم وفدوا من الحجاز واليمن، وتكمن قوة المغرب في تنوعه وفي القيم والدين الإسلامي الذي يجمع أفراد شعبه، وهذا يجعل ثقافته قائمة على الترحيب بالآخر ومساعدته، ولاشك أن هناك بعض التصرفات الفردية المنعزلة وهذا يحدث في مختلف المجتمعات، ولكنها لا تعكس أبدًا الثقافة السائدة في البلد، فالمغرب ليست دولة عنصرية، بل هي دولة تسامح وتنفتح وتحترم الآخر.
Advertisements
الجريدة الرسمية