رئيس التحرير
عصام كامل

حجابي وأنا حرة فيه



نساء مصر - وأنا واحدة منهن- ربما يكُن غير متبحرات في علوم الفقه والشريعة، وربما الكثيرات منهن لا يمتلكن ناصية البيان والتعمق في تفسير القرآن، وليس لديهن إطلاع كامل على ما جاء في السنة النبوية الشريفة والسير وكتب الأئمة والتراث لكنهن يمتلكن الحد الكافي من المعرفة التي تبين لهن الفرق بين الحلال والحرام، والمعلومات التي تساعدهن على أداء الفروض والعبادات والطاعات وتجنب المعاصي والنواهي والمحظورات كما يمتلكن العقل للتدبر والتفكر وفرز الغث من السمين فيما يقال ويُطرح من قضايا تمسهن وما يتعلق بعقيدتهن من فتاوى بير السلم التي نغصت عليهن حياتهن وجعلت منهن مادة ثرية ووجبة دسمة لشيوخ الفضائيات ولأن نساءنا لديهن فطرة سليمة فهن يستفتين قلوبهن في أمور الدين لذا تجدهن أكثر حرصًا على إتباع ما وقر في قلوبهن من تعاليم الإسلام السمحة بعيدًا عن ما يبثه تجار الدين من مفاهيم خاطئة ما أنزل الله بها من سلطان.


نساؤنا يمتلكن أيضًا القدرة على اتخاذ القرار وهن لسنا في حاجة لمن يقرر عنهن ماذا يفعلن وماذا يلبسن؟؟! أيلبسن الحجاب والنقاب كما يُريد أصحاب الغلو والتشدد أم يخلعن الحجاب كما يدعو أصحاب التمدين والتحرر؟! وما يدور من حروب إعلامية طاحنة وتراشق عبر الفضائيات بين الفريقين، وكل فريق ينادي بما يعتقد ويحاول الانتصار لرأيه وإخضاع المرأة عنوة لوجهة نظره، فـالفريق الأول يستخدم الدين للترهيب بعقاب النار في الآخرة للسافرات ومن ستتخلي عن الحجاب والفريق الآخر يسعي للترغيب عن طريق العزف على وتر الحداثة والحريات وكلا الفريقين تجاهل عن عمد أن«المرأة» إنسان كامل الأهلية له حرية الاختيار والاعتقاد ووحدها صاحبة الاختيار فـالله قد منحها العقل لتكون مسئولة عن اختياراتها وتحمل تبعاته ذلك ولا لأحد سلطان عليها سوي نفسها وما تراه متوافقا مع ما تعتقد وتؤمن به وليس من حق أحد أن يفرض عليها شيئًا يتعارض مع اتجاهاتها وأسلوب حياتها أو ينظر لها نظرة استهجان لأنها ترتدي الحجاب أو لا ترتدي!!.

التدين الظاهري الذي ارتبط بـ «اللحى، الجلباب، النقاب، الحجاب» قضية أخذت أكثر من حجمها وشغلت علماء الأمة قرونًا طويلة وكان الأولى بهم أن ينشغلوا بقضايا جوهرية ذات نفع للوطن والمواطن، فلو كرس علماء الدين ربع ما بذلوه من جهد في قضايا الحجاب والمرأة لمناقشة وحل قضايا الفساد والرشوة والتعليم والصحة وتحسين مستوي الإنسان اجتماعيًا وسلوكيًا لأصبحت البلاد الإسلامية في مقدمة الدول الكبرى لكن للأسف لازلنا منشغلين بتوافه الأمور من فتاوي النصف الأسفل من الجسد والقضايا الجدلية العقيمة التي جعلت أقدامنا مغلولة في الأصفاد فـبتنا عاجزين عن أن نخطو نحو المستقبل في الوقت الذي نري فيه العالم يخطو بكل ثقة وثبات نحو الرقي والتقدم.

العبادة علاقة بين العبد والرب لا تحتاج إلى وسيط ممن نصبوا أنفسهم حراسا للعقيدة ولا منح المولي عز وجل صكا لأحد من بني الإنسان ليكون متحدثًا رسميًا باسم السماء ولم يهب علمه لـ بشر ليعرف من سيفوز بالجنة ومن سيقبع في الدرك الأسفل من النار، نعم الحجاب فريضة إسلامية لكن ربما امرأة غير محجبة أفضل عند الله بعملها وسلوكها وأخلاقها من أخرى محجبة والعكس لأن الله سبحانه وتعالي هو فقط الذي بيده الحساب وتقرير مصير العباد وهو العالم بالنيات وبمن يستحق أن يكون خالدًا في الفردوس ومن يستحق العذاب وبئس المهاد.

ليت أصحاب دعوة خلع أو ارتداء الحجاب يتركون هذا العبث الذي خلق حاله من اللغط داخل المجتمع ويرفعون يد الوصايا عن النساء ولو كان عرق المليونيات «ملتهب وناقح!!!» عليهم فليدعوا لمليونية لاحترام الذات والارتقاء بالمجتمع وترك الخلق للخالق
وعدم التدخل في شأن الآخر أو يدعون لمليونية للعمل والإنتاج والمحافظة على أمن وسلامة البلاد.
awaad99@gmail.com
الجريدة الرسمية