رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السبكي وزيرًا للتربية والتعليم !


أمر طبيعي...عندما تخلينا عن التربية، وأصبح مسمى الوزارة إعلاميًّا ومجتمعيًّا وسياسيًّا وزارة التعليم، وأصبحنا نطلق على وزيرها وزير التعليم، ومن حينها ونحن ننحدر أخلاقيًّا وتعليميًّا، وبما أننا بلا مصطلح تربية وتعليم فيحق لنا أن نقول إننا أصبحنا كمن رقصت على السلم، فلم يشاهدها مَن فوق، ولم يشاهدها مَن تحت، والأدهى والأمرّ أنه حتى هذا المثل تبدّل اليوم، وأصبحت الراقصة ترقص وسط الطلبة والطالبات، وبتكليف من المدرسة نفسها، وهذا ما حدث منذ أيام في حفل تخرج طلبة الثانوية العامة بإحدى المدارس الخاصة الشهيرة! بما يعنى أنه لو وُجِد في المدرسة حمام سباحة ممكن المدير ينزل مع الطلبة والطالبات حصة (سويمنج)!


إن الدستور أقرّ بأن التعليم حق لجميع المواطنين، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، ومفاهيم المواطنة، والتسامح، وعدم التمييز، وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.

هكذا غاب مصطلح التربية تمامًا! وأصبح عالم البيزنس هو السلطة وغرفة التحكم، وانشغلت الدولة بما يمكن إصلاحه فيما بعد، وأهملت ما لا يمكن إصلاحه أبدًا مستقبلًا، ألا وهو عقول أبنائنا ومستقبل وطننا الحقيقي! وتركت المدارس العامة والخاصة كلا يعمل في تعليمه ما يشتهي؛ فكانت مدارس الإخوان – على سبيل المثال – متروكة تمامًا في عهد مبارك دون رقابة أو إشراف حقيقي من الدولة، والبركة في (الأوبيج)؛ فتخرجت أجيال لا تؤدي تحية العلم! أي أنها لا تعرف أسس الولاء للوطن، وهؤلاء هم من يسيرون الآن مع غيرهم في مظاهرات إرهابية تحرق وتدمّر، إن هؤلاء صنعتهم الجماعة الإرهابية بعدما أخوت عقولهم، ونفس الخطأ نقع فيه حتى الآن!

غاب إشراف الدولة الفعّال على المدارس الخاصة، وأصبح بعض أصحابها يمارسون الإرهاب الفكري والمالي على الطلبة وأولياء الأمور، وتغلل عالم البيزنس داخل محاريب الفكر والعلم، وتحوّل الأمر إلى أصحاب الملاهي الليلية، ومتعهدي الحفلات – مثلما حدث في كثير من حفلات شم النسيم هذا العام – حيث يتفق متعهد الحفلة مع بعض الطلبة المؤثرين داخل مدارسهم؛ ليعلنوا عن حفلة راقصة في أحد الفنادق، ويكون الربح بعد بيع التذاكر مناصفة بين المتعهد وهؤلاء الطلبة المتزعمين هذا الأمر، ويتجاوز الربح عشرات الآلاف!

اهتم الدستور في مواد التعليم بالشخصية المصرية دون تعريفها! واهتم بالحفاظ على الهوية الوطنية دون تحديدها! واهتم بترسيخ القيم الحضارية والروحية دون ذكره القيم المجتمعية! ولكن كل هذه الاهتمامات دون وضعها في وعائها التربوي فلا قيمة لها مطلقًا، ولتأتي الراقصة – فيما بعد – إلى مسرح المدرسة، ولا مانع لو أرسلنا لجنة (تنقط)، وتعلن عن برنامجها التعليمي على واحدة ونص، وبهذا نضمن أعلى نسبة حضور في المدارس، إلا أن المصيبة لو رقصت الراقصة بعلم مصر، أمّا أن يرقص أصحاب المدارس والراقصة بعقول أبناء مصر فلا مانع!

وكما يقول حافظ إبراهيم:
لا تحسـبنَّ العـلمَ ينفـعُ وحدَه *** مـا لـم يتـوَّج ربُّـه بخــَلاقِ
بالمناسبة: هل اتخذت الدولة إجراءً ضد هذه المدرسة، أم نأتي بسبكي جديد وزيرًا للتعليم بلا تربية؟
Advertisements
الجريدة الرسمية