رئيس التحرير
عصام كامل

فتاة تفضح صديقتها في عربة مترو المرج


في كثير من الأحيان، تضطرك طول المسافة أن تصغى السمع لحكايات ركاب عربات المترو، هؤلا الذين يكونون خليطا من الشباب والشيوخ والنساء المتصابيات وفتيات في مقتبل العمر، فما بين متصفح للجرائد التي أصبحت تضج بأخبار الإرهاب وحروب الراقصات ومابين مستمع إلى الأغانى وآخرين يريدون استغلال الرحلة في اكتساب الحسنات وقراءة المصحف، تسير عربات مترو المرج، في رحلة مليئة بالحكايات تحت باطن الأرض.


فجأة.. دخلت فتاتان عربة المترو، كان صوتهما العالى وضحكاتهما "اللعوب" سببا مباشرا في لفت أنظار ركاب المترو إليهما، جلسا على إحدى المقاعد الخالية، وظن الجميع أنهما سيصمتان طيلة المسافة المتبقية من الرحلة.

لكن إحدى الفتاتين بدأت في وصلة حديث ساخر من صديقتها، كان صوتها مسموعا، ضحكاتها المتقطعة المجلجلة جعلت كل الركاب ينظرون إليها باشمئزاز وضيق، كانت الفتاة تدرك نظرات ركاب المترو إليها، لكنها لم تكن تهتم بتلك النظرات التي كانت مثل "السهام الطائشة"، فاستمرت في حديثها قائلة لصديقتها:

-إنت هتتجوزى ضابط وتغيظينى.. انتى بتعشقى النسر والدبورة والكاب.. قولى متتكسفيش؟

كانت الفتاة الأخرى، يبدو عليها أنها أقل تحررا من صديقتها التي تسير على منهج "إللى إختشوا ماتوا"، حاولت أن تجعل صديقتها تكف عن "حديثها سيئ السمعة"، لكنها لم تفلح.

في حركة غادرة "صفعت" الفتاة المتحررة زميلتها قائلة:
إحكيلى إمبارح عملتى إيه مع الكابتن.. إنتوا اتفسحتوا من غيرى يا جزمة.. كنتى عايزة تستفردى بيه.. صح؟

لكن الفتاة الأخرى كان يبدو عليها أنها بدأت تضيق ذرعا من صديقتها اللعوب، خاصة أنها لاحظت أن كل الركاب تركوا كل ما يفعلونه، وتفرغوا لمتابعة كلام صديقتها الذي يبدو أنه حرك كل الشهوات الحيوانية في أجسادهم.

-كفاياكى هزار.. حرام عليكى.. الناس كلها بتبص علينا.. فضحتينى.. ربنا يسامحك.

لم يكن كلام الفتاة "رادعا كافيا" لحديث صديقتها سيئة السمعة والتي "جلجلت" بضحكة ساخرة متنغمة، جعلت أحد الركاب الملتحين "يلعن" بصوت مسموع كل من على شاكلة هذه الفتاة التي أضاعت حسنات رحلة المترو.

-إنت بتتهربى من الإجابة وعاملة نفسك متدينة.. دانتوا شكلكم إمبارح خربتوها.. والصورة إللى وريتيها ليا على موبايلك تقول إنك كدابة.. أه منك.. ياما تحت الساهى دواهى.

كان كلام الفتاة الأخير سببا مباشرا ليضرب بعض الركاب كفا على كف، بينما قال آخر بصوت مسموع: أدى آخرة الفرجة على المسلسلات التركى، بينما بدأت بعض السيدات اللاتى كن في عربة المترو يحرجن من حديث الفتاة الذي أساء إليهن.

-إنتى هتخوفينا علشان هتتجوزى ضابط.. فاكرة يعنى إن اللى هتعاكسك وتضايقك هتوصى عليها خطيبك يديها "وصلة تعذيب" في التخشيبة، طيب قوليلى عملتوا إيه لما كنتوا لوحديكم؟

هكذا خاطبت الفتاة اللعوب صديقتها التي يبدو أنها "جابت آخرها"، فانتفضت من على المقعد وحاولت النزول في محطة غير التي كانت متجهة إليها، لكن الفتاة اللعوب أمسكتها من ذراعها، وجذبتها ثانية قائلة:

-مالك رايحة فين.. إنتى إتكسفتى من كلامى.. وبعدين هو حد مشاركنا.. طظ في كل الناس.

كانت عبارة الفتاة الأخيرة مثل "الكرباج" الذي نزل فجأة على جسم الركاب، حاول بعضهم الحديث إلى الفتاة ليبين لها أن ما تفعله خطأ يسئ إليها، ولكنه خاف من مواجهته "بوصلة ردح " من الفتاة، لن يستطيع وقتها صدها، فابتلع كلماته الغاضبة في بطنه وانتظر ليرى نهاية القصة.

لكن حدث شئ، قلب الأمور رأسا على عقب، بدأت الفتاة اللعوب تبكى بشدة حتى كادت تغرق في دموعها، ثم وقفت وسط العربة قائلة:

-إيه مالكم.. مستكترين علينا نهزر شوية..أعمل إيه.. أنا الديون كسرت على.. وممكن أتسجن بكرة.. لو مطلعتش إللى جوايا.. هموت من الكتمة.. ربنا عالم بحالتى البؤس.

كانت كلمات الفتاة المصحوبة ببكاء شديد، سببا في تعاطف بعض الركاب معها، بينما حاولت صديقتها أن تهدئ من حالتها الغاضبة، حضنتها وسط عربة المترو وبدأت هي الأخرى في البكاء، وقالت لها ربنا كريم.

إحدى السيدات الواقفات بجانب الفتاةـ قالت لها:

-متزعليش يا بنتى.. كلنا علينا ديون.. لكن ربك كريم وبيسويها.. إن شاء الله خير.

جلست الفتاتان على المقعد، بينما انشغل كل راكب بما كان يفعله قبل أن تدخل الفتاتان.. حتى عم عربة المترو صمت القبور الموحش.
الجريدة الرسمية